TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "جواميس" العملة العراقية

"جواميس" العملة العراقية

نشر في: 21 نوفمبر, 2015: 09:01 م

مع اصدار البنك المركزي العراقي الورقة النقدية من فئة الخمسين الف دينار ، ابدى مختصون بالتصميم الطباعي اعتراضهم على شكلها الساذج (على حد وصفهم) ، فهناك رموز تاريخية عراقية كثيرة تمتد الى العصور السومرية والبابلية بإمكانها ان تعبر عن الأهوار والمعالم الاخرى بدلا من الجواميس وصريفة البردي.
يبدو ان البنك المركزي كان في عجلة من أمره فاصدر العملة بشكلها المثير للاعتراضات واحيانا السخرية لغرض تحقيق اهداف اقتصادية لعلها تسهم في التخفيف من الأزمة المالية نتيجة انخفاض اسعار النفط في الاسواق العالمية .
كلفة طبع الورقة الواحدة من الفئة النقدية الجديدة بلغت ستة سنتات طبعت في المانيا واحتوت على 13 ميزة لمنع تزويرها بحسب مقرر اللجنة المالية النيابية النائب احمد حاجي رشيد ، في تصريح صحفي قال فيه ان البنك يعتزم اصدار ورقة اخرى فئة 100 الف دينار، ليس من المستبعد ان تحتوي على رموز اخرى تعبر عن المعالم العراقية .
عملات الدول الاجنبية احتوت صور رؤسائها وملوكها فضلا عن شخصيات ادبية وعلمية ، عملات الدول العربية استعارت ، هي الاخرى ، هذا التوجه ليكون اصحاب الجلالة والفخامة والسمو في جيوب ابناء الشعب ، تذكرهم بالحكام والقادة حتى اثناء نومهم ، ولاسيما ان العربي ،وحرصا على بقايا راتبه الشهري من الضياع، اعتاد على وضع الاوراق النقدية تحت الوسادة ، حين يصحو صباحا على صوت ام العيال تمتد يده تحت الوسادة ليسدد نفقات المصروف اليومي ، فيبدأ صباحه الجديد بنظرة اجبارية نحو صاحب الصورة. قبل النظام الجمهوري في العراق كانت العملة الورقية تحتوي على صور الملوك ، في اواسط ثمانينات القرن الماضي عادت صورة الرئيس لتحتل جميع الفئات بقرار من القيادة الحكيمة ، مع اصدار العملات الجديدة اختفت تلك الصورة ، ما عاد احد يتذكرها ، لاسيما انها تعيد لأذهان العراقيين انخفاض قيمة العملة المحلية امام الاجنبية في سنوات فرض العقوبات الاقتصادية بعد غزو الكويت .
البنك المركزي العراقي مقارنة بنظرائه في المنطقة العربية يصدر العملة الورقية خالية من الصور الشخصية ، لأن النظام الديمقراطي في العراق يعتمد مبدأ تداول السلطة سلميا عبر صناديق الاقتراع طبقا لما ورد في الدستور ، بصرف النظر عن مساوئ التجربة الديمقراطية ومطباتها الكثيرة ، البنك قرر اصدار العملة الجديدة ، ليقطع الطريقامام من تسول له نفسه في خوض مغامرة وضع صورته الشخصية على الورقة النقدية من فئة خمسين الف دينار .
المسؤولون العراقيون ،الحاليون والسابقون، ربما راودتهم فكرة احتواء العملات الورقة صور الزعماء السياسيين ورؤساء الكتل النيابية لدورهم البطولي المشرف في قيادة البلاد ، ومنهم من دعا الى استنساخهم لتقديم خدماتهم للبشرية ، البنك المركزي (وفقه الله وسدد خطاه) اجهض محاولات التفكير بهذه الخطوة ففضل الجواميس على المسؤولين والسياسيين لتاكيد استقلاليته .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram