اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > اعتــــــــذار

اعتــــــــذار

نشر في: 24 نوفمبر, 2015: 09:01 م

حتى مطلع التسعينيات من القرن الماضي لم أكن أعرف أحداً من آل الحلفي غير الزميل جمعة الحلفي، الصحفي والشاعر الشعبي، الذي زاملته في أسرة تحرير "طريق الشعب" خلال فترة صدورها العلني الأولى (1973 – 1979)، قبل أن يجمعنا المنفى السوري مرة أخرى في الثمانينيات.
جاسم الحلفي، العضو النشيط في المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي، كان الحلفي الثاني الذي أتعرف إليه في حياتي .. جمعتنا في كردستان العراق مرات عدة تجربة النضال في حركة الأنصار بالنسبة له والعمل الصحفي بالنسبة لي. كان ذلك بعد اندلاع انتفاضة آذار 1991 مباشرة، فقد كنت دائم الذهاب إلى كردستان، المتحررة للتو من حكم صدام، في مهمات صحفية انطلاقاً من دمشق أو من لندن، وكان جاسم يومها، كما هو اليوم، من العناصر الحزبية الشابة المميزة في نشاطها وحيويتها وشجاعتها وإيثارها، وهو ما كان مصدر جذب لي لإقامة علاقة صداقة معه لم تزل قائمة حتى الآن.
أما حمزة الحلفي، الشاعر الشعبي كجمعة، فلا أتذكر بالضبط متى سمعت باسمه وعرفت بأنه شاعر شعبي، الأرجح أنه بعد سقوط نظام صدام، وأنا لست من متذوقي هذا الشعر ولا من متابعي حركته، لكن لا أدري كيف استقر في ذهني أنه كان من مدّاحي صدام حسين وسياساته ومن المتزلفين للعهد الجديد. هذه الفكرة هي التي جعلتني منذ أن بدأت أزور بغداد تكراراً، بعد سقوط نظام صدام ثم بعد عودتي واستقراري في بغداد قبل أربع سنوات، أتفادى المواجهة والعلاقة المباشرة معه في المناسبات العامة القليلة التي جمعتنا .. لم أكن أرغب في إحراج نفسي وإحراجه بموقف يمكن له إثارة المواجع الناجمة عن ظني بانحيازه إلى جانب صدام.
الجمعة الماضية كنت في ساحة التحرير عندما رأيت حمزة يعتلي منصة الساحة بين نشطاء التظاهرات في الركن الذي اعتاد متظاهرو التيار المدني اتخاذه لأنفسهم، ويلقي شعراً .. شعرت بالانزعاج ساعتها (استناداً إلى الفكرة المترسخة في الذهن)، ووجد ذلك الشعور ترجمته في عمودي اليومي "شناشيل" في "المدى" يوم الأحد الماضي، الذي لم أورد فيه اسم السيد الحلفي لأن القضية بالنسبة لي لم تكن شخصية.
الآن يتبيّن لي أنني كنت على خطأ كبير في موقفي من حمزة الحلفي وفي ما كتبت عنه، وأنني لم أكن أعرفه كما يجب عليّ أن أعرف، وأنني بقيت فترة طويلة أسير فكرة باطلة عنه.
ما من أحد لا يُخطئ، وها أنني قد وقعت في خطأ حيال حمزة الحلفي، هو خطأ أخرق في الواقع يعادل ألف خطأ بحسب توصيف الصديق رسام الكاريكاتير سلمان عبد الذي علّق على ما كتبت بـ: "غلطة الشاطر بألف"، لذا أعلن اعتذاري الشديد ألف مرة إلى حمزة الحلفي الذي لم يحصل أن تواجهنا مرة في حياتنا.. والاعتذار موصول ألف مرة أيضاً إلى أصدقائنا المشتركين وإلى سواهم ممن أغاظهم ما كتبت، وهم على حق، وإلى قراء "المدى" أيضاً، والى إدارة "المدى" وزميلاتي وزملائي الذين لا يتحمل أحد منهم أي مسؤولية عن خطئي هذا.
هذا الاعتذار لن اكتفي به، فسأسعى عند عودتي إلى بغداد من سفرتي الحالية إلى الخارج، للاعتذار المباشر منه الى حمزة الحلفي مواجهة، سيكون ذلك للمرة الأولى في حياتنا، وبالطبع سأكون شاكراً له إن قبل بالاعتذار، وسأتفهم عدم القبول إن اختاره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 12

  1. احسان الياسري

    شكرا استاذ عدنان على شجاعة عرض الود بطريقة الاعتذار. انا لم اقرأ ما كتبت عن السيد الحلفي، ولكنك الان اعلنت شيئا مريحا لقراءك وللحلفي

  2. assi.dali

    السيد عدنان حسين المحترم اني من المتابعين الى كتاباتك الراقيةوان لقد كبرت في عيني كثيرا بعد اعتذارك عن الخطأالذي ظلمت فيه السيد الحلفي ولولا هذا الاعتذار لعزفت انا عن متابعة اي منشور لك فشكرا جزيلا ايها الاستاذ العزيز لقد علمتنا درسا في الاخلاق

  3. وليد

    سيدي كنت قد كتبت في تعليق لك على ما نشره الزميل علي السومري في الفيس بوك بخصوص اتهامك للسيد الشاعر جمعة الحلفي بانه كان مدحا لصدام، كتبت انت (حال تأكدي من انه لم يكتب لصدام ساعتذر منه وهنا لابد ان اقول ان اخلاقيات المهنة تتوجب عليك ان تتاكد اولا ثم تكتب .

  4. الشاعر عبد الهادي المظفر

    الإعتذار سمة الكبار لكن!!!! ان كان الفكرة قد ترسّخت جزافاً في ذهنك لسنوات عن ان الحلفي كان مدّاحاً لصدام ومتملقاً لحزبه فماذا إستجدَّ بساعاتْ ؟ هل هي ضجة المدنيين ؟

  5. usama al,hadethy

    الانسانية حب وصفح وعطاء وانكم سياسيين ومناضلين ومفكرين ومثقفين ،كم من الكتب قرأتم انتم تقولون ذلك ماذا نقول عن الجاهل الذي مازال يقتل اخيه العراقي لانه سني اوشيعي او بعثي هل تتمثلون بعزة الذي اوصل نفسه الى التحالف مع داعش وانتم ما زلتم تحقدون عن من كان ب

  6. salam salman

    الاعتذار اسلوب حضاري واعتقد قليل من العراقين يمارسون هذا السلوك ابو فرح احسنت الكتابه و اوفيت بالغرض

  7. فكرت عزيز

    العزيز عدنان حسين على مايبدو ان ابتعادك عن الحزب الشيوعي العراقي يجعلك تخطئ بحق اشخاص تعرفهم جيدا وانت تحاول الاعتذار من الاخرين اضع خطين على ماذكرت ان جاسم الحلفي العضو النشيط بالمكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي مع اعتزازي به لكن لايحق لك ان تبخس و

  8. قؤاد الجزائري

    ما الوم والدي جان يقرأ الصحف القديمة ، واني كنت اضن من الفقر ، هسه عرفت حكمة والدي .. شكرا للكاتب عدنان حسين

  9. علي عمر عثمان

    السيد عدنان حسين المحترم, الاعتراف بلخطء فضيلة و انت اعترفت بخطأك و اعتذرت فلماذا تريد الاستقالة؟؟ من سوف يكتب لنا كل يوم عامود شناشيل؟ من سوف يكتب لنا عن معاناة العراق و العراقين؟ ارجو من السيد عدنان ان لا يعتزل الكتابة لانك من الكتاب النادرين في هذاالزم

  10. امان

    استاذ عدنان حسين.. شكرا لك مرتين، مرة لانك كنت انسانا راقيا متحضرا شجاعا باعتذارك.. ومرة لانك اتحت لنا الفرصة بكشف بعض المحسوبين على الثقافة.. والذين مازالت نفوسهم وارواحهم تفح كراهية وحقد قبل السنتهم واقلامهم.. هؤلاء احد اسباب تأخر الثقافة, والفن بشكل خا

  11. saad salman

    كما عرفتك وعرفك اصدقاؤك شجاعا ومتألف مع ما تقول تحيه عزيزي ابو فرح

  12. راضي الراضي

    استاذ عدنان انت ترسل مع الشوق عذرك فهو اعتذار مغلف بشموخ النفس كيف لا وانت الصفحة البيضاء لم يسجل عليهاسوى ماضيكم الجيد والطيب من حاضركم الذي لا ينسى مع التقدير

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram