TOP

جريدة المدى > سينما > في فيلم الياس ماريا (Alias Maria) ضمن مهرجان بيروت للافلام 2015

في فيلم الياس ماريا (Alias Maria) ضمن مهرجان بيروت للافلام 2015

نشر في: 19 نوفمبر, 2015: 12:01 ص

اهتم المخرج خوسيه "لويس روجيلز"  ( Jose Luis Rugeles)بالحرب الدائرة في كولومبيا،  وتصويرها بسرد بصري مرئي يعتمد على الايماء التصويري وتعابير الممثل،  وهذه ميزة فيلم ماريا او (Alias Maria )وهو من بطولة "كارين توريس" Karen Torres))"اريك

اهتم المخرج خوسيه "لويس روجيلز"  ( Jose Luis Rugeles)بالحرب الدائرة في كولومبيا،  وتصويرها بسرد بصري مرئي يعتمد على الايماء التصويري وتعابير الممثل،  وهذه ميزة فيلم ماريا او (Alias Maria )وهو من بطولة "كارين توريس" Karen Torres))"اريك رويز" Erik Ruiz))اندرسون جوميز Anderson Gomez)) ، فالغابات الكولومبية وروعتها لم تمنع “كارين توريس”  من بسط سلطتها التمثيلية على الفيلم،  وقدرتها على تجسيد دور البطولة المثير في تنوعه وتعبيراته القادرة على التناغم مع الاحداث  والعاطفة ،برغم العنف بين العصابات والبراءة في وجه امرأة تبحث عن الحياة التي تحتاجها كل امرأة . 
ما بين الموت والولادة نظرة استعادية لحروب العصابات التي تؤدي الى النزاع المسلح، وتخلخل موازين الانسان عند انتظار الخلاص، لتكون الطفولة مرحلة نعيد النظر من خلالها الى الحروب التي تحمل معها فساد الاجيال. خصوصا حين تشارك المرأة في هذه الحروب المدمرة نفسيا للانسان وللمجتمعات بشكل كلي، ويصبح بعدها الكابوس هو عبارة عن كاميرا يفتحها الذهن ليعيد المشاهد كلما استفزتها الذكريات، فالاجهاض هو نوع من القتل غير المبرر والاعتداء على الطفولة هو ممارسة القهر والتسلط في الحروب التي لا ترحم، والاستبداد بالمرأة هو نوع من قتل الارحام بطريقة بشعة تؤدي الى سلوك لا يمكن فهمه او تحليله. لأن الحروب بين العصابات كل شيء فيها ممكن، ولا مكان للرحمة او للانسانية الا في قلب "ماريا" او" كارين توريس"، فهل نجحت الكاميرا المحمولة في الوصول بصريا الى المعنى التمثيلي من خلال ابراز الوجه والجسد عن قرب وبأدق التفاصيل؟ أم أن المخرج اعتمد على الحركة التصويرية المكملة للتمثيل وبنجاح ملموس ومحسوس؟
دراما حرب كولمبية مدمرة للانسان وللحجر. الا ان الطبيعة كالانسان تتحدى لوجوديتها كل دمار. اذ تبدو الغابات الكولومبية تنفي لغة الحروب عنها ، كما ماريا التي تناضل من اجل البقاء مع طفل فرض نفسه عليها، لتنمو الطفولة بين القتل والمذابح، ووحشية الحروب التي يتطلع الانسان من خلالها للبقاء ولبناء الحياة من جديد. اذ لا يمكن فقدان الامل، وهذا ما يشدد عليه المخرج" لويس روجيلز " فالصوت الموسيقي تناقض مع اصوات الرصاص، واصوات صريخ القتلى والطفل الصغير، وما بين الحدس والحس تلاعب بالصورة والكاميرا المتنقلة وبتصوير قريب خطورته تكمن في كشف الاخطاء التي تحاشاها المصور ببراعة تصويرية تشهد لها المشاهد المحبوكة تصويريا وان باسلوب احتاج بعض الاحيان للقطات باردة لنتفكر بالولادة والموت، وبالصوت الانساني الموجوع والمملوء بالاستنكار، وهذا ما منح الفيلم لغة حسية لها صداها السمعي في الذهن الذي يكتشف الحركة في غابة كولومبية اشتد فيها الصراع.
حوارات غنية بمعاني الحياة، وحركة مصقولة بالحنان في مشهد حواري بين ماريا وامرأة في الغابة التي يتصارع فيها كل شيء حتى اصوات الطيور وحشرات الليل، والعتمة والضوء، والهروب واللجوء، والحب والحرب في لحظات تندفع فيها مشاعر الانسان. لتكون نقطة حياة يستعيد من خلالها ما هو مفقود، فالدراما السينمائية مبنية على واقع الحرب الكولمبية من خلال نظرة الكاميرا الحركية، وبناء المشاهد بسيكولوجية اخراجية مبرمجة فنيا وبديناميكة تصويرية وموسيقية، ويتضاد جذب المتلقي نحو عمق الاصوات في الغابة حيث تتعالى اصوات الحياة مع اصوات الرصاص، وان برتابة مع الحوارات الغنية بمفاهيم الحروب ومفاهيم الانسانية . لتحاول ماريا انقاذ الطفل الذي شهدت ولادته ومنحته حنانها وخوفها على حياته .
تأسر موسبقى الفيلم الحواس، وتترك الذهن بحالة ترقب لمجهول يثير هواجسه، خصوصا وأن الغابة هي المكان الاساسي لفيلم الزمن فيه عبارة عن معارك مقيدة بحرب العصابات في الغابة الكولمبية حيث تجمع العدسة المشهد بابعاد حركية تتغر فيها نسب الضوء. تبعا للقريب والاقرب تاركا للبعد غموضه النهاري او الليلي، لينحسر الزمن بين المعارك والموت والحياة، فهل صرخة الولادة هي نفسها صرخة الموت وهل للحياة نوافذها المجهولة التي لا ندركها ؟
فيلم في غابة وكاميرا متحركة في اغلب المشاهد، وموسيقى تناقضت مع المعنى وانسجمت مع الوجود والعبث، واسلوب سينمائي درامي تذبذب بين المراهقة الضائعة وتجنيد يفرض نفسه، ومعركة البقاء يقودها الطفل من خلال الحفاظ على حياته. ليكون بمثابة الجيل الجديد الذي عاش في الحرب ونجا منها، واستطاع تكوين مفهوم حاجتنا للسلام كي تتزن المجتمعات ويكف الانسان عن ظلم اخيه الانسان . اذ يبدو السيناريو محبوكا كمشاهد تصويرية لها جمالياتها الخاصة وتجسيدها تعبيريا، وبصمت غالبا ترافقه اصوات المعارك او الطيور في الغابة.
اعتمد مخرج فيلم “الياس ماريا “على المؤثرات السمعية والبصرية وان باختلاف نسبي بينهما ، لتزداد سمعيا الموسيقى بتأثيراتها على الحركة وعنصر المباغتة التصويرية التي اعتمد عليها في خلق نوع من الجمال الطبيعي المتناقض مع صراع الانسان حتى بين الاطفال انفسهم. اذ تبدو ملامحهم اكبر من اعمارهم والهدوء والحركة هما مفردات المجند الحذر من كل شىء حوله، وفي هذا تميز تمثيلي استطاع المخرج اخراج مكنونه من المممثلين في هذا الفيلم الذي يعكس واقع اطفال الحرب، وما ينتج عن وجود المرأة في هذا الصراع الذي لا نهاية له.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

"إرنست كول، المصور الفوتوغرافي".. فيلم عن المصور المنفي الجنوب أفريقي

مقالات ذات صلة

فيلم أسامة محمد
سينما

فيلم أسامة محمد "نجوم النهار" استهداف البيئة العلوية كمنتجة للسلطة ومنفذة لها

علي بدرالحكاية تُروى بالضوء والظلعرض أمس في صالون دمشق السينمائي فيلم "نجوم النهار" للمخرج السوري أسامة محمد، بحضوره الشخصي بعد غيابه عن بلاده ١٤ عاما، الفيلم الذي منع من العرض في زمن النظام السابق...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram