لا يمكننا التنصل من مسؤوليتنا عن الهجوم الإرهابي المروّع الجديد الذي ضرب العاصمة الفرنسية باريس أخيراً .. ولا يمكننا النأي بأنفسنا، نحن العرب والمسلمين، عن دورنا المباشر وعلاقتنا القوية بشتى الأعمال الإرهابية التي تجتاج دول العالم، وفي مقدمها بلداننا، منذ عقدين من الزمن وأكثر.
في المدرسة الابتدائية ثم المتوسطة فالثانوية وحتى في الجامعة، ألحّوا في درس الديانة وفي درس التاريخ على تعليمنا أننا الأمة الأخْيَر والأفضل والأعظم، وأننا الدين الحق والجماعة الصحيحة والفرقة الناجية، فيما سوانا أمم باطلة وكافرة مكانها جهنم ومصيرها النار، دمها مهدور ومالها حلال علينا ونساؤهم مباحة لنا. كان الدرس يستشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وقدسية مقصية عن ظروفها التاريخية، ليبدو لنا الحكم باتاً قاطعاً وواجب التنفيذ في كل مكان وزمان، إلى يوم الدين! .. كان عقاب العصا قاسياً إن نسي الواحد منا كلمة أو زلّ لسانه بحرف من تلك الآيات.
الجامع والمسجد والحسينية كانت جميعاً تتمم لنا "مكارم الأخلاق" المدرسية، بالشحن ضد أتباع الديانات الأخرى، بل حتى ضد أتباع المذاهب المختلفة، فهم خوارج وروافض ونواصب ومنحرفون ومرتدون.
أولادنا وأحفادنا يتلقون اليوم في مدارسهم وجامعاتهم ومن الجوامع والمساجد والحسينيات جرعات أكبر وأقوى من هذا المصل الديني المذهبي، الفتّاك نفسياً وعقلياً، تعززها قنوات التلفزيون ومحطات الإذاعة الدينية الطائفية الشغّالة على مدار 24 ساعة في اليوم والمرصودة لها الميزانيات على حساب المدارس والمستشفيات... أولادنا وأحفادنا موضوعون اليوم في حال حرب عالمية ثالثة مقدسة ضد الآخرين جميعاً من أي دين ومذهب كانوا أو قومية.
في هذه البيئة وُلدت الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تسمّدت بالفقر والبطالة والتهميش ومصادرة الحقوق الإنسانية والحريات العامة والخاصة وانتهاك الكرامة التي جرت جميعاً باسم القومية مرة وباسم الدين والمذهب مرة أخرى.
ليس في وسعنا الإفلات من مسؤوليتنا عن الإرهاب .. لن يغنينا في شيء البحث عن ذرائع .. نحتاج إلى الاعتراف أولاً لنطلب المغفرة من أنفسنا ومن الغير ونقوّم سلوكنا بعد ذلك، وما من تقويم للسلوك من دون مراجعة شاملة وتعديل جذري لمناهج التعليم من الابتدائي إلى الجامعي، وما من مغفرة من دون تهذيب للدين المعروض في المناهج الدراسية وفي الجوامع والمساجد والحسينيات والمقدّم عبر قنوات التلفزيون ومحطات الإذاعة، فهذا الدين ليس سمحاً ولا هو بدين السلام والوئام والتكافل والتراحم .. الدين في مدارسنا وجامعاتنا وفي الجوامع والمساجد والحسينيات والإذاعات والتلفزيونات دين متوحّش يحضّ على قطع الرقاب وسفك الدماء ويحرّض على السلب والنهب والسبي والاغتصاب .. أما الدين الآخر الذي يدّعي بعضنا أنه الدين الحق فلا وجود له في حياتنا، أو في أحسن الأحوال صوته خافت لا يكاد أن يسمعه أحد، وبخاصة من الأجيال الجديدة المحرومة والمهمّشة والمنتهكة إنسانيتها بالفقر والحرمان والقهر .. وبالتعاليم والفتاوى الدينية المسعورة.
إنه إرهابنا.. ونحن المسؤولون!
[post-views]
نشر في: 15 نوفمبر, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 6
كاظم مصطفى
الغلبه اليوم ومن قرون للدين الارضي بعد ان ركن الدين السماوي (القرأن الكريم) عللا الرفوف . الدين الارضي هذا كتبه البشر في كتب التراث ولهم منزلة قدسيه تجدهافي المساجد والحسينيات وفي المناهج المدرسيه الفقهاء الاقدمون اخترعوا لنا جهاد الطلب اي ان تطلب المخا
ياسين عبد الحافظ
د صور جديدة من العالم الجديد تعرض لاول مرة،،،،،،،، 1 .المانيا واوروبا تفتح متطوعة ابوابها امام نازحين من سوريا ،العراق ،،افغانستان وباكستان 2 فرنسيون يغيبون عن مؤتمرا عالميا (انتاليا)بعد ان اطفاؤا اضواء برج ايفل بسبب الارهاب ! 3 ريءيس وزراء بريطاني يخطب
ابراهيم الشمري
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم.. أستاذ عدنان هل نسيت جرائمهم تجاهنا؟ انا لا أقف مع الجرائم التي حدثت في باريس لكن هل من الصحيح ان فرنسا لحد الآن لا تقبل ان تعتذر عن جرائمها في الجزائر ؟مثلما ندين جرائم الارهاب علينا ان ندين جرائم الدول الارهابية
كاظم مصطفى
الغلبه اليوم ومن قرون للدين الارضي بعد ان ركن الدين السماوي (القرأن الكريم) عللا الرفوف . الدين الارضي هذا كتبه البشر في كتب التراث ولهم منزلة قدسيه تجدهافي المساجد والحسينيات وفي المناهج المدرسيه الفقهاء الاقدمون اخترعوا لنا جهاد الطلب اي ان تطلب المخا
ياسين عبد الحافظ
د صور جديدة من العالم الجديد تعرض لاول مرة،،،،،،،، 1 .المانيا واوروبا تفتح متطوعة ابوابها امام نازحين من سوريا ،العراق ،،افغانستان وباكستان 2 فرنسيون يغيبون عن مؤتمرا عالميا (انتاليا)بعد ان اطفاؤا اضواء برج ايفل بسبب الارهاب ! 3 ريءيس وزراء بريطاني يخطب
ابراهيم الشمري
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم.. أستاذ عدنان هل نسيت جرائمهم تجاهنا؟ انا لا أقف مع الجرائم التي حدثت في باريس لكن هل من الصحيح ان فرنسا لحد الآن لا تقبل ان تعتذر عن جرائمها في الجزائر ؟مثلما ندين جرائم الارهاب علينا ان ندين جرائم الدول الارهابية