TOP

جريدة المدى > عام > استطلاع..المسرح العراقي .. بين المواهب الشبابية وضعف التمويل

استطلاع..المسرح العراقي .. بين المواهب الشبابية وضعف التمويل

نشر في: 15 ديسمبر, 2015: 12:01 ص

رُغم ما تُعانيه المجالات الثقافية في العراق كافة من أزمات إلا ان للمسرح العراقي واقعا آخر من العناء انفرد بهِ لأسبابٍ اختلفت بين قلة التمويل وسوء التخطيط من قِبل مؤسسي المسرح العراقي وضعف البُنية الثقافية التي يتمتع بها الجيل الجديد. ونتيجة لتبايُن ا

رُغم ما تُعانيه المجالات الثقافية في العراق كافة من أزمات إلا ان للمسرح العراقي واقعا آخر من العناء انفرد بهِ لأسبابٍ اختلفت بين قلة التمويل وسوء التخطيط من قِبل مؤسسي المسرح العراقي وضعف البُنية الثقافية التي يتمتع بها الجيل الجديد. ونتيجة لتبايُن المسرح بين الكفاءات والمحسوبيات بات ينتظرُ من ينهض بهِ أو ينتشله مما هو عليه , ولأن تأريخ البلد وثقافته يتجسدان في متاحفه ومسارحه باتت الشكوك تساورنا إن كُنا حافظنا على تأريخنا ؟ أو أحيينا ثقافاتنا؟ وفي استطلاعٍ أجرتهُ (المدى) حول تشتت المسرح بين المواهب الشابة وضعف التمويل نورد بعض الآراء:

قال الناقد المسرحي والدكتور الأكاديمي حسين علي هارف : "رُغم ظهور الجيل الجديد كنتاج لمخاض ثقافي وسياسي عاشه العراق خلال العقدين الأخيرين إلا ان لابد من الإشارة ان هذا الجيل يضم طاقات إبداعية ممتازة على مستوى تمثيل وإخراج وسينوغراف ، لكن لم يتسنّ لهُ التمتع بعنصر المشاهدة والإطلاع العربي والعالمي إضافة إلى تحفظنا على بعض الجوانب الثقافية لهذا الجيل , إلا ان لهذا الجيل ظهور حقيقي قوي وحضور واضح من خلال مشاركات في عدة مهرجانات في تونس والقاهرة وقرطاج ."
وأضاف هارف : "وِجدَ هذا الجيل في توقيت لا يُحسد عليه نتيجة قلة التمويل وضعف الاهتمام الحكومي بالثقافة العراقية , ونتيجة وجود أزمة في العلاقة بين النخب الثقافية والسلطات بسبب وجود فساد عارم ينخر في مؤسسات الدولة ومن ضمنها الثقافية , إضافة إلى قلة المسارح وسوء البُنى التحتية من سينوغرافيا وإضاءة وديكور ، كل هذا يعود إلى ضعف أداء المسرح العراقي."
كما بيّن هارف قائلاً : "من أهم المشاكل التي يُعانيها المسرح أيضاً هو إخفاقه في صناعة جمهور , بعد أن كانت الفرص مُتاحة لصناعة الجمهور خلال فترة السبعينات وذلك من خلال المسرح الجماهيري , إلا اننا سرعان ما فقدنا الفرصة في كسب الجمهور حيث انحسر المسرح بين النخبوي والذي تعالى فيه الفنان عن الوصول الى مستوى المُتلقي وبين المسرح التجاري الذي يقدم نصوصا مبتذلة ."
وأشار هارف : "من الممكن تقديم حزمة من الحلول من ضمنها أن لا يكتفي هذا الجيل بالمُتيسر من الثقافة التي يمتلكها اليوم كما عليه أن يبحث في موضوعات المسرح ليكون جيلا مُكملا لسابقه , كما تتوجب إعادة تفعيل الفرق المسرحية الأهلية وافتتاح المسارح المغلقة وبناء مسارح جديدة , وجعل الفن والمسرح من ضمن المناهج الدراسية للأطفال في المدارس لخلق جيل مهتم بالمسرح على المدى البعيد."
من جانبهِ ، بيّن الفنان خليل فاضل خليل : "لا نستطيع وصف المسرح اليوم على انهُ غائب , لكن يُمكن القول بأن المسرح العراقي حاله حال أي جانب فني وثقافي ورياضي وغيره ، حيث إن كل هذه الجوانب تفتقر إلى الاحتراف في العراق وهذا ما تمت ملاحظته من خلال احتكاكنا مع الفن العربي , لذلك نحن نُعاني من ضعف المسرح كما نُعاني من ضعف في العديد من المجالات."
وأضاف خليل قائلاً : " يُمكن أن نُضيف سببا آخر لقوقعة المسرح على نفسه وهو انه إذا ما قورنت الأعمال العراقية بالعربية والدولية سنجد المسرح العربي والدولي حاضرا لأن  القائمين عليه مؤهلون لذلك ولهذا نحن  بحاجة إلى من يكون أهلا لتلك القضية , ويُمكن ملاحظة ذلك من خلال المهرجانات التي يُشاركها العراق والتي بالرغم من وجود بعض الإنصاف في بعض الترشيحات لتلك المهرجانات إلا انه لا يُمكن التغاضي عن وجود الكثير من المحسوبيات للترشيح إلى المهرجانات."
وبيّن خليل : "أيضاً يُعدّ المسرح الجماهيري هو الأقرب للمُتلقي إلا انه غائب بين المسرح التجاري والنخبوي اليوم وذلك لأن الجماهيري بحاجة إلى تمويل كبير من إنتاج وديكورات وقيم مالية لفريق العمل وإضاءة ومكملات العمل الأخرى , فلا يُمكن صناعة مسرح جماهيري اليوم بدون تمويل."
في حين رفض خليل الخوض في وضع حلول لمشاكل المسرح قائلاً : "لن أخوض في تقديم اقتراحات وحلول لأنه سيكون حديثا عقيما , تحدثنا كثيراً عمّا يتوجب القيام بهِ من أجل النهوض بثقافة وفن حقيقيين إلا اننا لم نجد أية أصداء لحديثنا لذا فلا داعي لمزيد من المُناشدة , إضافة إلى وجود أمور من الصعب البوح بها لذلك يكون الجواب الأمثل لها بـ(لا أعلم) إلا ان ما يُمكن قوله إن الجيل الجديد قادر على العطاء في حال وجود كابتن حقيقي يترأسه ."
بدوره ، بيّن المخرج المسرحي باسم الطيب " يُمكن تلخيص المشاكل بضعف الدعم الحكومي لجميع الجوانب الثقافية بشكل عام , إلا اننا لا يُمكن أن نُعلق أسباب غياب المسرح على الجمهور لأنه  ينقسم اليوم  بين المسرح التجاري والنخبوي وبالرغم من إني لست ضد المسرح التجاري إلا اننا بحاجة الى مسرح يحمل رسالة حقيقية , كما يُمكن إضافة مُعاناة أُخرى للمسرح العراقي هو إن دائرة السينما والمسرح غير حقيقية ولا نزيهة وانها بحاجة لوجود دماء جديدة "
وبين الطيب قائلاً "من المشاكل التي يواجهها الجيل الجديد في المسرح هي ان الجيل القديم و "البعض" من رواد الجيل القديم يعتقد بأن الجيل الجديد غير قادر على صناعة مسرح حقيقي وهنالك أسماء هدفها الأساس التسقيط والتقليل من شأن الفنانين الجدد ."
و أشار الطيب : "قلة الأسماء في المشهد المسرحي قتلت روح التنافس وبذلك نُلاحظ غياب المسرح لأن التنافُس هو من يعمل على إحياء العمل ضمن الوسط فأنا مثلاً لست على دراية كاملة ان ما أقدمه هو الأفضل وذلك لأن المشهد المسرحي يفتقر للمنافسين."
 بدوره ، أضاف المؤلف والمخرج المسرحي تحرير الأسدي ان "المسرح يحتاج الى صناعة من قبل حكومات  أو مؤسسات وذلك لأن المسرح لايُعدّ إبداعاً فردياً كما في الشعر والفنون التشكيلية , نعم لا يُمكن النكران بأن المشاكل عديدة من حيث النصوص والإخراج وكذلك الأداء الفني إلا ان المشكلة العظمى تكمن بالإنتاج."
وبيّن الأسدي قائلاً : "المسرح يفتقد للجمهور ولكن إذا كانت الحكومة غير مقتنعه بأهمية الفن والمسرح كيف لنا أن نجتذب الجمهور ؟"
وأشار الأسدي : "قد يكون غياب الوعي الثقافي احد مسببات ضعف المسرح لدى بعض المواهب الممتازة إلا انها تفتقر للثقافة العامة والبحث في شؤون المسرح , من جانب آخر توجد مواهب شابة عديدة تفوق نتاجاتها الأسماء الكبيرة المعروفة بالمسرح العراقي على مستوى البحوث المسرحية . "
أضاف الأسدي قائلاً : " نحتاج الى البدء من المدارس لدراسة الفن والمسرح , حيث كانت هنالك مبادرة من الهيئة العربية للمسرح عن طريق الشيخ سلطان القاسمي أمير الشارقة طلب فيها بناء مسارح أطفال بالمدارس وتعيين أساتذة متخصصين لتدريس المسرح في العراق ولكن الوفد العراقي ذهب بلا مخطط وضيّع الفرصة رغم أهميتها , كما نحتاج للنهوض بالمسرح إلى وجود جهات حكومية مؤسساتية تدعم المسرح وتؤمن بأهمية الفن في حل المشاكل المُجتمعية , إضافة إلى وجوب الاهتمام بالأكاديميات والمعاهد الفنية."
بدوره ، اوضح رئيس فرع الإخراج في معهد الفنون الجميلة للبنات يوسف هاشم قائلاً "إن جميع الحيثيات العملية متوافرة بالمسرح من حيث البُنى التحتية ,والفنانين والمخرجين والسينوغرافيا والنُقاد والأخصائيين الأكاديميين إلا اننا نفتقر للحراك المسرحي , بسبب إن المسرح بحاجة الى مناخ اجتماعي ثقافي سياسي , فالمسرح لا ينشأ بوجود احزاب متطرفة لأن المسرح يحتاج إلى صِدام مع الواقع يحاكي الواقع بشكل واعي و أكاديمي وهذا صعب أن يتواجد بمثل هذه البيئة ."
وأضاف هاشم : "من الأسباب المهمة التي يُعاني المسرح منها اليوم انهُ ماعاد يوفر للفنان عيشة كريمة , الفنان بحاجة الى تطوير نفسه والمسرح غير ممول وبذلك يفتقر للتطوير , كما نحتاج اليوم لتفعيل الفرق المسرحية الأهلية والتي تعمل حرة وهذا كان خطأ مؤسسي المسرح حين أهملوا الفرق الأهلية ولجأوا الى الفرقة القومية التي أسستها الحكومة , آنذاك ففقد المسرح تألقه ."
 وأكد هاشم قائلاً : "من الخطأ أن نؤمن بثقافة الفن للفن ، اليوم ثقافة المسرح للمجتمع وعلينا تأسيس مسارح ربحية للمجتمع وليس للنخب فقط , أما فيما يخص غياب الجمهور فالخطأ يعود لفناني المسرح نتيجة اختيار نصوص متعالية وكذلك الجانب الآخر من الخطأ يعود إلى ان الحروب تقتل ميول الشعوب للثقافة العريقة."
وتعددت الأسباب التي عُلقت عليها أزمة غياب المسرح العراقي , لنكون متأخرين بذلك عن الكثير من بلدان العالم العربية والأوروبية بآلاف السنين الثقافية , مُنتظرين بذلك من ينجو بالثقافة العراقية قبل أن تنحدر إلى القاع.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

"كِينْزُو تَانْغَا"" src="https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2025/02/5842-7-2.jpg">
عام

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

د. خالد السلطانيمعمار وأكاديميعندما يذكر اسم "كينزو تانغا" (1913 - 2005) Kenzō Tange، تحضر "العمارة اليابانية" مباشرة في الفكر وفي الذاكرة، فهذا المعمار المجدـ استطاع عبر عمل استمر عقوداً من السنين المثمرة ان يمنح العمارة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram