اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إنه إرهابنا.. ونحن المسؤولون!

إنه إرهابنا.. ونحن المسؤولون!

نشر في: 15 نوفمبر, 2015: 09:01 م

لا يمكننا التنصل من مسؤوليتنا عن الهجوم الإرهابي المروّع الجديد الذي ضرب العاصمة الفرنسية باريس أخيراً .. ولا يمكننا النأي بأنفسنا، نحن العرب والمسلمين، عن دورنا المباشر وعلاقتنا القوية بشتى الأعمال الإرهابية التي تجتاج دول العالم، وفي مقدمها بلداننا، منذ عقدين من الزمن وأكثر.
في المدرسة الابتدائية ثم المتوسطة فالثانوية وحتى في الجامعة، ألحّوا في درس الديانة وفي درس التاريخ على تعليمنا أننا الأمة الأخْيَر والأفضل والأعظم، وأننا الدين الحق والجماعة الصحيحة والفرقة الناجية، فيما سوانا أمم باطلة وكافرة مكانها جهنم ومصيرها النار، دمها مهدور ومالها حلال علينا ونساؤهم مباحة لنا. كان الدرس يستشهد بآيات قرآنية وأحاديث نبوية وقدسية مقصية عن ظروفها التاريخية، ليبدو لنا الحكم باتاً قاطعاً وواجب التنفيذ في كل مكان وزمان، إلى يوم الدين! .. كان عقاب العصا قاسياً إن نسي الواحد منا كلمة أو زلّ لسانه بحرف من تلك الآيات.
الجامع والمسجد والحسينية كانت جميعاً تتمم لنا "مكارم الأخلاق" المدرسية، بالشحن ضد أتباع الديانات الأخرى، بل حتى ضد أتباع المذاهب المختلفة، فهم خوارج وروافض ونواصب ومنحرفون ومرتدون.
أولادنا وأحفادنا يتلقون اليوم في مدارسهم وجامعاتهم ومن الجوامع والمساجد والحسينيات جرعات أكبر وأقوى من هذا المصل الديني المذهبي، الفتّاك نفسياً وعقلياً، تعززها قنوات التلفزيون ومحطات الإذاعة الدينية الطائفية الشغّالة على مدار 24 ساعة في اليوم والمرصودة لها الميزانيات على حساب المدارس والمستشفيات... أولادنا وأحفادنا موضوعون اليوم في حال حرب عالمية ثالثة مقدسة ضد الآخرين جميعاً من أي دين ومذهب كانوا أو قومية.
في هذه البيئة وُلدت الجماعات الإسلامية المتطرفة التي تسمّدت بالفقر والبطالة والتهميش ومصادرة الحقوق الإنسانية والحريات العامة والخاصة وانتهاك الكرامة التي جرت جميعاً باسم القومية مرة وباسم الدين والمذهب مرة أخرى.
ليس في وسعنا الإفلات من مسؤوليتنا عن الإرهاب .. لن يغنينا في شيء البحث عن ذرائع .. نحتاج إلى الاعتراف أولاً لنطلب المغفرة من أنفسنا ومن الغير ونقوّم سلوكنا بعد ذلك، وما من تقويم للسلوك من دون مراجعة شاملة وتعديل جذري لمناهج التعليم من الابتدائي إلى الجامعي، وما من مغفرة من دون تهذيب للدين المعروض في المناهج الدراسية وفي الجوامع والمساجد والحسينيات والمقدّم عبر قنوات التلفزيون ومحطات الإذاعة، فهذا الدين ليس سمحاً ولا هو بدين السلام والوئام والتكافل والتراحم .. الدين في مدارسنا وجامعاتنا وفي الجوامع والمساجد والحسينيات والإذاعات والتلفزيونات دين متوحّش يحضّ على قطع الرقاب وسفك الدماء ويحرّض على السلب والنهب والسبي والاغتصاب .. أما الدين الآخر الذي يدّعي بعضنا أنه الدين الحق فلا وجود له في حياتنا، أو في أحسن الأحوال صوته خافت لا يكاد أن يسمعه أحد، وبخاصة من الأجيال الجديدة المحرومة والمهمّشة والمنتهكة إنسانيتها بالفقر والحرمان والقهر .. وبالتعاليم والفتاوى الدينية المسعورة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 6

  1. كاظم مصطفى

    الغلبه اليوم ومن قرون للدين الارضي بعد ان ركن الدين السماوي (القرأن الكريم) عللا الرفوف . الدين الارضي هذا كتبه البشر في كتب التراث ولهم منزلة قدسيه تجدهافي المساجد والحسينيات وفي المناهج المدرسيه الفقهاء الاقدمون اخترعوا لنا جهاد الطلب اي ان تطلب المخا

  2. ياسين عبد الحافظ

    د صور جديدة من العالم الجديد تعرض لاول مرة،،،،،،،، 1 .المانيا واوروبا تفتح متطوعة ابوابها امام نازحين من سوريا ،العراق ،،افغانستان وباكستان 2 فرنسيون يغيبون عن مؤتمرا عالميا (انتاليا)بعد ان اطفاؤا اضواء برج ايفل بسبب الارهاب ! 3 ريءيس وزراء بريطاني يخطب

  3. ابراهيم الشمري

    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم.. أستاذ عدنان هل نسيت جرائمهم تجاهنا؟ انا لا أقف مع الجرائم التي حدثت في باريس لكن هل من الصحيح ان فرنسا لحد الآن لا تقبل ان تعتذر عن جرائمها في الجزائر ؟مثلما ندين جرائم الارهاب علينا ان ندين جرائم الدول الارهابية

  4. كاظم مصطفى

    الغلبه اليوم ومن قرون للدين الارضي بعد ان ركن الدين السماوي (القرأن الكريم) عللا الرفوف . الدين الارضي هذا كتبه البشر في كتب التراث ولهم منزلة قدسيه تجدهافي المساجد والحسينيات وفي المناهج المدرسيه الفقهاء الاقدمون اخترعوا لنا جهاد الطلب اي ان تطلب المخا

  5. ياسين عبد الحافظ

    د صور جديدة من العالم الجديد تعرض لاول مرة،،،،،،،، 1 .المانيا واوروبا تفتح متطوعة ابوابها امام نازحين من سوريا ،العراق ،،افغانستان وباكستان 2 فرنسيون يغيبون عن مؤتمرا عالميا (انتاليا)بعد ان اطفاؤا اضواء برج ايفل بسبب الارهاب ! 3 ريءيس وزراء بريطاني يخطب

  6. ابراهيم الشمري

    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم.. أستاذ عدنان هل نسيت جرائمهم تجاهنا؟ انا لا أقف مع الجرائم التي حدثت في باريس لكن هل من الصحيح ان فرنسا لحد الآن لا تقبل ان تعتذر عن جرائمها في الجزائر ؟مثلما ندين جرائم الارهاب علينا ان ندين جرائم الدول الارهابية

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram