أبى الكويتيون أن يسدلوا الستار عن عام 2015 من دون الاحتفاء المُبهر بأحد أبرز ملاعب المنطقة الخليجية (ملعب جابر) الذي وُضِع حجر الأساس له عام 2005 وشهدت مراحل إنشائه مشاكل كثيرة وضعت أهل الدار في حرج كبير أمام الجماهير، وكذلك مع لجنة التفتيش الخليجية التي حذّرت من افتتاحه قبل أشهر بسبب وجود أخطاء هندسية ربما تلحق ضرراً فادحاً أثناء المباريات وتم تدارك المعضلة وأصبح جاهزاً للافتتاح مثلما شاهدنا أمس الأول الجمعة بحضور نخبة من نجوم العالم أمتعونا بحيويتهم ورشاقتهم واندفاعهم برغم ان جُلّهم تجاوزوا العقد الرابع واعتزلوا اللعب منذ سنين عـدة ولم ينزووا بعيداً عن أضواء الكرة!
المهم في إفتتاح ملعب (جابر) التوقيت الذكي في إختيار تنظيم الحفل ودعوة لاعبين كبار لمشاركة المنطقة فرحة قصّ شريط ملعبهم الجديد، فالتحديات ليست سهلة ووصلت الى إيقاف اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الكويت في تشرين الثاني الماضي عن مزاولة أي نشاط رياضي خارجي بسبب تعارض القوانين الرياضية المحلية مع الدولية ودخلت الأزمة مرحلة الانشقاق والضربات الموجعة تحت الأحزمة بين مسؤولين كبار في مجلس الأمة ووزارة الشباب واللجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم وعددٍ من الأندية قبل ان يُطالب أحمد الفهد رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي بـ"وجوب تمتع الحركة الرياضية الكويتية باستقلالية تامة حسب الأنظمة الدولية"، كاشفاً عن "أن النظام الجديد للرياضة الكويتية يمتلك سلطة حل مجالس إدارات الأندية والاتحادات بقوة القانون"!
ربما تطول الأزمة الكويتية أو تنتهي في الأشهر الأولى من العام الجديد بتسويتها مع الأولمبية الدولية و(فيفا) ، لكن الدرس المستنبط من الأزمة يجب ألا يمرّ بلا تمعّن، فأصحاب ملف إنجاز ملعبها الكبير لم يتوقفوا عن العمل وضاعفوا مجهوداتهم وواصلوا الليل بالنهار من أجل كلمة التزموا بها أمام مسؤوليهم وشعبهم ولم يتخذوا من الإيقاف الدولي ذريعة لتجميد أعمالهم في الملعب، وأرسوا ثقافة الابتهاج بالمناسبة مجردة من خطابات الوعيد والاستنكار والإساءة لأحد أو استغلال الافتتاح لدعم جهة ما على حساب أخرى، حضر الجميع في ملعب (جابر) من أجل أن تفرح الكويت.
فمتى تفرح البصرة وهي ترمق الألعاب النارية لكرنفال (جابر) عن قرب، تتأمل أن يحذو وزير الشباب والرياضة عبدالحسين عبطان حذو أشقائه في الكويت للتسارع في إنجاز مشروعها الحيوي "عراقياً وخليجياً" بعدما استنزف مبلغ انشاء ملعب (جذع النخلة) ملياراً و100 مليون دولار واستكملت مرافقه اللازمة بإستثناء بعض النقوصات التي تستلزم جهوداً أكبر ونفقات اضافية كما علمنا تواجه صعوبة في توفرها بسبب استحواذ الميزانية التشغيلية على جزء كبير من تخصيصات عام 2016 ، فضلاً عن مطالبة الشركة المعنية بالإنشاء من الوزارة بتسديد 90 مليار دينار مقابل استئناف عملها؟
هذه المشكلات وغيرها تتطلب مواجهة صريحة من الوزير عبطان للرأي العام من خلال قيام لجنة الشباب والرياضة في البرلمان بدعوته الى مجلس النواب مطلع دورة العام المقبل لبيان ملف المدينة الرياضية بالبصرة والمكاشفة بجميع السلبيات التي تحول دون تسليم الملعب وملحقاته الى مجلس محافظة البصرة لغرض الشروع ببرنامج الافتتاح في يوم تاريخي يأذن باحتضان جميع الفعاليات الكروية المحلية والإقليمية والدولية بضيافة عراقية مميّزة ولا ضير أن نستعين بكفاءات أجنبية محترفة لإنجاح الحفل بشكل آمن كما فعلت الكويت كي نجتمع بعدها بالأشقاء والأصدقاء في محافل وديـة ورسمية نترقبها بشغف.
مبارك للرياضيين الكويتيين ملعبهم الجديد برغم غصّة الإيقاف القسري، وعسى أن تكون الإرادة حاضرة للمّ الشمل بينهم والتوافق على قانون ينسجم مع اللوائح الدولية، مثلما نأمل أن تكون الإرادة ذاتها حاضرة لدى كابينة عبطان بكل طواقمها الهندسية والإدارية والفنية والقانونية لاستئناف الحركة صوب البصرة ووعدها بليلة ساحرة بالفخر والمجـد.
إرادة الكويت وكابينة عبطان
[post-views]
نشر في: 19 ديسمبر, 2015: 09:01 م