قبل سنوات ونحن في طريق العودة من مدينة كربلاء الى بغداد شاهدنا رتلا من حافلات تضم الكثير من الرجال منهم من يرتدي الزي الشعبي ومنهم ( الافندي ) ..سألنا عن سبب توجههم الى بغداد بهذا الشكل فعرفنا انهم متوجهون للمشاركة في تظاهرة مناصرة وتأييد لأبن ولايتهم (المالكي ) بهدف الحصول على الولاية الثانية ..في ذلك الوقت لم تكن تجدي قناعاتنا لاقناع البعض بأن لهذا الرجل لونا لم ينكشف لهم بعد وانه من انشط الطارقين على سندان الطائفية وانه لايتورع عن استخدام اية وسيلة للتشبث بمقعد الحكم ..وهكذا كان، فقد سلك كل السبل واعتلى مقعد الحكم ، وبعد سنوات وبعد ان انكشف للمواطنين لونه الحقيقي وجدت في مدينة كربلاء ذاتها رفضا لوسائله ولعودته لاعتلاء مقعد الحكم مرة ثالثة فهم (أبناء ولايته )ذاتهم لم يستفيدوا من وجوده في الحكم فلم يعبد طرقهم او يجد وظائفا لابنائهم اويلقي بالا لمتاعبهم ، لكن الصدمة الكبرى بالنسبة لنا كانت حين حقق نسبة كبيرة من الاصوات في الانتخابات الاخيرة فهل اعتاد البعض على التفكير بطريقة وسلوك طريقة اخرى وكأن الامر يصب في خانة ( القدرية ) فهو مختار العصر الذي اختاره القدر ليحقق احلام طائفته !
مع ذلك ، مرت الاشهر والسنوات ليكتشف المواطنون انهم خدعوا واختاروا الشخص غير المناسب وانهم فقدوا الكثير في عهده بدلا من ان يكسبوا شيئا فقد باع مدنا وضحى ب(ابناء الملحة ) في مجزرة سبايكر و(شفط) ميزانية الدولة ليسلم العراق انقاضا الى الحكومة الجديدة ..ورغم انه وحتى الآن لم يجد من يحاكمه او يحاسبه على أي من افعاله فقد انكشفت اوراقه على الأقل امام القاصي والداني ولم يعد ظهوره في ساحة التحرير مع المتظاهرين احتجاجا على التدخل التركي في اراضينا مرضيا لنا، وكان من الواجب ان يجد من يقول له اترك الساحة فهي ليست مكانا للمزايدات الانتخابية او استخدام اوراق جذب جديدة للمواطنين لكنه وجد من يهتف له بدلا من ذلك ولااادري حقا ان كانوا من اولئك الذين يمكن شحنهم في (حافلة ) ليؤدوا مهمة معينة لدعم مسؤول ما مقابل مكاسب مادية او معنوية او كانوا من اولئك الذين مازالوا يملكون قلوبا بيضاء تخدعها وسائل المسؤولين وتغريها ممارساتهم المبتكرة في اعادة الامور الى سابق عهدها بعد الفوضى التي عمت البلد في السنوات الاخيرة ..
في كلا الحالتين ، العراقي لايملك العذر بعد الآن لاختيار او تأييد نفس الوجوه التي ثبت فسادها وسوء سلوكها السياسي فالوعي السياسي يمكن ان يتولد بعد ازمة كبيرة كما حصل مع الاشقاء المصريين بعد حدوث نكسة حزيران فلماذا لايتعض العراقيون رغم تعاقب الازمات عليهم وتعري المسؤولين امامهم وانكشاف امرهم ؟!
احدى النائبات الشهيرات بالتصريحات الخطيرة وبالفضائح الشخصية مؤخرا استغلت الازمة ذاتها لتعلن ضرورة اعلان الجهاد داعية الشباب العراقي لقتال تركيا في الوقت الذي تمكنت بنجاح تحسد عليه من حماية ابنائها ولملمة فضائحهم التي زكمت انوف مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي ..فهل ستجد هذه النائبة من يهلل لها ويهتف لتصريحاتها النارية ايضا وهل ستعود نفس الوجوه اذا تمكن العراقيون من اجراء انتخابات جديدة ، تساؤلات ربما تجيب عنها الايام المقبلة لكن هناك تساؤلا لاأجد اجابة عنه ..الى متى نبقى اسرى دعاة الدين والدعايات الانتخابية ومتى سنبرأ من تصديقنا لهم ؟...
متى سنبرأ منهم؟
[post-views]
نشر في: 14 ديسمبر, 2015: 09:01 م