TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شربت "نومي حسرة "

شربت "نومي حسرة "

نشر في: 24 نوفمبر, 2015: 09:01 م

النومي بصرة اكتسب اسمه من ثغر العراق الباسم سابقا المتجهم حاليا لفشل الحكومات المحلية بثاني اكبر مدن العراق بعد العاصمة بغداد ، في جعلها تحتفظ بابتسامتها ، بحملة اعمار شاملة تجدد شبابها وتعيد نضارتها المفقودة ، البصرة بعطاء رموزها السابقين والحاليين من ادباء وباحثين وفنانين اثرت الحياة الثقافية منذ قرون ، فشغلت مكانتها باستحقاق، لكنها تتعرض اليوم الى اهمال من مسؤوليها المحليين ربما يكون مقصودا ، لدوافع انتقامية من نسيجها الاجتماعي المتنوع ، وابتسامة ثغرها وترحيبها بالقادمين والمغادرين بتحيات طعمها احلى من العسل وحفاوة على ايقاع "الزنبور" وتصفيق فرق الخشابة.
ابناء البصرة ، يوم نفضوا غبارالحروب ، ارتفعت اصواتهم حتى وصلت الى الضفة الاخرى من شط العرب للتعبير عن فرحهم الكبير بموعد قادم ، يجعل مدينتهم ، تستعيد عافيتها ، تعالج جراحها ، لكن خيبة البصريين عجزت عن حمل اثقالها الجبال ، قناطر الشاعر طالب عبد العزيز منذ بدأ بنشر عموده في جريدة المدى ، اعطت صورة واضحة عن مقدمات حصول نكبة خراب البصرة.
حين يخاطب البصراوي صاحبه بالقول "حبوبي اشرب نومي حسرة " يستخدم الطرفة في لحظات استذكار المرارة ، فهو في حالات الافصاح عن المعاناة لايستغني عن الكوميديا السوداء في توجيه انتقاد الى مسؤولين محليين سابقين وحاليين في المحافظة ، اعلنوا بان المدينة ستكون جنة على الارض ،حين يطرح البصريون الاسئلة عن مصير مشروع البترودولار ، وانشاء الميناء الكبير ، وجعل مدينتهم عاصمة العراق الاقتصادية . تتبدد الاسئلة مع دخان حرق بساتين النخيل ، لتحويلها الى قطع اراض سكنية ، لاتشمل اسر الحيانية وخمسة ميل والجمهورية بل خصصت لمسؤولين مع بطانتهم واتباعهم ، وعناصر حمايتهم.
في البصرة تظاهر الاثنين الماضي العشرات من الاشخاص تعرضوا الى قطع صيوان الاذن للمطالبة بحقوقهم ،بوصفهم من ضحايا النظام السابق ، بقية المحافظات منحت الحقوق للمستحقين الا حكومة البصرة المحلية رفضت تنفيذ القرار، يبدو انها ترغب في ان يشرب المتظاهرون شربت النومي حسرة .
حكومة البصرة المحلية كزميلاتها في المحافظات الاخرى ، تشكو قلة التخصيصات المالية ، عندما كانت موازناتها بارقام فلكية اعادت المتبقي الى خزينة الدولة ، برامجها خلت من تنفيذ مشاريع خدمية ، انشغلت بتطبيق المادة الدستورية الخاصة باقامة الشرائع الدينية ليستعرض المسؤولون المحليون امام الجموع المحتشدة كزعماء وقادة احزابهم ، لكي يعطوا صورة واضحة عن تبنيهم حملة ايمانية جديدة.
الحسرة امتدت في الارض العراقية ، حين تعممت تجربة البصرة في جميع المحافظات العراقية بما فيها العاصمة بغداد ، باستثناء منطقتها الخضراء ، المشاريع المتلكئة ظاهرة شائعة، قبض مقاولوها مبلغ السلفة التشغيلية الاولى بملايين الدولارات ، ثم غادروا العراق الى عواصم عربية واجنية ، ليستثمروا اموالهم من الرزق الحلال في الخارج ، فجعلوا العراقيين احدهم يخاطب الاخر " حبوبي اشرب شربت نومي حسرة " وبصحتك اغاتي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram