طرح القاص الكبير محمد خضير وجهة نظر جديدة في المهرجانات الثقافية تحمل تساؤلا مهما : هل المهرجانات الشعرية الادبية عليها ان تظل اسيرة لمساعدة الجهات الرسمية ، ولماذا لاندع للحكومة ما للحكومة وما للمثقفين للمثقفين .. (المدى) وهي تنشر هذا ال
طرح القاص الكبير محمد خضير وجهة نظر جديدة في المهرجانات الثقافية تحمل تساؤلا مهما : هل المهرجانات الشعرية الادبية عليها ان تظل اسيرة لمساعدة الجهات الرسمية ، ولماذا لاندع للحكومة ما للحكومة وما للمثقفين للمثقفين .. (المدى) وهي تنشر هذا الراي المهم ستفتح باب النقاش حول المهرجانات الادبية ودعم الدولة لها وموقف المثقف من المؤسسات الرسمية.
ثقافية المدى
يطالب الأدباء الحكومة بدعم مهرجان المربد ماديا ومعنويا، وينسى هؤلاء أن المهرجان كان مشروع الحكومة منذ دورته الاولى يعتريه ما يعتريها من عسر ويسر وشدة ورخاء.
فإذا كان حال الحكومة كما نعلم، فهل يُعقل أن نطيل الوقوف على بابها، نمدحها إذا سَخَت ونذمها إذا كفّت عن السخاء، نتظاهر ضدها اليوم ونطلب عونها في اليوم التالي؟
بعد أن أصبح المربد على مفترق طريق مع الحكومة، أقترح أحد طريقين: إما أن تقيم المؤسسة الأدبية المهرجان بجهدها الذاتي، ويشارك الأدباء فيه بحسابهم الخاص.. وإما أن تفكر بإقامة ملتقى شعري مواز للمهرجان تحت اسم آخر ودعم مستقل عن الحكومة..
وفي هذه الحال التي أصبحنا عليها، لندع للحكومة ما للحكومة، وما للشعر للشعراء.. وكفاهم بما يملكون كرامة وإبداعا..
****
تتجه الجماعات الأدبية في كثير من الدول إلى خصخصة نشاطها والبحث عن مصادر دعم مختلفة لها، بمعنى أن خصخصة النشاط الثقافي هو السبيل الأمثل لإنقاذ ثقافتنا من النفق الحكومي الضيق..
*****
باعتقادي أن الأزمات السياسية الكبرى مثل الحروب والنزاعات الدولية والمحلية وغيرها مما يبتلى به الأدب والأدباء والمفكرون، بين حقبة وأخرى، كالحقب العراقية، هي أوبئة تحصن الروح الأدبية وتحثها على تغيير الطرق والاتجاهات وتجديد اللقاح بمصل فعال ضد الأزمات والأوبئة..مهما كان نوعها وشدتها
*****
في سنة من السنين اقترحت ان ينقل مهرجان الشعر (المربد) ليحل في مدن عراقية ذات موقع تاريخي وطبيعي نادر وهادئ مثل مدينة علي الغربي، قد تتحول بفضل هذا التشريف إلى مدينة زاهرة ثقافيا واقتصاديا وسياحيا.
أزعم هذا وفي ذهني مدينة (أصيلة) التي تحولت بجهد الوزير المغربي محمد بن عيسى إلى مدينة عالمية شاركت في بناء بنيتها الثقافية دول عربية وأوربية طواعية..
لا أعرف عدد المحاولات التي عرضت فيها شركات ومنظمات بما فيها اليونسكو تحديث مدينة البصرة، إلا أن البيروقراطية الحكومية حالت دون اي استثمار ثقافي..
إن البصرة اليوم ( مدينة الشعر واللغة والفلسفة) غير مؤهلة لاحتضان أي احتفال ثقافي كما قد تحتضنه مدينة صغيرة مثل أصيلة.
*****
لا أعني في منشوراتي هذه المربد سوقا قديمة وموسما شعريا لا يستدل على موقعه اليوم أحد من رعاة الثقافة في العراق، بعد تحوله إلى مقبرة لعجلات الحرب، ومدفنا لنفايات الأسلحة الملوثة بالاشعاع القاتل، إنما أعني بالمربد لقاءً شعريا يسعى فيه الشعراء ومن يواليهم من النقاد والمنظرين لإرساء مفاهيم جديدة واستذواق جمهور جديد، وتمثيلاً حقيقيا لقيمة الشعر ومواكبته هموم العصر .. هذا يعني أن يبدأ المهرجان القديم بتجديد موقعه وتقاليد مواسمه القديمة..
لم يبق من موسم الأمس إلا الاسم.. وليتنا نعرف مكانه!
******
كيف لنا بعد هذا الجدل أن نجعل من انعقاد مهرجان المربد وصعوبات ذلك قضية ثقافية نبدأ فيها بمراجعة فشلنا الثقافي وعزلتنا المعرفية وخراب بنياتنا الأساسية، في ظروف تحكمت إرادات غير معرفية وغير تقدمية.
جرت مثل هذه المحاولة الجدلية في بداية تغيير 2003، ثم خفت صوتها تحت غطاء من المحاولات السياسية المتسارعة، حتى بات ما يعرف ب (رواية ما بعد التغيير) إحساسا زائفا لا تدعمه مواقف قوية من مؤسساتنا الثقافية، التي تحاول اليوم تثبيت قدمها الرخوة باجهاد وتوسل ذرائعي ضعيف.
لقد ناقشت مؤسسات ثقافية في مصر وبلدان المغرب العربي مثل هذا المأزق المزدوج بين التجديد والتدجين الحكومي بمنطق نقدي تقدمي، لتبدأ بذلك مرحلة من الاستقلال والثبات على أرض ثقافية مكينة.. المربد قضية وليس مناسبة سنوية تطوى بكل عيوبها في أدراج المؤسسة!