ليتني ما غامرت بالإتصال بصديقة قديمة، لم تغادر البصرة إلا عبر زيارات قصيرة متباعدة لدول اوروبية، حين كانت السيدة في عنفوان: الشباب والصحة والتدرج الوظيفي والراتب المضمون.
جاء صوتها ضعيفا، راعفا بالخيبة والخذلان… بادرتني قبل رد التحية المعتادة:
— خبريني،، هل تشعرين بمحنة الغربة تكوي ضلوعك، ويسحقك الإحساس بالإغتراب؟؟
حيرني سؤالها المباغت، ولم تسعفني لغتي بالعثور على جواب ناجز، حسبتها ملطوعة على حدود بلد ما،، حسبتها غادرت العراق مع من غادروا هربا من لظى الحاجةوواللاأمان،،، نحو المجهول.
سألتها مشفقة: —آين انت الآن؟ على حدود المانيا؟ فرنسا؟ السويد؟ بريطانيا؟
قاطعتني وصوتها محشور باللوم …
— لم اغادر العراق. ولن اغادره.. رغم إني سقيت من كأس الغربة في بلدي حتى غصصت، وإرتضيت إرتداء بردته المرقعة وآنا قابعة في عقر وطني او في قعره…. هل ثمة فارق؟؟
قلت مواسية: — كفى الله الشر!!!
ردت بحنق وغضب: - اي من الشرور كفى؟ هل أصابك مثلهم، داء البطر؟ أعيش الكفاف بعد يسر العيش، هل جربت عيش الكفاف؟؟ مدقعة الفقر أنا، والفقر في الوطن غربة بعد بيع ماكان لدي من متاع ومصوغات، مريضة بالربو.. وقد ثقلت علي كشفية الطبيب وغلاء الدواء، محتاجة لأمان ووفاء، والحاجة — تدرين — مذلة،، لا أقوى علئ عمل بعد ان بلغت السبعين، والشيبة عيبة في بلدي.
راتب تقاعدي جزل؟؟ ههههههه. اتمزحين؟
راتب رعاية إجتماعية لكبار السن؟؟ السؤال سباب قاذع، والجواب شتيمة ….
………
— صديقتي الأثيرة،، هل أبعث لك بما يتيسر لدي؟؟
— لا تنكأي في روحي جروحا فاغرة،، انا لا أستجدي مالا ولا أتسول عطفا.. لكني اسألك ان ترفعي صوتي والكثير من المتعففين أمثالي، عبر منبر المدى، وتطالبي بحقوق مضيعة. لمن أهدروا سنوات عمرهم. عطاءً وبذلاً، وما لقوا من أوطانهم إلا العقوق والتجاهل والنكران.
العيش في الوطن غربة؟!
[post-views]
نشر في: 15 نوفمبر, 2015: 09:01 م