محمود عبد الوهاب الأولى/الجنس الأدبي، تنظيم عضوي لأنواع أدبية، وهو أصل النوع، فالسرد مثلاً، جنس أدبي، والرواية والقصة والقصة القصيرة أنواع من السرود، تابعة للجنس بالانتساب، لأنها أنساليته ومنتجه الذي تَولّد على وفق قوانينه السوسيولغوية، والشعر جنس أدبي كذلك،
والقصيدة نوع، ومن هذا الجانب ينبغي للكاتب والشاعر أن يحفظا للمنجز مصطلحه أو تسميته، وليس من الدقّة، في ما أرى،أن يحمل غلاف مجموعة من القصائد اسم جنسه الأدبي لا صفة منجزه، كأن تحمل مجموعة القصائد تجنيساً على غلافها (شعر) لا (قصائد)، وهنا أتساءل: أيصحّ مثلاً أن يكتب على غلاف رواية أو مجموعة قصص قصيرة (سرد) بدلاً من (رواية) أو (قصص قصيرة)؟، وهل يصحّ أيضاً أن يكتب على غلاف (مسرحية) هذا التجنيس (مسرح)؟ إنها مسألة لا تعدو أن تكون مقترحاً للأجناسية المنضبطة بالنوع.rnالثانية/هل باستطاعتنا أن نضع حدوداً للأجيال الأدبية؟ وكيف؟ هل يُحدّد الجيل الأدبي بالعمر أو ببدايات الكاتب أو بخصائص إبداعه؟. ينبغي للدارس هنا ألاّ يتناول الأجيال الأدبية بوصفها أجيالاً بيولوجية أو فئات عمرية حسب، فالأجيال الأدبية تمتلك إمتيازاً خاصاً بها، إبداعا وإنجازاً، ومن هذا الجانب، يكون الجيل الأدبي قابلاً للحصر بالمشترك و التمييز، على العكس من الجيل البايولوجي الواسع الذي يُدرس بحسب فئاته العمرية، غير أن الجيل الأدبي ترتبط حدوده بمشتركات الخصائص الفنية، وغالباً ما نرى ذلك واضحاً في الدراسات التأريخية للآداب والفنون، كإطلاق صفة جيل الرومانسيين والرمزيين والبرناسيين الذين ارتبطوا بخصائص فنية معينة، كذلك نجد كتاب الرواية الجديدة في فرنسا الذين لم تجمعهم أعمارهم بل خصائصهم المشتركة في الكتابة الروائية، تلك الخصائص التي جمعت بين (غرييه) وميشيل بوتور وكلود سيمون وناتالي ساروت، مع الفارق الكبير في السنّ بين ساروت وغرييه مثلاً، وهذا ما يمكن قوله أيضاً عن كتاب الواقعية في الخمسينيات لاشتراكهم بالخصائص المهيمنة على نصوصهم إلى حد كبير.يرى روبير اسكاربت، أن مفهوم الجيل، على إغرائه، يشوبه الغموض وليس واضحاً تماما،ً مقترِحاً استبدال "الفريق" بـ "الجيل" لأن"الفريق" أكثر مرونةً، وهذا الاستبدال لا يعني إلغاء مفهوم الجيل الأدبي الذي يشترك بخصائصه، لكن هذا الاستبدال يتوجّه مباشرةً إلى المصطلح لا إلى المفهوم.rnالثالثة/في كتابهِ "دفاع عن الأدب" خصّص الكاتب و الروائي الفرنسي جورج ديهامبل، (ترجمة الدكتور محمد مندور)، فصلاً عن فن القصّ، تناول فيه واقعية اللغة في الحوار، مؤكّداً أن استعمال اللهجة العامية في حوار الشخصيات الروائية والقصصية بقصد محاكاة الواقع اليومي، ما هو إلاّ نظرة صبيانية، وأن الكاتب الماهر هو الذي يرى أن الواقعية في الحوار ليست في إستعمال اللهجة العامية، وليست في إستعمال اللغة الفصيحة، إنما هو في الآراء التي تمثّل المستوى الفكري والثقافي والبيئي للشخصية، وأن على الكاتب أن يعمل على تطعيم لغة حواره بخصائص لغة الأفراد والبيئات، وأن يُدخلها في روح اللهجة العامية، أي أن تتزيّا لغة الحوار بزيّ اللهجة لا اللهجة ذاتها، و في محمولها أيضاً الذي يمثّل مستوى الشخصية الروائية والقصصية الفكري والثقافي، وفي محاكاة يسر اللهجة وسهولة تداولها، فليس من الواقعية أن يتكلم الحوذي بأنساق فلسفية في لهجة عامية، هنا يفقد الحوار صدقيته، مادام محموله الفلسفي لا يناسب واقعياً أفكار حوذي بسيط.
اوراق: 3- إشارات
نشر في: 12 يناير, 2010: 07:44 م