وائل نعمة بعد ان عقدنا القران لم يبق امامنا غير المسكن الذي سنعيش فيه».. محمد الشاب الذي تعدى العقد الثالث من عمره كان قد أجل فكرة الزواج اكثر من مرة ليس لعدم رغبته بالزواج، وانما لسوء الحالة المادية، فبعد ان عمل سائقا لدى إحدى الشركات الأهلية وبدأ يتقاضى مرتبا متواضعا لا يتعدى الـ (300) الف دينار
وبعد إصرار من (الحجية ام محمد، قرر الارتباط بقريبته التي لم يحالفها الحظ بإكمال دراستها وبقيت أسيرة البيت منتظرة (القسمة) ومن سيحررها من قيود المنزل، لم يكن يدور في بال محمد وقريبته ( زوجته ) ان التخلص من قيد العمل والحصول على راتب شهري كفيل بأن يدفعهم الى الزواج، فالبيت الذي يسكن فيه محمد هو ما بقي له من رائحة والده الذي توفى منذ سنوات وترك 8 بنين و3 بنات، أخوان محمد السبعة تزوج منهم خمسة كلهم قرروا العيش في البيت ذي الـ 130 متراً مربعاً بمدينة الصدر وأصبح العدد الكلي داخل هذا البيت المتزاحم 16 فردا، ولم يعد بالإمكان ان يتزوج احد اخر بالبيت بعد ان تزوج الأخ الخامس في المطبخ وجعله غرفة نومه، فكان على محمد ان يبحث عن سكن للإيجار ولكن أي منزل سيرضى بدخل محمد المتواضع فأرخص الإيجارات تصل الى 200 الف دينار.«مشكلة السكن واحدة من اهم المشاكل المتفاقمة في البلاد حاليا والتي تشغل وتؤرق المواطن، فبعد فترة أيام التهجير القسري من قبل الجماعات الإرهابية والمليشيات طفحت هذه الظاهرة على السطح بعد الاستقرار الأمني ارتفعت الأسعار بشكل كبير.ومشكلة السكن قد أهملت ردحا من الزمن ولكنها اليوم تفاقمت وتضخمت وكل الحلول والعلاجات والاقتراحات المقدمة من قبل الحكومة هي مجرد شعارات رنانة لم يلمس المواطن منها شيئاً.وان نمو وتزايد السكان والانشطار الطبيعي للأسر العراقية وكذلك المهجرين زادوا من هذه المشكلة فيما تقف الحكومة إزاءها مكتوفة الأيدي ولم يحصل المواطن غير التصريحات والوعود والأحلام البرتقالية لان الوردية انعدمت من ذاكرة الإنسان العراقي في ظل الظروف الراهنة.rnما ذنب زيادة الرواتب؟يعتقد عمار صاحب وهو احد المتضررين من ارتفاع بدلات الإيجارات أن ارتفاع رواتب الموظفين ممن يعملون في قطاعات الدولة المختلفة يمكن ان يكون احد الأسباب في ارتفاع بدلات الإيجار كحالة تناسب طردي مع زيادة الرواتب وساعد على ذلك أيضاً غياب قانون يضع حداً أدنى أو أعلى لبدلات الإيجار إضافة إلى عودة الكثير من العراقيين الذين كانوا في الخارج ويضاف إلى ذلك ازدياد نفوس سكنة بغداد وهكذا يكون لكل هذه الأسباب الأثر السلبي على أسعار الإيجارات.من جهته يقول عباس ناجي صاحب مكتب زيونة للعقار ان «أسعار الإيجارات ازدادت كثيرا مع ذلك فان البحث عن منزل او شقة للإيجار أمر صعب جدا، اذ لا يقل إيجار شقة متوسطة عن نصف مليون دينار شهرياً.وبعد ان كانت البيوت الصغيرة او ما تسمى بالمشتملات تصل أسعارها قبل سنتين الى 500 الف دينار أصبحت الآن تصل الى المليون دينار؛ فيما ويؤكد أياد أبو محمد مدير مكتب مجمع الصالحية ان أسعار الشقق في المجمع ارتفعت بنسبة 100% خلال العامين الماضيين بعد تحسن الأوضاع الأمنية.المشكلة من الجانب الآخريقول ابو حيدر صاحب مكتب الكرادة للعقار ان «أسعار العقارات ارتفعت كثيرا خلال الفترة الأخيرة خصوصا بعد حالة الاستقرار الأمني والزيادة بلغت أكثر من 50% خلال العامين الماضيين فقد كان سعر إيجار الشقة المتوسطة عام 2005 نحو 250 الف دينار لكنه يتجاوز اليوم الـ 600 الف دينار في اقل تقدير خصوصا في منطقة الكرادة وان عددا كبيرا من أصدقائنا خارج العراق في دول عربية وأوروبية، مثل السويد وألمانيا والأردن والإمارات، اتصلوا بنا خلال اليومين الماضيين طالبين استئجار منازل لهم لحين عودتهم القريبة «ويشير ابو حيدر الى ان «التحسن الأمني في بغداد يساعد الكثيرين على الاستقرار بدلا من الفرار واللجوء الى دول الجوار كما كان في السابق».مقابل ذلك يفكر كثير من العراقيين في الخارج في استغلال الزيادة في أسعار الإيجارات والقيام بعرض بيوتهم وشققهم التي تركوها الى الإيجار بدلا من تركها مهجورة، وأدت هذه الظاهرة الى انتشار مكاتب عقارات في عمان ودمشق للترويج لعمليات الاستئجار للعراقيين في الخارج.ويوضح المحامي محمود ليث :ان الكثير من الأصدقاء والزبائن الذين يراجعون مكتبه يشكون من حالة ارتفاع الإيجارات وهذا انعكس على رغبة الكثير من العراقيين المقيمين في الخارج من العودة الى العراق، حيث ان كثيرا في العوائل قد تركت ما وراءها وهربت من جنون العنف وبعد أشهر قد اعطت وكالات لمحامين وأقارب الذين بقوا في العراق وأعطوهم التفويض ببيع بيوتهم ظنا منهم ان لا عودة الى ارض الوطن، لكن الأوضاع تغيرت واستقر الوضع الأمني بالمقابل ساءت أحوال العراقيين المقيمين في الخارج ووجدوا ان الوقت اصبح مناسبا للعودة الى العراق لكنهم اصطدموا بجدار الأسعار الجنونية، وحتى لو فكروا بالاستئجار فأنه يصبح مشكلة لان العراقي الذي هاجر عاد بلا مال ولا عمل!rnثقافة القانونصاحب
زيادة عدد السكان والبناء الأفقي أحد أسباب أزمة السكن
نشر في: 13 يناير, 2010: 05:18 م