ديالى /الوكالاتيعتقد المتخصصون في الملف الامني بمحافظة ديالى أن العلاقة الجيدة التي تربط عنصر الامن مع اهالي المحافظة، سياج امني لرجل الامن يحميه، وسلاح يساند البندقية والمدفع لمحاربة الارهاب وبسط سلطة القانون. وقال أحد ضباط الشرطة بمدينة بعقوبة المقدم علي الطائي :أن «العلاقة مع المواطن تمثل سياجا امنيا لرجل الامن،
وكلما بنيت هذه العلاقة على تبادل المنفعة والثقة بين الطرفين فانها تمثل سلاحا قويا بوجه الارهاب»، مشددا على أن المدنيين يمكنهم مساندة سلاح الجندي والشرطي لمقاتلة الارهاب، بالابلاغ عن تجمعات المسلحين وتقديم المعلومات عنهم، وعدم ايوائهم. وأضاف الطائي: أن المواطن بحاجة إلى اعادة بناء نفسيته لانه وقع ضحية ظروف قاسية طيلة العقود الماضية، فقد واجه حروبا وحصارا نجمت عنها بروز الكثير من الآفات الاجتماعية التي كان تأثيرها واضحا على الملف الامني. وأشار إلى أن المواطن في محافظة ديالى عاش مرحلة العنف الطائفي عام 2006 وامتد لعامين متواصلين بشدة ودموية وهي قمة الخطورة التي مر بها المجتمع العراقي ايضا. وكشف أن جهاز الشرطة العراقية في المحافظة فقد أكثر من 1700 قتيل ونحو 3000 جريح من أجل محاربة شر الارهاب الذي كان مثل طوفان كبير كاد يجرف الجميع إلى الهاوية، مستدركا «لكن التعاون وتنمية قدرات القوات الامنية اعادت الامور إلى نصابها نوعا ما». ولفت الطائي إلى وجود أخطاء لدى بعض عناصر الاجهزة الامنية العراقية، مبينا أن هناك جهدا متواصلا لاعادة البناء وفق سياقات صحيحة وابعاد الاثر الطائفي عن ادائها وأن تكون بعيدة عن التجاذبات السياسية. وتمنى أن يعود رجل الشرطة إلى صورته الطبيعية وعلاقته الجيدة مع الناس، لكي يتجول بين الازقة والشوارع وهو يحمل عصا القانون من دون الحاجة إلى الدروع الواقية أو الاسلحة الفتاكة. من جانبه، قال الشرطي المتقاعد مسعود المعاضيدي «لم نكن بحاجة لمدفع رشاش أو درع واق من الرصاص أو عجلة مدرعة مزودة بشتى أنواع الأسلحة لكي نفرض سلطة القانون ونبسط الأمن والسلام». مضيفاً أن «عصا القانون هي الاحترام والالتزام بحماية الفقراء والضعفاء من دون النظر إلى الوانهم أو طوائفهم «، مشيرا إلى أنه كان يعمل في جهاز الشرطة العراقية قبل 30 عاما، وتقاعد مؤخرا لكنه مازال يتذكر كيفية تطبيق القانون واهمية الاحترام بين المواطن والشرطي أو الجندي. ورأى المعاضيدي أن الشر الكامن في بعض نفوس البشر اصبح اكثر تمردا وقسوة من قبل بسبب الحروب التي طحنت المجتمع العراقي بقوة طيلة العقود الثلاثة الماضية فكانت نتائجها وخيمة على الاجيال الشابة التي نشأت على صوت الرصاص وبكاء الثكالى ودوي الانفجارات وضنك العيش. واستطرد المعاضيدي وهو يتطلع إلى صور قديمة التقطها مع زملاء له أثناء خدمته في احد مراكز الشرطة بمدينة بعقوبة قبل اكثر من ثلاثة عقود قائلا «إن مدينة بعقوبة كانت تحوي مركزا للشرطة فيه عدد قليل من الافراد واغلبهم كانوا يحملون العصي أو سلاح مسدس يسمى لدى الاهالي (الورور)، «مبينا أن سلطة القانون كانت تفرض بالاحترام والالتزام بحماية الفقراء والضعفاء، ولهذا لم نكن بحاجة إلى مدافع رشاشة أو عجلات مدرعة وهنا «يكمن الفرق بين عصرنا وهذا العصر». وألمح المعاضيدي إلى أن الاجهزة الامنية العراقية الحالية بحاجة إلى تعزيز علاقتها مع السكان لانها تفتقر إلى هذا الامر المهم كسلاح في محاربة الجماعات المسلحة التي ضلت طريق الصواب، محذرا من اهمال دور السكان في متابعة تحركات المسلحين. بدوره، يرى طلال اللهيبي، باحث اجتماعي أن العنف برز في شخصية المواطن العراقي منذ عقود طويلة بسبب طبيعة الاجواء المحيطة، مؤكدا حاجة المجتمع العراقي لعملية تأهيل ومعاملة جيدة لازالة طابع العنف عن بعض التصرفات ولهذا تبرز الحاجة لبرنامج حكومي لدعم الاسر. ودعا الاجهزة الامنية إلى التمسك بالمهنية والاحترافية، ومد خيوط التواصل مع المواطنين لتعزيز العلاقة والتعاون وابعاد اثار العنف والجفاء الذي يؤثر على الجانبين، مشددا على اهمية أن لا ينظر عنصر الامن إلى وظيفته كمكسب للعيش، بل واجب لحماية العراق وأن يسعى لتقوية علاقته مع الناس لتكوين ذخيرة جيدة تضاف إلى قدرة البندقية والتجهيزات الاخرى. من جهته، قال اخصائي الطب النفسي نوري الدوري إنه رأى قبل ايام اطفالا يقلدون لعبة شعبية قديمة في إحدى ازقة مدينة بعقوبة، وتتلخص اللعبة بفكرة (الشرطي والحرامي)، موضحا أنه في ايام طفولته كان الجميع يسعى إلى لعب دور الشرطي حامي القانون ومطاردة المجرمين، لكنه شاهد أمرا مختلفا عن صورة الماضي، حيث تعكس لعبة الاطفال حاليا الشرطي بصفة غير القادر على حفظ الامن، وأن القوة تكمن في الاشخاص الملثمين. وأبرز الدوري الحاجة لايجاد حلول لهذه النظرة غير الصحيحة التي خلفتها الاحداث الامنية السابقة نتيجة سيطرة الجماعات المسلحة على اجزاء واسعة من محافظة ديالى في ظل غياب واضح للاجهزة الامنية. واختتم الدوري قائلا «إن الاجهزة الامنية قادرة على استعادة هيبتها وقوتها بالعلاقة الجيدة مع العائلة وتكريس حالة التعاون بين الجانبين لان الامن يتحقق بمس
عسكريون يؤكدون الحاجة إلى بناء نفسي يعزز العلاقة مع المواطن
نشر في: 12 يناير, 2010: 07:57 م