TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > زوجته ترسم لوحات ويعرضها باسمه

زوجته ترسم لوحات ويعرضها باسمه

نشر في: 20 نوفمبر, 2015: 09:01 م

هكذا ظل القاضي مشدوهاً في المحكمة، حائراً بعد أن فقد الحيلة ولم تسعفه  فراسته وخبرته في المحاكم. أجال النظر بينهما يميناً ويساراً وهو في حيرة أمام هذا اللغز الفني العجيب!! فمارغريت تقول بأن  كل  اللوحات التي رسمها والتر هي لوحاتها في الحقيقة، ووالتر يؤكد  بأنها لوحاته، وهاهو توقيعه عليها، وهاهي كتبه الفنية المليئة بهذه االلوحات تشهد عليه، إضافة الى معارضه التي ملأت نيويورك والعديد من المدن الأخرى. هاهي صوره تظهر على الصفحات الأولى للصحف الفنية بصحبة أندي وارهول وغيره من مشاهير  الفنانين في افتتاح معارضه الكثيرة الناجحة، فماذا يريدون منه أن يثبت لهم أكثر من ذلك؟ وهنا نظر القاضي نحو مارغريت المسكينة، وقبل أن ينطق بالحكم تردد في اللحظة الأخيرة وطلب أن تُحضر لوحة بيضاء لكل منهما مع  حامل الرسم والألوان وكل الأدوات المتبقية، ووضع  كل ذلك أمامهما كلا على حدة وطلب منهما الرسم بنفس أسلوب اللوحات المتنازع عليها.  وهنا وقف كل الموجودين في المحكمة على أطراف اصابعهم وهم يرون مارغريت وهي ترسم لوحة رائعة بنفس الأسلوب بينما والتر تظاهر بأنه  ينتظر الالهام كي يبدأ بالرسم، ثم تحرك حركة سريعة مصطنعة ادعى بعدها بأن كتفه قد خُلعت ولم يقدر على الرسم هذا اليوم. وهكذا حكمت المحكمة بأن كل  اللوحات المرسومة سابقاً هي لوحات مارغريت، وقد استغلها زوجها بشكل تعسفي ليطلق اسمه هو في  الوسط التشكيلي وعالم الفن. ضحك على الجميع وأقنعهم بطريقة مسرحية بأنه قد درس الرسم في باريس وأقام هناك معارض عديدة قبل أن ينتقل الى نيويورك. هذه هي قصة الرسامة مارغريت دوريس هوكنس التي حدثت لها في نهاية الخمسينات من القرن  العشرين، وقد  حولتها هوليوود الى فيلم سينمائي بعنوان (عيون واسعة)، انتاج 2014 ومن اخراج تيم  برتون وتمثيل أيمي آدمز وكريستوف والتر. بدأت الحكاية حين كانت مارغريت ترسم في الشارع بورتريهات للصغار مقابل دولار واحد للبورتريت، وهناك تعرفت على والتر الذي كان يعرض بعض (اللوحات) بجانبها وقد أعجب بأعمالها التي رسمت فيها اطفالاً بعيون واسعة جداً، وأستهوته افكارها حين قالت له بأن العيون هي نافذة الروح ومن خلالها نطل على كل شيء، وحكت له عن  العملية التي أجريت لأذنيها وهي طفلة، وكيف بدأت تراقب الناس بعدها من خلال نظراتها الواسعة التي عوضتها عن السمع. وبسبب روح الطرافة التي يتمتع بها اقتربت مارغريت منه أكثر حتى تزوجته وبدأت تستعمل أسمه العائلي أو لقبه حتى في توقيع أعمالها. ومع الوقت استدرجها لتبقى في البيت ترسم وهو يسوق اللوحات وكأنها لوحاته. وبسبب شخصيتها الضعيفة وافقت على ذلك بعد أن رأت النقود تأتيها  كثمن لبيع اللوحات.  وشيئاً  فشيئاً أخذت تقدم المشروبات للضيوف أثناء أفتتاح (معارضه) المزعومة التي يعرض فيها لوحاتها هي، تقدم كؤوس الشراب للحاضرين وهم ينظرون اليها بترفع ويقولون لها ( زوجك لديه موهبة كبيرة) ثم يردفون  (وأنت،، هل تجيدين الرسم؟) . ساءت الأمور كثيراً حين أخذ يحبسها في الطابق العلوي من البيت لترسم له أعمالاً جديدة ومنعها من رؤية أي شخص اثناء الرسم. ضاق  بها الأمر وكانت بحاجة الى شخص تحدثه عن ما يحدث لها، فلم تجد سوى كلبها الذي أخذت تحدثه عن حقيقة اللوحات. نجحت اللوحات التي كان يعرضها والتر نجاحاً ساحقاً وبدأت تحقق مبيعات وصلت الى الملايين، وأخذ الناس الذين ليس لديهم االقدرة على شرائها، ينزعون أعلانات وأفيشات المعارض التي تحمل  صور هذه اللوحات من الشوارع ويعلقونها في بيوتهم. وأخذ والتر يظهر بجانب أهم الشخصيات الفنية في التلفزيون وباقي وسائل الأعلام، هو الذي  لم يرسم لوحة واحدة في حياته ولم يدرس في البوزار كما يدعي. وفي  لحظة فاصلة جمعت مارغريت كل شجاعتها وطالبته بالطلاق، فأجابها  بكل وقاحة بأنه سيوافق على ذلك شرط أن ترسم له مئة لوحة جديدة. لم يبق لها بعد ذلك سوى المحكمة التي حكمت لصالحها  في النهاية، وأقرَّت بأن اللوحات كلها تعود لها في  الحقيقة وليس هناك رسام باسم والتر. خرجت من المحكمة لتبدأ حياتها  من جديد، حيث استقبلها الناس بتعاطف  كبير، قد اقترب منها شخص وهو يطلب توقيعها على الكتاب الذي  يحمل لوحاتها. وقعت وهي تبتسم لأن  الكتاب مازال مطبوعاً باسم زوجها الرسام المزيف. نزلت سلّم المحكمة وضوء النهار يلفح وجهها وهي تفكر بيوم جديد ولوحة جديدة  لها وحدها دون شريك مزيف.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram