TOP

جريدة المدى > عام > الحياة والحب فيها

الحياة والحب فيها

نشر في: 22 نوفمبر, 2015: 12:01 ص

11
 
عناقيد ناضجةرائقٌ هذا النهار. نهارٌ كاملُ النضج.مثيرٌ، شهيٌّ، يُحرّضُ على المزيد من الحب.الحياة وفيرةٌ فيه كموسمِ حصاد.كل ما أرى: الأشجارُ الثلاث، الأربعُ قربي، البيتُ، الطريقُ الواضح، الناسُ ومصطباتُ الرصيف، كلها تملك لغةَ حبٍّ وتخاطبني.

11

 

عناقيد ناضجة
رائقٌ هذا النهار. نهارٌ كاملُ النضج.
مثيرٌ، شهيٌّ، يُحرّضُ على المزيد من الحب.
الحياة وفيرةٌ فيه كموسمِ حصاد.
كل ما أرى: الأشجارُ الثلاث، الأربعُ قربي،
البيتُ، الطريقُ الواضح، الناسُ ومصطباتُ الرصيف،
كلها تملك لغةَ حبٍّ وتخاطبني. غبطةٌ شاملة!
عالم اليوم حلمُ يقظةٍ فَرِحٌ ناعم.
يشفُّ عن دعوات، عن وعود قريبة
في الكَرْم اللامرئي قريبةٌ مني عناقيدُ ناضجة.
يدي تبتهج أيضاً، أنا أتذوق عذوبةً ومتعاً افتقدها،
لا أعرفها، جديدةٌ علي.
كل الأرواح الغائبة في هذا العالم تلتذُّ بعشقٍ حلوٍ، بقرب لقاءٍ.
تقترب مني الحياةُ، تحبُّني!
هذا العالم الفردوسي، الاتساعُ الأكثرُ هناءةً،
المباهجُ التي جاءت وستظل، جعلتني أنتبهُ
لا لسعادتي الطارئة،
لا للجمالِ بهذي السَعة،
لا للموسيقى بالكاد تُسمُعْ وتُعطي مسرّات.
ولكني انتبهتُ للحبيبة فائقةِ الجمال محزونةً وقفتْ بعيداً.
اخفت حركاتِها لتظل نظراتُها وحيدةً تعمل.
هي تحمل حزنَ العالم الذي عرفَتْهُ.
لم تتكلم، لم تقلْ أيَّ شيءٍ. همُّ كبيرٌ ولا تقول.
تكتمُ أَلَماً ولها عتَبٌ مرير:
فينوس تنظرُ للعالمِ بصمتْ.

اخبارٌ جميلةٌ عنكِ
لم تكن الحياةُ سهلةً لكي يبقروا بطنَها
ويُحشونها بإرادتهم وباكوام الوصولات وقوائم البيع.
هم جاءوا صدفةً ولم يعرفوا طريقَ الوصول.
عرفوا طريقاً واحداً هو طريقُ قتلِنا.
اولاء انسانيتُهم شائهة. عظامُ فكوكِهم البارزةُ
لا تدلُّ على خير.
هم لا يشبهوننا. نحن نعيشُ كل حين حياة
وتتغير اوجهُنا عند كل خبر او قتل او حصاد؟
او سفرٍ أو ارتباكِ وصول.
اولئك ملامحهم متيبسة مكانها. هي تلك
العظام البارزة من الصُفْرَة.
هم متشابهون في المكاتب.
نحن أشكالنا، ألوانُنا وأصواتُنا اكثر من انواع الحياة.
بيننا الديّنُ الطيّبُ والنحيل النبيلُ المُبتسم دائماً
والفتاةُ قمحيةُ اللون بعينين صافيتين
سرعان ما تكونان هائجتَيْن او مشعّتين
اذ ترى ما يربِكُها من رأسها الى قدميها.
والمليحاتُ الطيباتُ، عادةً ما يجْدِنَ فينا نبالةً وفرحاً
اكثر مما يجدَن فيهم.
وتلك المرأة الصلبة الصبورُ في حيّنا.
تُكَلمك مثل قائدٍ عسكري لا مثل أرملٍ مُعْوِزه
لا أستطيع تعدادَ أشكالنا وألوانِنا و
أنواعُ الحياة المختلفة فينا.
كما لا أستطيع تعدادَ عذاباتِنا ورداءاتِ من يكرهوننا.
حَمَلة الحقائب الملأى بحصيلة الجهد البشري،
بنضالنا اليومي سنين،
اؤلاء، رغم كل عطورهم، يمرون بنا غير مُريحين
وابتساماتُهم فَجّة.
هم لا يعرفون الابتسامَ الحقيقيَّ. نحن نعرفه
نبتسم فماً وقلباً وروحاً ونحن لا نمتلكُ
ما نشتري به قميصاً.
هذا مجدٌ شخصي ونضجٌ وشرف
فليسَ بلا سببٍ نقاتل الفيضانَ قتالاً
ونقضي نهاراتٍ في تسميد اشجارنا.
لكل ما فوق الكواكب حصةٌ في قلوبنا،
من طير وغزلان وابقار ممتلئاتٍ لبناً
ونخيلٍ وأدغالَ مستنقعاتٍ وممراتٍ ضيقة
تدخر جمالا نادرا ودكاكينَ فقراء
مضاءةٍ فوانيسُها في الليل،
هؤلاء جميعاً بعضٌ مبهجٌ، عزيزٌ، من حياتنا.
هم يموتون تعذيباً مُهيناً، تقتلهم اوراقُهم
يموتون اكتئاباً او من كراهتهم لنا!
أمّا نحن فنموت ونحن نفكر بحقولنا،
بالشجرة الجديدة التي اينعَتْ،
بولادات اغنامنا، بالمصنع الذي وضعوا حجرَ الاساس له،
وبماكنة الطبع الجديدة التي ستطرحُ كلَّ يوم عشرةَ كتب!
وأنا ساموت وانا احدِّثُكِ عما كتبتُ، والحياة تسرّب لي
اخباراً جميلةً عنكِ!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

مقالات ذات صلة

"كِينْزُو تَانْغَا"" src="https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2025/02/5842-7-2.jpg">
عام

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

د. خالد السلطانيمعمار وأكاديميعندما يذكر اسم "كينزو تانغا" (1913 - 2005) Kenzō Tange، تحضر "العمارة اليابانية" مباشرة في الفكر وفي الذاكرة، فهذا المعمار المجدـ استطاع عبر عمل استمر عقوداً من السنين المثمرة ان يمنح العمارة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram