اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أتركُ القولَ لكمْ ...

أتركُ القولَ لكمْ ...

نشر في: 12 ديسمبر, 2015: 09:01 م

منذ سنوات طوال والحياة العراقية تفقد الكثير والكثير من معانيها، لكن المنقلب  بعد 2003 عمّق فقدان المعاني هذه، ووسع من فجوتها بيننا فخرجت العشرات من المفاهيم والمسميات بما فيها التنظيمات الاجتماعية والمهنية عن مقاصدها وجوهرها الذي سُميت به وتأسست من أجله. نتحدث عن قطاعات ومؤسسات كانت رصينة مثل الكهرباء والصحة والمياه والعدل وسواها فنجد أنها موجودة كهياكل تنظيمية على الورق ووفق الضوابط الادارية، لكننا حين نغـور في المفاصل تلك نجد أن الهوة متسعة بين الهيكل التنظيمي والمُؤدّى الفعلي، إذ ما معنى أن يتأخر المواطن في دفع فواتير الكهرباء المتراكمة عليه منذ 2003وحتى اليوم؟ وكيف ستتصرف دائرة الكهرباء في استحصال مبالغها الكبيرة من المواطن الذي بات يملك الحجة والحجة، وبما يمكنه من التسويف والمماطلة؟
  أتحدث عن اتحاد الأدباء والكتاب وأحصي أرقام الهويات الممنوحة (للأعضاء) فلا أقع على رقم معقول، لأنها تتسلسل إلى ما لا نهاية، وأسمع ممن يتحدث عن أكثر من 6000 أديب، ومثل العدد هذا يبلغ عدد الصحفيين والشعراء الشعبيين وأعضاء اتحاد رجال الأعمال وأعضاء غرفة التجارة واتحاد المقاولين، وتتحدث وسائل الإعلام عن أكثر من 10 آلاف منظمة مجتمع مدني. تُرى هل يحق لمن كتب قصيدة في موقع على (الفيس بوك) بالحصول على هوية اتحاد الادباء، وهل يجوز لمن يعمل بوّاباً في نقابة الصحفيين بالحصول على هوية النقابة، وهل يحق لبائع متجول في السوق بحيازة هوية غرفة التجارة؟ وأسأل إذا كنا نمتلك العدد الكبير هذا من منظمات المجتمع المدني، ترى ما الاعمال التي قامت بها؟ وما درجة التطور التي بلغها المجتمع من خلال أعمالها هذه؟
  سمعت حديث اثنين في المقهى يقول أحدهما بأنه انتمى لأحد الأحزاب السياسية الدينية، لكنهم، لم يطلبوا منه شيئاً، ولم يثقلوا عليه سوى أن يحضر مرة أو مرتين في الشهر، فيجيبه صاحبه، وما الفائدة من ذلك؟ فيرد الرجل قائلا: (بلكي الله أحصل لي شغله من وراهم). ببلاغة عظيمة، يختصر الرجل المسألة كلها، فهو يفنـد بطريقة بسيطة قانون الأحزاب الذي يتخاصم البرلمانيون على إقراره، ومثل الجملة القصيرة هذه، يقول (أديب) تسلم هوية اتحاد الأدباء حديثاً. وتدخل مفردات غريبة مثل(المنحة المالية، قطعة الأرض، قرض سكن..) على عالم القصيدة والقطعة الموسيقية والرواية واللوحة وغيرها، في مزاحمة بدت لي بعيدة كل البعد عن المنطق! ولكن، هل من منطق ظل لحياتنا يا تـُرى ؟
 أُطالع على صفحات (الفيس بوك) أفراح وسعادات الأصدقاء وهم يباركون ويهنئون زملاءهم الذين مُنحوا وما زالوا يمنحون الشهادات العليا في الفنون والمسرح والفنون التشكيلية والآداب ومثلها في العلوم والمجالات الانسانية الأخرى، وبحسب احصائيات للجامعات العراقية فإنها تعاني من زيادة وتضخم في عديد الاساتذة الجامعيين، فأقول: وما الضير في ذلك، فالعلم والتدرج فيها من أجمل ما يكون، وهو مسعى المجتهدين الناجحين لا الكسالى أمثالي. فيجيبني غير واحد من المتربصين بالمشهد قائلا: ولكن، أين المسرح الذي أخذ به هؤلاء شهادات الماجستير والدكتوراه، وأين الموسيقى التي نال بها فلان وفلان شهادته العليا تلك، وأين الثقافة والشعر والرواية والدراما والسينما وووو.. التي بحث المئات من أساتذتنا فيها، وتوصلوا في بحوثهم داخلها الى ما يجعل من حياتنا عامرة بالثقافة والفنون والموسيقى.
ويكرر صاحبي عليَّ قوله: منذ ربع قرن لم تشهد مسارحنا عملاً مسرحيا مميزاً واحداً، ومنذ ربع قرن او أكثر لم تشهد ثقافتنا كشفا أو فتحاً مميزاً واحداً في الشعر القصة والرواية والفنون التشكيلية والموسيقى والغناء، ومثل ذلك نقول عن المشهد في الاقتصاد والتاريخ والتجارة والزراعة... لكن حبل نيل الشهادات العليا لم ينقطع، أما أن تقوم جامعة عراقية بمنح شهادة عليا لباحثة في "الطنافس" فإني أترك القول لكم !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram