دخول قوة عسكرية تركية بدبابات ومدرعات الى بعشيقة ، يكشف بالدليل القاطع ان العراق بعد عام 2003 أصبح ساحة تصول وتجول فيها دول الجوار ، الشواهد الكثيرة ، تعكس حقيقة التدخل الخارجي في الشأن العراقي ، في زمن النظام السابق تم توقيع اتفاقية مع تركيا تقضي بالسماح لقواتها بالتغلغل داخل الاراضي العراقية بمسافة عشرة كيلو مترات لاستهداف تجمعات حزب العمال الكردستاني ، منذ ذلك الوقت وحتى الآن ظلت الاتفاقية سارية المفعول ، حين تتناول الحكومات المتعاقبة العلاقات الثنائية بين بغداد وانقرة، تركز على اطلاق حصة العراق المائية عبر نهري دجلة والفرات ، طبقا لاتفاقية الدول المتشاطئة ، لم يلتفت المسؤولون الى العلاقات الأمنية ، خصوصا إن مستجدات الاحداث في المنطقة تتطلب إبرام اتفاقيات جديدة ، لغرض توحيد الجهد المشترك لمحاربة الارهاب ، الأمر هنا لايعني تركيا بالتحديد وانما بقية الدول الاخرى ذات المصلحة في القضاء على الجماعات الارهابية .
تركيا أعلنت انها دخلت الى الاراضي العراقية استنادا الى طلب مسؤول محلي اثيل النجيفي محافظ نينوى المقال من منصبه ، فكان العذر التركي أقبح من الذنب ، وفاتها ان تبحث عن عذر آخر بإعتمادها على نصيحة نائب رئيس الجمهورية الاسبق طارق الهاشمي ، علما انها على معرفة تامة بأن النجيفي أثيل وشقيقه اسامة لا يشغلان منصبين رسميين ، لكن انقرة تدرك جيدا إن مغامرتها ستخلف ردود افعال ومواقف عراقية متباينة ، لتبعث برسالة الى المجتمع الدولي بأن الدولة في العراق "حايط نصيص " شعبها بأمس الحاجة الى ارتداء الطرابيش التركية لينعم بالامن والسلام ويقضي ساعات ممتعة اثناء متابعة مسلسلات تركية مدبلجة .
قوى عراقية لطالما أعلنت تعرضها للاقصاء والتهميش رحبت بالتدخل التركي ، عدته موقفا يعبر عن الالتزام بسياسة حسن الجوار ، فضلا عن التلاحم الأخوي بين الشعوب الاسلامية تلك القوى تجاهلت ما نشرته وسائل اعلام غربية من حقائق بالصورة والصوت عن التعاون التركي الداعشي ، تلك القوى أبدت رغبتها الحقيقية في ان يرتدي العراقيون الطرابيش لإثبات الولاء الى السلطان العثاني الحريص على ضمان استقرار الامن في بلاد مابين النهرين النابعين من الجارة الشمالية .
التدخل العسكري التركي تتحمل مسؤوليته النخب السياسية المشاركة في الحكومات المتعاقبة سواء كانت من انصار الطرابيش او العمائم والعقل، فليس من المعقول ان تحافظ اتفاقية انقرة مع النظام السابق على فاعليتها من دون ان تثير انتباه من رفع شعار الحفاظ على السيادة لكنه منح تنظيم داعش اجزاء واسعة من مساحة العراق ، لمنع تكرار الحماقات التركية ، يجب حساب ولاءات القوى السياسية لأطراف خارجية من زاوية جديدة ، فمن يميل الى الطرابيش لاتتطابق مواقفه مع اصحاب العمائم والعكل ، في العراق هناك من يتبنى نظرية "طربوشك ثم جارك ثم اخاك " في زمن السيادة .
طربوشك ثم جارك
[post-views]
نشر في: 7 ديسمبر, 2015: 09:01 م