عبدالله السكوتي يحكى ان ابن آوى جاع ذات يوم، ولم يقدر على صيد مايقتات به ، فاعلن توبته عن اكل الدجاج وغيره من الحيوانات، ارتدى جبة خضراء، واعتم بعمامة بيضاء وتقلد مسبحة الفية ، وزعم انه متوجه الى بيت الله الحرام ليعلن توبته هناك ،
وليكفر عن ذنوبه وانه لن يعود الى ماكان عليه من ارتكاب الاعمال التي لايرضاها الله ، وبينما هو سائر واذا بدجاجة ، وقع نظره عليها، اعترى المسكينة ذعر شديد وحاولت الهرب ، الا انه طمأنها قائلا: انا تبت الى الله وانه يغفر الذنوب لمن تاب ، واني ذاهب الى بيت الله الحرام لاعلن توبتي هناك ، فالدنيا فانية ولاقيمة لها ، ودعاها الى مرافقته في هذه السفرة المباركة ، خدعت ورافقته وتابعا السفر وبعدها التقى ديكا ودجاجا فتكلم معهم نفس الكلام ، حتى تجمع حوله دجاج كثير، وعندما جن الليل هجم على المجموعة وافترسها.توبة البعض ودخولهم العملية السياسيّة ليس ايماناً منهم بالتغيير بقدر ما ارادوا ان ينقضّوا على هذه العملية في ساعة الصفر المرسومة لهم يساعدهم في ذلك محيط جلّ همّه افشال تجربة العراق الديمقراطي ، الدليل على ذلك ما يدور في اروقة مجلس النواب حيث اعلن بعضهم عن نواياه الحقيقية التي تقف وراء انخراطه في العملية السياسية وعاد عن التوبة الكاذبة ، لم تكن توبة نصوحاً بل هي كما فعل الثعلب ناتجة عن جوع وعن نوايا مبيّتة لكننا نقول: لا عودة الى الخلف ، الديمقراطية في العراق ستكون انموذجا رغم ما تقوم به الدول المجاورة من تدخل لاعادة عقارب الزمن الى الوراء ، ما مرّ في العراق من ظرف مأساوي شاهده المقابر الجماعية ومأساة حلبجة والصواريخ التي كانت تسقط على المدن ، فأزهقت أرواح الكثيرين ناهيك عن السياسات العدائية التي انتهجها النظام السابق ضد جميع طوائف الشعب العراقي ثم يأتي البعض كي يبرر سياسات ذلك النظام العدواني ويدعوها بالمفخرة وهو كما قال الشاعر:صلّى وصامَ لأمرٍ كانَ يطلبُه ُ/ لمّا انقضى الأمرُ ، لا صلّى ولا صاما.لقد ارتفعت الاصوات الخافتة أخيراً لتعلن عن انتمائها بعد أن يئست من عودة الارهاب حيث ذهب بجرائمه وفتاواه المقيتة فأرادوا ان يكشفوا عن وجوههم ويزيحوا الأقنعة التي كانت تغلّف أحقادهم وغرّهم ما يدور في الشارع الآن وما تبوّق به وسائل الإعلام من أن العودة الى الخلف صارت قاب قوسين أو أدنى ، أخذ البعض حماسهم القديم وبدأوا يطلقون التصريحات التي تصبّ في بذر الخراب والموت من جديد، هذا الأمر اصبح من المستحيلات فقد كسرت السجون والمعتقلات وأُخرِجَ من أُخرِجَ من زنزانات القهر والجوع ولا عودة للعبودية والمصادرة مهما كانت التضحيات ، أدعو القوى اليسارية القديمة في العراق والتي اعطت الكثير أن تعيد بناء قواعدها الجماهيرية لمواجهة دعوات كهذه وفضح زيف أقاويلها ، ولنعد الى (أبو كاطع) حين حاول أحد شخوصه والمسمّى (صالح أبو البينهْ) التقرّب من المناضلين كي يحمي أغنامه، وقارن نفسه بـ(عبيد المنتاز) حين نصحه بتسلق الأكتاف قبل أن تدوسه الأقدام ابان ثورة 14 تموز، حاور نفسه طويلاً (وانته يا صالح يَبْن الغبرهْ ، هل تملك خبث عبيد ومكره؟ وهل وسم ظهرك خيزران الشيوخ مثل "عودهْ الكُبر" و"محمود شنيّن" فكيف تطمع بلقب مناضل؟) ضحك من نفسه وحين اطمأن الى خلوّ المكان رفع صوته:- المناضل صالح حميّد وعاد الى نفسه (خلهم يكَولون أبو البينهْ...هم ميخالف)المناضل (صالح أبو البينهْ) لكننا نقول وشهودنا معنا ، فكلنا نحمل شاهداً على عذاباتنا في الزمن الغابر ، كما قال شاعر (التجليبهْ)أجَلْبَنَّكْ يَليلي والوياي ويايعلى الوادي بجيت وحرّميت المايأنهْ من أحجي يَخوتي شاهدي ويّايجسّوا جروح كَلبي وشوفوا أصاويبهأجلّبنك يليلي ألف تجليبه.
هواء في شبك: (توبة الواوي)
نشر في: 12 يناير, 2010: 08:04 م