استذكرت وزارة الثقافة بمشاركة حشد من الأدباء والفنانين والباحثين والنقاد والمعنيين وبالتعاون مع أمانة شؤون الثقافة الكردية في اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين الشاعر والفنان الراحل (محمد صالح ديلان) في حفل على قاعة فندق السدير الأحد الماضي متضمناً فق
استذكرت وزارة الثقافة بمشاركة حشد من الأدباء والفنانين والباحثين والنقاد والمعنيين وبالتعاون مع أمانة شؤون الثقافة الكردية في اتحاد الأدباء والكتّاب العراقيين الشاعر والفنان الراحل (محمد صالح ديلان) في حفل على قاعة فندق السدير الأحد الماضي متضمناً فقرات منوعة بدأت بالنشيد الوطني. وبينت مقدمة الحفل الاعلامية اسراء شاواز ان الشاعر ديلان ولد سنة 1927بمحلة كويزة بالسليمانية في أسرة محبة للأدب وفن المقام الكردي. انتمى في الأربعينات من القرن العشرين الى الحركة الوطنية الكردية وأبدى نشاطاً سياسياً ملحوظاً، فتعرض جراء ذلك للاعتقال والإبعاد بين السنوات 47ـ 66. وقالت: كان ديلان في مطلع حياته الأدبية معجباً بتجارب شعراء كرد مبدعين أمثال سالم ومولوي ومحوي وشعراء مجددين أمثال بيره ميرد وكوران مقتنعاً بأن العنصر الثقافي متلازم للإبداع الشعري الى جانب موهبة الشاعر والإيحاء والحس المرهف والخيال الخصب، فألف قصائد من الشعر الوطني بتعابيرها الرومانسية ومحتواها الواقعي الانتقادي، وأبدع في تصوير كردستان بطبيعتها الخلابة وبشعرية بيانية جذابة مشوبة بالمسحة الأسطورية والأفكار الممزوجة بفلسفة الحياة، كما نطالع في قصائده نماذج حية من الشعر الوطني والقومي في قوالب ملحمية.
فيما أوضح الأستاذ حسين الجاف أمين الشؤون الثقافة الكردية في الاتحاد ان الشاعر ديلان كان مناضلاً وطنياً من اجل حقوق شعبه وقد تعرض للكثير من الاعتقالات والسجون. وقال: اذكر حين حضر ديلان مهرجان المربد عام 89 قال لي بانه لم يترك سجناً في العراق يعتب عليه، من سجن السليمانية الى سجن الموقف في بغداد الى سجن الكوت ثم بعقوبة والبصرة ونقرة السلمان والرمادي وغيرها. منوهاً الى انه حمل هموم شعبه الكردي المظلوم الذي تجزأ بفعل ألاعيب الاستعمار، كما كان يتوق لرؤية الشعب العراقي اكثر سعادة وأمناً، ويحلم بعراق ديمقراطي مدني حر تعددي، لكنه رحل في 25/ 10/ 1990 ودفن بمدنية الفداء والتضحية السليمانية البطلة.
ونيابة عن السيد الوزير فرياد رواندزي ، ذكر الاستاذ فوزي الأتروشي وكيل وزارة الثقافة بأننا نفخر بالشعر ليكون اساساً للوعي والذاكرة. مبيناً ان ديلان في مطلع حياته الأدبية كان معجباً بتجارب شعراء كرد مبدعين أمثال سالم ومولوي ومحوي لكنه تقمصهم وتمثلهم جميعاً فاعاد انتاج نفسه شاعراً مبدعاً لم يرض بالمحاكاة والتقليد وانما برّز نسيج نفسه. وقال: استحضر في هذه الكلمة صرخته في ان يجعل التعذيب نوتة موسيقية والسجن سريره المتنقل ما بين مدن العراق.
منوهاً الى ان الأدب الكردي لم ينشأ على ابواب السلاطين، فلم يكن ديلان يكتب قصائد تنتصر لشخص بعينه وانما كانت قصائده مؤسسة للمقاومة والعقل الجمعي ليتم التئام جرح شعب باكمله وليس شخص بنسبه واصله، هذه هي السمة الاساسية التي اتبعها لكنه ربط القصائد بحياته التي كانت قصة مقاومة بحد ذاتها.
واشاد الناقد فاضل ثامر رئيس اتحاد الادباء والكتاب العراقيين بمبادرة الوزارة لأستذكار شاعر مناضل وطني يعد من المبدعين الكبار في الحركة الثقافية الكردية ما يدلل على عمق التواصل بين مختلف مكونات الثقافة العراقية. وقال: نحن سعداء بهذه الفعاليات الثقافية التي تعزز اللحمة التاريخية بين جميع مثقفي الشعب الواحد. والشاعر محمد صالح ديلان كان صوتاً وطنياً مؤثراً من خلال تلاحم الثقافتين العربية والكردية فلا يمكن التقسيم بينهما لاننا نعيش تحت سقف واحد. لافتاً الى اهمية احترام اردة الشعب الكردي في تقرير مصيره لكنه في الوقت ذاته لا يمكن القبول بان تبادر جهة لوحدها برسم الخرائط، فلا بد ان تكون هناك اتفاقات بين جميع المكونات، لأن أي اجراء سيؤدي الى نسف هذه العلاقات التاريخية العميقة التي لم نفرط بها يوماً. مشيراً الى ضرورة ارتفاع صوت المثقف العراقي التنويري لأجل طرح برنامج عملي سليم، باننا لا نقبل ابداً بأي محاولة لخلق حالة احتراب بين شعبينا. لذا لا بد من الوقوف ضد كل اشكال التطرف التي قد يلجأ اليها رجل السياسة لاعتبارات كثيرة كالمزايدة والكسب. وقال: يجب العمل بطريقة واضحة ونظيفة لأننا لا نريد ان نجد انفسنا داخل حمام دم يفرضه علينا رجل السياسة من هذه الجهة او تلك. وأوضح: اننا مع مجيء الاستاذ فرياد رواندزي وجدنا تعاوناً واسعاً بين الوزارة واتحاد الادباء، لكننا نطالب بتخاذ اجراءات اكثر جذرية لايقاف حالة الفساد، والضغط على الحكومة الاتحادية لتخصيص ميزانية معقولة لوزارة الثقافة وان تكون لها سيادة في الدفاع عن صوت المثقف العراقي. مبيناً انه في الفترة الأخيرة ألحق بالمثقف العراقي غبن آخر من خلال حجب الدعم الذي كان يقدم سنوياً في مثل هذا الشهر برغم انه مبلغ زهيد. مطالباً بالكشف عن الاسباب الحقيقية التي تكمن وراء هذا الحجب، والعمل على اعادة المخصصات وصرفها قبل ان تعطي مؤشرات ليست في صالح الحكومة الاتحادية التي عرضت الثقافة العراقية الى لون من التقشف غير المقبول، فالثقافة العراقية هي الضحية الأولى في عملية التقشف في حين هي بحاجة للدعم والاسناد لأجل النهوض بدورها الكبير في بناء مجتمع ديمقراطي.
بعدها القى الشاعر ابراهيم الخياط قصيدة (الربيع) وهي واحدة من قصائد الشاعر ديلان، تلتها مجموعة اغنيات وطنية بصوت الفنان مجدي حسين بينها (هربجي كرد وعرب.) كما تضمن الحفل جلسة ادارها الاستاذ حسين الجاف القى خلالها عدد من الباحثين الاكاديميين بحوثاً تناولت حياة وتجربة الشاعر ديلان وهم: عز الدين مصطفى رسول ورؤوف عثمان معروف وكمال غمبار.