الأخبار المتواترة عن تفشي الفساد في أوردة وشرايين الأصول والفروع في بلدي، ما تركت لي خيار تجاهل ما حدث لي شخصيا، وزينت لي استعادة تفاصيل محادثة هاتفية جرت قبل إسبوعين من تاريخ البارحة.
………….
المساء يرخي سدوله، وريح تشرين تعزف سيمفونيتها الخريفية المحببة. والهاتف يرن برتابة معتادة:
— أهلا ….
— أهلا أستاذتنا الكبيرة ( اتوجس ريبة.. ازجرها) إسمي علاء ، صحفي متمرس، كلفت بالإتصال بك لأبشرك بإدراج اسمك الكريم على رأس قائمة مدعوي الخارج، لحضور فعاليات مهرجان المربد المزمع عقده في منتصف حتى نهاية كانون الأول.
— شكرا،( أقولها بحبور مفضوح.)
— تدرين سيدتي، كل النفقات مدفوعة من قبل إدارة المهرجان، ابتداء من ثمن تذكرة الطائرة، والإقامة والضيافة في فندق الميريديان ببغداد، والشيراتون بالبصرة. وهناك جوائز للمتميزين ودعوات تكريم، و،،،،و،،،،
يتعاظم حبوري، وأستمرئ الإصغاء..
— ولكن تدرين، سيدتي، الظروف المالية العصيبة التي يمر بها البلد، لذا قررت الإدارة إستيفاء مبلغ رمزي، الف وخمسمئة دولار. تودع في حساب مصرفي، سأملي عليك ارقامه لو وافقت على قبول الدعوة.
— أهذا تقليد جديد؟ دعوات المربد السابقة لم تكن تطلب سوى الموافقة، دون المطالبة بدفع درهم واحد..
— الظرف تغير سيدتي، و،،،
— دعني افكر، إترك لي رقم هاتفك لأتصل بك،،،
— فقدت هاتفي الجوال البارحة، أهاتفك من تلفون عمومي.
(بذور الشك تنمو وتزهر)
— كيف لي إيداع مبلغ في حساب مصرفي لا اعرف صاحبه، و المتحدث يكلمني من تلفون عمومي!!
— …….. ينقطع خط المكالمة.
كانت غفلة غير مغتفرة - مني - ألا أساير المتحدث واستدرجه لأحصل على رقم الحساب المصرفي الموعود،، عندئذ كان سيكون للحادث حديث آخر.
لقد أحس المتحدث ريبتي بالعرض المشبوه فآثر الهرب،، والسؤال الذي يفرض نفسه، كم يا ترى عدد المخدوعين الأبرياء الذين استدرجهم هذا الثعلب؟؟ وهل ينبري أحد ممن عرض عليه حضور المربد لقاء إيداع مبلغ من المال بفضح المساومة؟ وهل تتبرأ إدارة مهرجان المربد ممن يسعى لتلويث أرقى تجمع ثقافي في المنطقة، وتلطيخ وجه الثقافة العراقية بـ…بالسخام؟
المربد للبيع
[post-views]
نشر في: 9 ديسمبر, 2015: 09:01 م