بمناسبة صدور الترجمة الانكليزية لرواية الكاتب الايطالي امبرتو ايكو (العدد صفر) مؤخراً، نشرت صحيفة الغارديان سلسلة من المقالات التي تتناول احداث هذه الروايةوعنوان الرواية (العدد صفر) يشير الى العدد التجريبي الذي يسبق ظهور المطبوعة رسمياً،واحداث الرواي
بمناسبة صدور الترجمة الانكليزية لرواية الكاتب الايطالي امبرتو ايكو (العدد صفر) مؤخراً، نشرت صحيفة الغارديان سلسلة من المقالات التي تتناول احداث هذه الرواية
وعنوان الرواية (العدد صفر) يشير الى العدد التجريبي الذي يسبق ظهور المطبوعة رسمياً،واحداث الرواية تدور حول هذا العدد
كولونا هو اسم بطل الرواية،وهو رجل في الخمسينات من عمره ،يعمل كمصحح في احدى دور النشر ،واحيانا يترجم عن اللغة الالمانية ،ولا يوقع كتاباته باسمه
يعقد كولونا هذا اتفاقا سرياً مع ناشر اعلامي وضيع يدعى سيميي ،من اجل نشر اعداد تجريبية من صحيفة لا ترى النور ،والغاية من هذا الاتفاق ان يتمكن مموّل المشروع ويدعى فيميركاتي وهو رجل اعمال يمتلك سلسلة فنادق محلية وباقة قنوات تلفزيونية اعلانية ،من الدخول الى دوائر السلطة ليمارس ضغطا على رجال السياسة والمال والاعلام،ويروي لنا بطل الرواية تفاصيل هذا من خلال دفتر يومياته
احداث الرواية تدور في مدينة ميلانو الايطالية في تسعينيات القرن العشرين ،حين ظهور سيلفيو برلسكوني رئيس الوزراء الايطالي الذي اضحى رمزا للفساد في ايطاليا
يصف ايكو العمل الصحفي في ايطاليا حيث فقد صدقيته ،وتحول الى منبر للتشهير والدعاية والاكاذيب ،وقد اصبح خاضعا لسلطة رجال السياسة والمال والاعمال ،يقول امبرتو ايكو (لم يعد للحقيقة قيمة في ايامنا،والناس لم تعد تكترث لما يكشف يوميا من فضائح لانها اعتادت على فساد حكامها وسئمت منها،لم يعد هناك تفرقة بين الابيض والاسود ،والناس لا يرون فائدة في الاصلاح ،الفساد اصبح شيئا مشروعا وعادياً، من يقبع في السجن هم فقط سراق الدجاج ،اما رجال المافيا فهم اعضاء في البرلمان والسراق الكبار اعضاء في الحكومة)
رواية العدد صفر هي وصف لمرحلة سوداء من تاريخ ايطاليا الحديث كما انها نقد لاذع لحال الاعلام وخصوصا الصحافة المكتوبة ،من خلال سرد حكاية حفنة من الصحفيين المستعدين للتنازل عن كل شيء من اجل كسب قليل من المال والشهرة،وتكشف الرواية عن انحراف الصحافة عن قيمها وتصبح اداة بيد رجال الحكومة ورجال الاعمال الفاسدين
وبطريقة مشوقة وساخرة ينقلنا امبرتو ايكو الى عالم الصحافة ،وكيف يقوم الصحفيون بكتابة الاخبار التي لا تزعج المسؤولين ورجال الاعمال ،وكيف يقومون بتشويه سمعة قاض نزيه يحارب الفساد
تنتهي الرواية قبل ان يهيء طاقم الصحفيين الذي كان يعمل مع كولونا العدد صفر من الجريدة ،حين يصلهم مقتل زميلهم المهووس بالمؤامرات ،والذي كان يزمع نشر تحقيق حول وفاة موسوليني ،يفند فيه الاراء بمقتل موسوليني ويجمع معلومات مضحكة حول ان موسوليني لا يزال حيا ،فتنتهي التجربة ويدفع رجل الاعمال فيميركاتي تعويضات للصحفيين عن جهودهم
في الرواية ايضا نقد لنظرية المؤامرة، من خلال التحقيق الصحفي الغريب الذي يقوم به الصحفي براغادوتشيو عن مقتل موسوليني ،حيث يعتقد امبرتو ايكو ان نظريات المؤامرة تنتشر بشكل غريب عبر مواقع الانترنت ووسائل الاتصال الاجتماعي
يلخص امبرتو ايكو رؤيته للعمل الروائي بالقول(اعتقد ان على المؤلف ان لا يكتب ما يعتقده القارئ ،فالمشكلة ليس ما يحتاجه القارئ بل ما يجب ان يتغير فيه ...ان تستطيع خلق نوع القارئ الذي تريده لكل قصة) يصف ايكو نفسه بالقول(انا فيلسوف ،ولا اكتب الروايات الا في عطل نهاية الاسبوع ولانني فيلسوف فانني مهتم بالحقيقة ،ولانه من الصعب جدا ان تقرر ما اذا كان هذا الامر حقيقة ام لا ، فقد وجدت ان من السهل جدا الوصول الى الحقيقة عبر تحليل مجموعة من الاكاذيب)