TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ميتة في غرفة العبادي

ميتة في غرفة العبادي

نشر في: 5 ديسمبر, 2015: 09:01 م

بعد طرد داعش من تكريت في الربيع، كنا نقول ان السياسة في بغداد تعرضت الى التأجيل. وسألنا يومها عن السبب واجاب الزعماء ان الحوار سيتجدد بين الاطراف العراقية، بعد توقيع الاتفاق النووي الايراني. ثم جرى التوقيع في تموز وها نحن في برد نهاية السنة ولا اثر لفعل سياسي ولا مبادرة لحوار حول الملفات الكبرى.
وكنا نقول ان الجمود خطيئة، لان ثمنه كبير جدا على كل الاطراف. ولا احد اهتم بهذا وحتى الاحتجاجات الشعبية اهتمت برواتب المسؤولين ولم تكن مع الاسف، في وارد فهم العجز السياسي.
لماذا بقيت بغداد غير قادرة على تنشيط الحوار؟ بغداد تقول ان التجميد جاء انتظارا لاشياء محددة، وهذه اشياء قد تحصل وقد لا تحصل. وهكذا توقفت بغداد عن صناعة او اطلاق اي مبادرة. ونسيت فقرات التغيير والتصحيح الذي تحدثنا عنه لحظة سقوط نوري المالكي، واحلامنا بأن تجميده للسياسة سينتهي على يد جناح التغيير الشيعي وباقي القوى الوطنية.
ولكننا لم نستطع دفع التسويات حول لامركزية الادارة، ولا حول خارطة الامن، ثم وجدنا انفسنا نقاتل عن بقايا الدولة في شارع فلسطين لمن يتذكرون حوادثه المعبرة.
وحين تتوقف بغداد عن صناعة السياسة تصبح اصغر بكثير من العراق وتعجز عن اثبات وجود العراق على الخارطة. ذلك ان وظيفة بغداد هي ان تبقى نشطة تدير صراعات الشمال والجنوب والشرق والغرب بما يرتقي لجسامتها، وتجرب موديلات الحلول المتعقلة، وتمتلك شجاعة لترويجها وبحثها وفرضها، كي تثبت ان هناك بلدا لا يزال اسمه العراق. اما موت السياسة في العاصمة التليدة فسيشجع اي طرف خارجي على الاستهزاء بنا. وها هي دول الجوار تتفنن في السخرية من حدودنا وحجومنا واهميتنا.
نحن الان تقريبا بلا اي فعل سياسي. نحن ملايين نحمل البنادق ولا ندري الى اين يجب ان تتجه. ولا ندري هل ستبقى لدينا فلوس لملء الرشاشات بالرصاص ام لا!
لا تثرثروا كثيرا.. فقط فكروا: كيف يمكن انعاش السياسة الميتة في غرفة حيدر العبادي؟ لانه بقي وحيدا، يتناقض مع نفسه مضطرا كل يوم، فالاخرون لا يشجعونه على استئناف الكلام في السياسة، وهو لا يشجعهم ايضا، والجميع يطلبون فلوسا للبنادق، وتأجيلا للملفات الكبرى ريثما يحصل شيء، وهو شيء لانعرفه.
ومع كل تأجيل تقول الدنيا لنا ان عجزنا السياسي يترك فراغا، وان الفراغ يجب ان يمتلئ، وقد ملأته داعش التي تهدد الدنيا كلها، ولذلك ستضطر الدنيا من حولنا الى التدخل بنحو متسارع وملء الفراغ وطرد داعش ورسم مستقبل العراق بعد داعش.
كل صراخكم لن يحل بديلا للفعل السياسي المطلوب، وكل صراخكم لن يقنع الدنيا بعدم التدخل، وتذكروا وحسب ان بغداد لم تشهد منذ سقوط نينوى حتى مجرد اجتماع لكبار القادة المقررين، ولذلك ظهر الصغار وملأوا الدنيا ضجيجا، والله يستر من اليافعين والمستجدين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: سياسيو الغرف المغلقة

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

السردية النيوليبرالية للحكم في العراق

العمود الثامن: عاد نجم الجبوري .. استبعد نجم الجبوري !!

العراق إلى أين ؟؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

 علي حسين كان العراقي عصمت كتاني وهو يقف وسط قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، يشعرك بأنك ترى شيئا من تاريخ وخصائص العراق.. كان رجل الآفاق في الدبلوماسية وفي السياسة، حارساً لمصالح البلاد، وحين...
علي حسين

قناطر: بغداد؛ اشراقةُ كلِّ دجلةٍ وشمس

طالب عبد العزيز ما الذي نريده في بغداد؟ وما الذي نكرهه فيها؟ نحن القادمين اليها من الجنوب، لا نشبه أهلها إنما نشبه العرب المغرمين بها، لأنَّ بغداد لا تُكره، إذْ كلُّ ما فيها جميل...
طالب عبد العزيز

صوت العراق الخافت… أزمة دبلوماسية أم أزمة دولة؟

حسن الجنابي حصل انحسار وضعف في مؤسسات الدولة العراقية منذ التسعينات. وانكمشت مكانة العراق الدولية وتراجعت قدراته الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وانتهى الأمر بالاحتلال العسكري. اندفعت دول الإقليم لملء الفراغ في كواليس السياسة الدولية في...
حسن الجنابي

إدارة الاقتصاد العراقي: الحاجة الملحة لحكومة اقتصادية متخصصة

د. سهام يوسف بعد مصادقة المحكمة الأتحادية على نتائج الانتخابات الأخيرة، يقف العراق على أعتاب تشكيل حكومة جديدة. هذه الحكومة ستكون اختبارًا حقيقيًا لإصلاح الاقتصاد العراقي المتعثر، حيث تتوقف عليه قدرة البلاد على مواجهة...
سهام يوسف علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram