دثارك الرحمة والمغفرة يا ابنة العراق ، برغم الذي لكِ والذي عليكِ ، فقد أنهكتك الرحلة الطويلة برغم قصر سنواتها . وآن لروحك الملتاعة أن تستريح .
……
كتابها ( ميادة ابنة العراق ) بين يدي الآن ، أقلب صفحاته على مهل . ويضج في الصدر سؤال أزلي : مَن عساه ضامنا لنفسه ولذريته مهادنة المستقبل والتمتع برغيد العيش بعد كل سنوات الكد والكدح وخزن الأموال وتملك الضياع والعقارات ؟ هـا ؟؟
ما من أحد ، صدقوني !
…….
مسيرة ميادة العسكري التي يحفل بها الكثير من المواقع الألكترونية، غنية عن الإستعادة .. لكن السيدة التي عرفت اليتم المبكر وهي طفلة — فقدان الأب — وذاقت طعم اليتم الحقيقي وهي شابة — موت الأم — جعل من اسمها اسماً على مسمّى.. كغصن ريان تطوحه نسمة عابرة.. (ميادة ) بين جدول الأفراح الضحل ، وبحر الحزن الكظيم .
تزوجت بمحض إرادتها ، برغم تحفظ الآم — او معارضتها — جربت نعمة الأمومة وذاقت عسلها وحنظلها وكرعتها حتى الثمالة ، سافرت كثيرا ، أقامت في أرقى الفنادق ، إضطجعت فوق آثير الأسرة ،وإضطرت للنوم على أرضية زنزانة ضيقة بلا فراش او غطاء ، لبست أنق وأغلى الثياب ، وأُرغمت على إرتداء بدلة السجن المبقعة بالأخلاط وعطن الرائحة .
تكتب ميادة عن ذكرياتها في السجن : في أيام ما ، افترشت أرضية زنزانة ضيقة في سجن الأمن العامة في منطقة البلديات … الزنزانة معدة لاحتواء ما لا يزيد على أربعة أشخاص ، حُشر فيها بما يقرب من خمسٍ وثلاثين امرأة … كنا ننام بالتناوب .
يومها ، اقترحت على النزيلات ان نقرأ سورة ( ياسين ) جماعة ، وأن نردد دعاء ياسين لتفريج الهمّ والغمّ . فاستجبن طائعات ، وكنا نبتهل أن يُفتح باب السجن ويُطلق سراحنا ، ولربما استجاب رب العزة لدعائنا اليائس فتمّ إطلاق سراحي ……….
ولكنها فرحة لم تكتمل ……. إذ جاء بعد ذاك من جاء ( وحصل ما هو حاصل الآن .) ليعود السؤال يتردد في الصدر : ألهذا الحال ( المزري) الذي نحن فيه اليوم قرأنا ( في السجن ) سورة ياسين جماعة يا أهل العراق ؟!
# بعض ما جاء بين الأقواس ، مضاف ، لزيادة الإيضاح .
ميادة
[post-views]
نشر في: 18 نوفمبر, 2015: 09:01 م