يوم كان العراق يستقبل أعدادا كبيرة من الاجانب لزيارة مواقعه الأثرية والتاريخية المنتشرة في معظم المحافظات ، حرصت مؤسسة السياحة على تشجيع ما يعرف بالأغنية السياحية ، وكانت يازاير بلدنا بصوت المطرب احمد سلمان يعاد بثها عبر الاذاعة والتلفزيون أكثر من مرة في اليوم الواحد ترحيبا بالزوار من مختلف الدول الاجنبية .
محال بيع الانتيكات وقاعات عرض الاعمال التشكيلية فقدت زبائنها ، فإنحسر نشاطها التجاري ، أما سوق الصفافير فاقتصر حضورها من خلال ذكرها في المثل الشعبي الشائع ، خارج هذا الاطار تحولت السوق الى محال لبيع الاقمشة والعدد اليدوية والحنفيات القديمة ، دخلت سوق الصفافير الى ميدان الادب والثقافة استنادا الى حقيقة ، تقول ان الخليل الفراهيدي إكتشف بحور الشعر العربي اثناء زيارته لسوق الصفافير في البصرة ، فأعطى للصفارين إمتيازاً خاصا لازمهم مئات السنين ، لكنهم فقدوه في الوقت الحاضر حين استغنى البغداديون عن خدماتهم ، مع احتفاظ ذاكرتهم بالمثل الشائع .
يازاير بلدنا أعادت بثها إذاعة محلية قبل أيام تابعة لحزب متنفذ قرر أمينه العام رفع الحظر المفروض على الأغاني والموسيقا ، لتشجيع الاجانب على زيارة العراق في شتائه الدافئ للاطلاع على معالمه الأثرية ، فذهبت الأغنية مع كل الاحترام والتقدير لمطربها أدراج الرياح ، زعيم الحزب يبدو إنه أسس شركة نقليات روج لها عبر وسائل إعلام حزبه لتحقيق الربح وإستعادة رأس المال خلال شهر واحد ، لكنه فشل في تحقيق أهدافه.
قطاع السياحة في العراق إنحسر نشاطه نتيجة عوامل من أبرزها الحروب ، تدهور الاوضاع الأمنية ، تردي الخدمات الاساسية ، إنتشار السلاح المنفلت ، سيطرة جماعات ارهابية على الحدود ، كل هذه الاسباب وغيرها جعلت أغنية يازاير بلدنا ضمن الملفات القديمة المنسية ، على الرغم من إعلان الحكومة تشجيع الاستثمار في القطاع السياحي ، واحياء سوق الصفافير لاستعادة مكانتها التاريخية السابقة .
الحكومة بإستطاعتها أن تصدر قرارات تشجع رجال الأعمال على تنفيذ مشاريع إستثمارية سياحية ، اما إحياء سوق الصفافير ، فلا يحتاج الى تشريعات او قرارات ، ومبالغ مالية تضاعف أعباء الدولة الاقتصادية ، حملة إحياء السوق مستمرة منذ سنوات بجهود وسائل اعلام محلية تابعة لاحزاب مشاركة في الحكومة على مدار الساعة تبث أخبارا وتقارير تجسد بطولات زعمائها وقادتها تشن حملة على من يقف وراء كشف تورطها بقضايا فساد مالي، يستقبلها الجمهور بذكر المثل الشائع الخاص بسوق الصفافير.
يازاير بلدنا يدعوك العراقيون الى ارجاء زيارتك حتى إشعار آخر ، الموعد ليس بعيدا ، لكنه مرتبط بتنفيذ الحزم الاصلاحية ، وإتفاق القوى الشيعية ، ونظيرتها السنية على مواقف سياسية تخدم المصالح الوطنية ، بعد ذلك تستطيع الوصول الى بغداد لتستقبلك كهرمانة مع أربعين الف حرامي ، هل وصلت الرسالة يازاير ؟؟ يا هلا يا هلا بالضيف .
يا " زاير " .. بلدنا
[post-views]
نشر في: 27 نوفمبر, 2015: 09:01 م