اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الأمانُ يودِّع المواطنين في البصرة !

الأمانُ يودِّع المواطنين في البصرة !

نشر في: 5 ديسمبر, 2015: 09:01 م

يتصل أحد أفراد العصابة التي خطفت سائق سيارة الأجرة مع سيارته بوالده قائلاً له: خطفنا ابنك، وعليك دفع فدية مقدارها أربعة دفاتر(40 ألف دولار) وإلا قتلناه. ثم يغلق الهاتف، وبعد يومين يعاود الاتصال. أربعة دفاتر لو ابنك؟ فيرد الأب : ما عندي. إقتلوه. فيخطف عم السائق الهاتف من شقيقه، ليجيبهم بحديث هامس، أقل حدة: عيني، شدعوه أربعة دفاتر!! ترى والله مشتري سيارته بالأقساط !! وبعد أخذ ورد يختصر احد أفراد العصابة المسألة قائلا: عمّي أحنا عدنا نذر، كل سنة نذبح عجل بمناسبة زيارة الاربعين، انطونا خمسين ورقة وتعالوا أخذوا ابنكم وسيارته.
 ليست السطور هذه مقطعا مجتزئاً من رواية أو مسلسل تلفازي، أبداً. هذا ما حدث قبل اسبوعين لأحد أقربائي، أنا شخصياً. وسواء أكان أفراد العصابة صادقين في حاجتهم لمبلغ العجل أو لم يكونوا كذلك، فإن حكايات مرادفة لهذه ولغيرها غالبا ما نسمعها، بل هي لم تنقطع، وصورتها متكررة منذ حوادث الخطف والقتل والتسليب التي شهدتها البصرة خلال السنوات الأخيرة لحكم نظام صدام حسين وإلى اليوم، ولا نقول بأن الحوادث هذه ظلت متصلة إنما تتفاقم في سنوات وتنحسر في أخرى، لكن الوضع العام والمؤشر خلال الايام الأخيرة يشير الى ارتفاع نسبتها بشكل لافت للنظر. وعبارة شيخ احد العشائر في منطقة الاهوار لذوي احد المخطوفين:           (سيارتكم وابنكم عدنا، بس يرجعون الوُلِِد من الزيارة بالسلامة، تعالوا ونتفاهم) يعرفها كل أهالي البصرة.
  لولا استغاثة الطبيب إبراهيم المطوري الذي خُطِفَ قبل يومين، من قبل عصابة في قضاء القرنة، ولولا إغاثة السكان له، وقد خرجوا من بيوتهم بالحجارة والعصي والاسلحة لكان الطبيب المسكين قد قتل او أُجبر على دفع الفدية، وعلى الرغم من تعرضه لإصابات في رأسه حيث ضربوه بكعوب بنادقهم، وهو اليوم في وضع مأساوي، لكنه يحمد الله على نجاته . الغريب أن الحادث هذا لم يكن الأول في القضاء ولن يكون الأخير في البصرة، كما تصرح الاجهزة الأمنية وكما يروي السكان، لكن الغريب والواضح هو العجز التام الذي تعاني منه الاجهزة الأمنية في المحافظة منذ سنوات طوال!   
في عام 2010 تقدم عضو المجلس المحلي، الحقوقي عقيل الخالدي لمجلس المحافظة بمشروع يقضي بنصب كاميرات وأجهزة مراقبة متطورة جداً، وعن طريق الاقمار الصناعية، وبما يغطي مساحة البصرة، لكن المشروع توقف لمدة سنتين لكي تحصل الشركة المنفذة على إجازة الترددات من وزارة الاتصالات، وحين ألحّ الرجل في طلب تنفيذه، توصلت الحكومة الى ايجاد الحلول له، لكنها عجزت أو سوّفت في اكماله بحجة عدم وجود الكيبل الكهربائي للعمل والبدء بانطلاقة أمنية جديدة. وفي صيحة وغصة يقول الخالدي: أنا اتهم الحكومة المحلية بعرقلة المشروع، وهي المسؤولة عن ما يقع للسكان من حوادث القتل والخطف والسلب.   
 قد يقول قائل بأن الوضع الأمني في البصرة لا يختلف عن الاوضاع الأمنية السيئة في بقية المحافظات العراقية، فنقول: نعم، لا يختلف، لكن أحداً لم يبحث في الاسباب، لكننا حين نعود بذاكرتنا الى شل القرار الذي أتخذه مجلس المحافظة والذي قضى بتنحية قائد الشرطة السابق فيصل العبادي قبل اكثر من سنة ونصف تقريبا، ووقوف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وحزب الدعوة وراء الابقاء عليه، سنعلم علم اليقين بأن حوادث القتل والخطف والتسليب لم تعد تشكل مفاجأة للمواطنين، حيث صار بحكم المتعارف عليه، أن يوصي الأب أبناءه بعدم التأخير ليلاً، ومثل ذلك يوصي سائقو السيارات بعضهم بضرورة الابتعاد عن المنطقة الفلانية، والتأكد من وجوه وأشكال الراكبين معهم، وعدم تناول ما يقدمونه للسائق من أكل وشراب، والحيطة من دخول الشوارع الضيقة ورفض الذهاب في الليل بخاصة إلى أحياء مثل أبو صخير والقبلة وأطراف الحيانية ونهير الليل ومقبرة الانجليز والكرمة وأبي الخصيب والحي العسكري. اما الراكب الذي يطلب منك الذهاب إلى القرنة في ساعة متأخرة من الليل  فأعلم بأنه خاطفك وسالبك وقاتلك لا محال!! 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram