TOP

جريدة المدى > عام > الرثاثة في العراق..أطلال دولة.. رماد مجتمع

الرثاثة في العراق..أطلال دولة.. رماد مجتمع

نشر في: 22 نوفمبر, 2015: 12:01 ص

يعدّ هذا الكتاب مرجعاً مهماً وأساسياً في تحليل بنية الإسلام السياسي الحاكم في العراق منذ سنة 2003م حتى الآن، من مستويات معرفية متنوعة، إذ ينص العنوان الفرعي للكتاب على أنه : ((نصوص تشريحية للوظيفة الهدمية للإسلام السياسي في العراق)). فالمكتبة العراقي

يعدّ هذا الكتاب مرجعاً مهماً وأساسياً في تحليل بنية الإسلام السياسي الحاكم في العراق منذ سنة 2003م حتى الآن، من مستويات معرفية متنوعة، إذ ينص العنوان الفرعي للكتاب على أنه : ((نصوص تشريحية للوظيفة الهدمية للإسلام السياسي في العراق)). فالمكتبة العراقية ما برحت تفتقر لهذا النوع من التوثيق التاريخي الشامل، الذي هو نتاج لعمل جماعي منسق نظرياً ومعلوماتياً، اشتركت فيه نخبة لامعة من باحثين عراقيين يندر أن يجتمعوا في نشاط فكري موحد غايته تأصيل مفهوم جديد في العلوم الاجتماعية هو مفهوم "الرثاثة".
يذكر محرر الكتاب (د. فارس كمال نظمي) في مقدمته أن الرثاثة هنا لا يقصد بها عناصر الفقر أو الحرمان الاقتصادي أو التدهور المعيشي، بل هي مصطلح يعبّر عن مناخ لا حضاري، منحط وفاسد، اخترق الكينونة العراقية على المستويين المجتمعي والدولتي، بتأثير منظومات القيم الرثة التي أشاعها التدين الزائف، نتيجة الحراك السوسيوسياسي الذي أتاحه الاحتلال الأمريكي ابتداءً من 2003م حتى الآن، حينما أعاد بناء السلطة السياسية على نحو أتاح لأكثر الفئات الاجتماعية تخلفاً ورجعية (الدين السياسي والعشيرة السياسية) أن تمسك بمصير البلاد، طاردةً كل التراث العقلاني والجمالي والتنويري الذي كافح من أجله ملايينُ العراقيين على مدى أكثر من ثمانين عاماً.
وقد اجتهد محرر الكتاب في اشتقاق هذا المفهوم المستحدث (أي الرثاثة) ضمن نص رئيس في الكتاب هو "سيكولوجيا إنتاج الرثاثة في المدينة العراقية"، ليسعى بعده لتأصيل المفهوم ضمن كتاب جماعي يستهدف أرشفة هذه الحقبة الرثة من تاريخ العراق، عبر استكتابه لمجموعة من الباحثين العراقيين المرموقين لتقديم مقاربات علمية من مستويات أكاديمية ومعرفية عدة في السياسة، والاقتصاد، والتاريخ، والسوسيولوجيا، والسيكولوجيا، والإدارة، والطب، والعمارة، والبيئة، والفن، والأدب، والإعلام، غايتها التوغل تشريحياً في الجسد العراقي المعتل، للخروج باستشرافات ورؤى إصلاحية وإشفائية تستند أولاً وأخيراً إلى التفكير النقدي المتمسك بموضوعية المنهج وحيادية الافتراضات.
ثمة ناقوس هادئ وحاسم يدق في كل صفحات هذا الكتاب، يخبرنا أن الرثاثة في العراق هي نتاج حتمي لتغوّل الدين السياسي على الثقافة المجتمعية بمضمونها القيمي والسلوكي المعتدل. فالسلطة المصطنعة الحالية – بحسب تعبير محرر الكتاب- قامت بأصنمة الدين وفك ارتباطه البنيوي العفوي بالمنظومة النفسية – الأخلاقية للفرد العراقي، وجعلت منه كائناً استعلائياً "خارقاً" يتجاوز وظيفتَه المعاييرية التنظيمية إلى وظيفة تسلطية عقابية، ولا يمكن إرضاءه إلا عبر وساطتها "الروحية" و"المقدسة". وهذا كان يعني بالضرورة تشطيراً للهوية البشرية الموحدة واستبدالها بهويات ميتافيزيقية تلهث خلف مروياتٍ دموية عن مذاهب دينية مُتَخَّيلة تمتلك كلٌّ منها "شرعية" الوجود والبقاء لوحدها.
وبحسب رؤية الكتاب، ما كان لهذه الكمية الفائضة من العنف المُنْتَج – مادياً ورمزياً - إلا أن تحقن الوجودَ العراقي برثاثةٍ كاسحة، إذ تهرأت الصحة النفسية بأبعادها الفردية والمجتمعية والدولتية في ظل الخوف والبؤس والحرمان والإحباط واليأس والعجز والاكتئاب والاستلاب وفقدان اليقين!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

"كِينْزُو تَانْغَا"" src="https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2025/02/5842-7-2.jpg">
عام

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

د. خالد السلطانيمعمار وأكاديميعندما يذكر اسم "كينزو تانغا" (1913 - 2005) Kenzō Tange، تحضر "العمارة اليابانية" مباشرة في الفكر وفي الذاكرة، فهذا المعمار المجدـ استطاع عبر عمل استمر عقوداً من السنين المثمرة ان يمنح العمارة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram