تحتل السيمفونية الاسبانية التي كتبها الفرنسي أدوارد لالو (1823 – 1892) موقعاً مهما بين الأعمال الموسيقية التي تقدم بكثرة في كل أنحاء العالم. وهي ليست سيمفونية حقيقية، بل خليط بين شكل سينفونيا كونشرتانته (متتابعة أو افتتاحية للأوركسترا مع أداة م
تحتل السيمفونية الاسبانية التي كتبها الفرنسي أدوارد لالو (1823 – 1892) موقعاً مهما بين الأعمال الموسيقية التي تقدم بكثرة في كل أنحاء العالم. وهي ليست سيمفونية حقيقية، بل خليط بين شكل سينفونيا كونشرتانته (متتابعة أو افتتاحية للأوركسترا مع أداة موسيقية منفردة)، وشكل كونشرتو الكمان. ألف لالو هذا العمل سنة 1875 خصيصاً لعازف الكمان الاسباني الماهر بابلو ساراساته (1844 – 1908)، وقد سحر هذا العازف المبدع أصدقاءه من الموسيقيين بعزفه وبالألحان الاسبانية التي قدمها، ودفعهم إلى تأليف أعمال "اسبانية"، مثل مقدمة مع روندو كابريتشيوزو لسين-سانص (1863) واوبرا كارمن لبيزيه (1875)، وعمل إيمانويل شابرييه رابسوديا اسبانيا (1883) وغير ذلك وكانت الحمى "الاسبانية" الموسيقية تعم باريس في تلك الفترة بتأثير من بابلو ساراساته. كان لقاء المؤلف المغمور لالو بالعازف ساراساته نقطة انتقال حقيقية. فقد حصل لالو بعد سيمفونيته الاسبانية على نجاح وشهرة لم يكن يحلم بهما من قبل. وقد قدم العرض الأول لهذا العمل قبل شهر واحد من اوبرا بيزيه كارمن التي أوحى بها اليه ساراساته، لذلك نجد بعض التقارب بين العملين، مثل استعمال ايقاعات وموتيفات اسبانية (مثل رقصة سيغيديّا في الحركة الثانية). وقد أهملت الحركة الثالثة – انترمتسو - من العمل لفترة طويلة قبل أن يقوم عازف الكمان والمفكر اليهودي منوهين بإعادة الاعتبار اليها. وتعود الأغاني الشعبية في الحركة الرابعة قبل أن يختتم العمل بالحركة الخامسة الفوّارة المليئة بالألحان الصعبة التي يؤديها عازف الكمان.
سيمفونية لالو الاسبانية عمل يتميز بالخيال الخصب والأناقة والبريق والحيوية، فلا عجب إن احتلت موقعها المتميز في قلوب محبي الموسيقى.