الرئيسية > أعمدة واراء > وعادت بغلتي لبريجي

وعادت بغلتي لبريجي

نشر في: 5 ديسمبر, 2015: 09:01 م

مرة كتبت هنا عن ان أصعب وضع على الكاتب حين يجد نفسه مثل ذلك الذي صاح بقومه "مكدر اكولن بغلتي ببريجي".  اليوم أجد نفسي مجددا بالوضع ذاته في هذا الصباح الذي أكتب فيه هذا العمود وأنا أرى الكل يسأل ويجيب نفسه عن مصيبة داعش. جرب ان تجيب من يسألك بالعراقي الفصيح: ما تكلي شنو قصة داعش؟ لا تتعب وتجيب لأنه يمتلك الجواب. سألك ليرى ان كان جوابك مثل جوابه. فإن وجده مختلفا فسيشلع قلبك ليقنعك او يفرض عليك الجواب. المريح في الأمر فقط هو إنه يدرك بان داعش بكل ما فيه نتيجة وليس سببا. لكن عند الدخول في الأسباب الحقيقية التي تقف وراء تأسيس داعش ونموه واحتلاله لثلث العراق وقتله مئات الآلاف من أهله تفجيرا أو ذبحا او رميا او حرقا، تشبج الشغلة وتشتغل العنتريات.
كل هذا الذي تسمعونه من أميركا وروسيا مرورا بفرنسا وبريطانيا وألمانيا مجرد مسكنات لا تستأصل سبب العلة. وكل هذا الذي تسمعونه في العراق أيضا من جهد حربي وسياسي للخلاص من دولة داعش قد ينجح في طردها، لكن احتمال عودتها من الشباك يظل وارداً.
اليوم انتبه العالم، واشك في انتباهه، الى ان محاربة داعش في الجو لا تنفع اذ لا بد من قوات أرضية. زين والمفخخات، والانتحاريون شلون؟ ثم، كيف نضمن ان هذا الطفل الذي ولد اليوم او الذي عمره ست او سبع او عشر سنوات لا يصبح داعشيا عندما يكبر؟ هو شنو الداعشي باختصار؟ إني أراه إنسانا تم غسل دماغه وإقناعه، لأنه يصلي ويصوم ويلتزم بالفرائض، بانه أفضل من الآخرين ويحق له ما لا يحق لغيره. من هنا صار يحق له ان يحكمك ويتحكم بمصيرك. ويرتفع سقف الحق عند بعضهم فيعمد الى تفجير نفسه لقتلها وقتل الذي يراه مخالفا له ليضمن الجنة وينعم بحورها العين. تذكروا، وأنتم خير العارفين، بأن غسل الادمغة لا يتم الا باستعمال أدوات خاصة تحت ظروف خاصة أيضا. من هنا أقول بانك لو أدخلت مليارات من القوات البرية ومثلها جوية وما يعادلها بحرية دون ان تستهدف تلك الأدوات وتدمرها فلن تخلص من الدواعش. وأن خلصت منهم اليوم فسيعودون بثوب آخر عن قريب.
لو سألتموني: ما هي تلك الأدوات وكيف يتم تدميرها؟ جوابي لكم: سوري! ليش؟ لأن بغلتي رجعت ببريجي يا أصحاب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ام رشا

    السيد الكاتب الا توافقني الرأي بان فكر داعش هو نفس فكر الأحزاب الشيعية التي تحكم العراق الان والتي فرضت وجودها بالقوة وتفردها بالسلطه و ادعاءها باحقيتها بالحكم وتصفيتها للسنة بطريقة غير معلنة وبواسطة مليشياتها المختلفة وهي التي تتحكم في مصير العراق الان

  2. عراقي زهكان

    وجود الداعش الاسلامي نتيجة لداعشنا الوطني ! نحن ابناء قبائل لم نفلح ببناء دولة بل ونصر على انتمائتنا القبلية نفرح بغزوة زرباطية ونلعن غزوة اوردغان وبالعكس ورغم هذه الحقيقة المرة يصر شيوخ القبائل التغني بالوحدة الوطنيةوالسيادة سالفتنا تحير اللي ما يتح

ملحق معرض اربيل للكتاب

الأكثر قراءة

البْصَرة عراقيَّة.. لا عَلويَّة ولا عثمانيَّة

العمود الثامن: الجلوس على أنفاس المواطن

روما على مفترق طرق – هل تكتب الجولة الثانية نهاية أزمة أم بداية تصعيد؟

قناطر: المُوحِشُ المُسْتفرَد بين السعفِ والقبّرات

(50) عاماً على الحرب الأهلية اللبنانية حياةً بين قذيفتين

العمود الثامن: نور زهير ياباني !!

 علي حسين منذ سنوات وأنا أقرأ كلّ ما يقع بين يدي من كتب عن البلاد العجيبة اليابان، وأدهشني الأدب الياباني من كواباتا مروراً بكنزابورو أوي وميشيما، وانتهاءً بأشيغورا وموراكامي . شعب يكتب بحروف...
علي حسين

قناديل: مائدة طعامك التي تقرأ مستقبل العالم

 لطفية الدليمي علّمتْنا تجاربُ كثيرة في الحياة أنّ الأمثلة الشاخصة أكثر تأثيراً في مفاعيلها من المقولات المجرّدة. كلّما نظرتُ في مصدر الطعام الموضوع على مائدتي غمرَني إحساسٌ بأنّ هذا الطعام يمكنُ أن يكون...
لطفية الدليمي

قناطر: هل الثقافة مكملات غذائية ؟

طالب عبد العزيز في العودة الى قضية الجوائز الأدبية بالعراق والوطن العربي نجد أنّها لم تتبلور في قيمتها على المستوى الشعبي، فلا يُشار لأصحابها بالأهمية، ولا نجد لها دوراً في صنع الثقافة، على خلاف...
طالب عبد العزيز

العدالة الدولية تحت المطرقة

حسن الجنابي (الجزء- 3) كان الأمريكان والدول الغربية في غاية الرضا عن الدور الذي كانت تؤديه محكمة الجنايات الدولية (ICC). فقد نشطت المحكمة في ملاحقة بعض الجرائم الدولية، ومنها جرائم بعض القادة الصرب في...
حسن الجنابي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram