حازم مبيضين قبيل قبوله دعوة بعض الاحزاب للترشح لرئاسة الجمهورية السودانية مجدداً، وتعهده أمام قيادات الأحزاب التي رشحته، بإكمال ما قال إنه مشروعات السلام والتنمية وتقسيم السلطة والثروة بشكل عادل، وبأن يكون رئيسا لكل أهل السودان، تقاعد عمر البشير من منصب القائد العام للقوات المسلحة ً،
دون أن يحدد من سيخلفه في منصبه العسكري، الذي ظل يشغله حوالي العشرين عاما، وقيل إن القرار جاء رضوخاً لقانون الأحزاب السياسية الذي يمنع ترشح أي عسكري لمنصب الرئاسة، كما قيل إن البشير يحاول أن ينأى بنفسه عن ماضيه العسكري، وأن يمكن قراءة القرار وتوقيته في سياق ترشيحه في انتخابات الرئاسة، وإنه مجرد إجراء.معارضو البشير، وهم كثر، يقللون من أهمية هذه الخطوة باعتبار أنه فوض فعلياً الكثير من مهام هذا المنصب الى وزير دفاعه، وأن ابتعاده عن منصب القيادة لن يبعده عن التأثير فيه اعتماداً على أنصاره المقربين، والكثيرين من الموالين له بشدة، حتى انه سيكتفي بمجرد تعيين واحد منهم قائدا للجيش ولن يغير ذلك من الوضع كثيراً.الواضح أن البشير الذي اصدرت المحكمة الجنائية الدولية العام الماضي أمراً باعتقاله بتهمة ارتكابه جرائم حرب في دارفور، يحاول الفرار من ذلك بالتنصل من صفته العسكرية فيما يسعى حزبه لاضفاء وضع شرعي عليه وعلى حكومته، في الوقت الذي يرفض فيه أي تعاون مع الجنائية الدولية وتصويره أمر الاعتقال على انه مؤامرة غربية لزعزعة الاستقرار، وكأن الحكم في السودان مستقر مع تمرد الجنوب والحرب في دارفور.أحزاب المعارضة تتهم الحزب الحاكم بشراء الاصوات والتخويف والتزوير على نطاق واسع في عملية تسجيل الناخبين، ومستشار البشير الامني يحذر سلفاً من خطر نشوب عنف منظم في محاولة لافساد العملية الانتخابية ولا سيما في منطقتي ابيي وجنوب كردفان، ويحذر من ان ولايتي جنوب كردفان وابيي قد تتضرران بشدة.ما يجري في السودان اليوم يستدعي إلى الذاكرة نقطة مضيئة في تاريخ ذلك البلد عنوانها المشير عبد الرحمن سوار الذهب، ولمن لايعرفه أو يتذكره نشير إلى أن الرجل قاد انقلاباً عسكرياً كان ضرورياً جداً للحفاظ على البلد، ووعد بالبقاء في منصب الرئاسة سنة واحدة يجري فيها الاعداد للانتخابات، وبمجرد انقضاء العام أعلن الرجل أنه سيتنحى عن منصبه ويترك للشعب أن يختار قيادته، ورغم تمسك السودانيين به، وتوسل بعض السياسيين له للبقاء في موقعه، أصر على الانتخابات والانسحاب من الحياة السياسية والموقع العسكري، وهذا ما كان.صحيح أنه فقد امتيازات الموقعين، لكنه احتل في قلوب شعبه الموقع الأسمى والأبقى، وظل له موقع الشريف في قلوب العرب الذين عرفوه أو التقوا به، وكان لخطوته تلك أن منحته الحق في التجول سيراً على الاقدام في أكثر من مدينة عربية، دون خوف التعرض للاغتيال من المعارضين، فأين السودان اليوم، بل وأين كل عالمنا العربي من رجل مثل سوار الذهب، " الله يمسيه بالخير " حياً أو انتقل إلى الرفيق الاعلى.
خارج الحدود: البشير وسوار الذهب
نشر في: 12 يناير, 2010: 05:21 م