الإصابة بالجنون لا تقتصر على بني البشر ، بل تشمل جهات ومؤسسات، الولايات المتحدة الاميركية سيدة العالم وراعية الانظمة الديمقراطية بحسب تعبير حلفائها المخلصين ، كانت اول من استخدم مصطلح الدول المارقة في اشارة الى اعتراض واشنطن على بعض الانظمة، الدول المارقة من وجهة نظر الادارة الاميركية مصدر قلق ، لانها تهدد السلم العالمي ، تسعى الى امتلاك اسلحة نووية ، تنتهك حقوق الانسان، لا تؤمن بحرية التعبير ، لديها عداء مزمن ضد الديمقراطية ، طبقا للوصفة الاميركية ، تلك الدول تعاني الجنون ، لا امل في شفائها الا بتغيير النظام سواء بانقلاب عسكري او بغزو خارجي .
قبل الغزو الاميركي صُنف العراق ضمن الدول المارقة ، بعد الاطاحة بالنظام السابق ، عرف العراقيون التجربة الديمقراطية ، ادلوا باصواتهم لانتخاب ممثليهم في الدورات التشريعية السابقة ، كانوا يتطلعون الى مستقبل افضل ، لكن التمنيات رأسمال المفلسين ، احتلت الساحة السياسية احزاب وتنظيمات ، شاركت في الحكومات المتعاقبة، انشغلت بتحقيق مكاسبها ، فضاعت فرص بناء الدولة ، اضطربت الاوضاع الامنية ، وصل الصراع السياسي الى استخدام السلاح في بعض الاحيان لإثبات الحضور في الساحة ، تعددت الفصائل المسلحة ، الاجنحة العسكرية لبعض التنظيمات السياسية ، ظهر السلاح المنفلت فكان علامة عراقية فارقة .
جنون الانظمة يتمثل بعجز الجهات الرسمية عن تحقيق حصر السلاح بيد الدولة ، متى ما حققت ذلك ستثبت للمجتمع الدولي انها بكامل قواها العقلية ، تستحق الدعم والتاييد لمساعدتها في محاربة الارهاب، والحد من نشاط الجماعات المسلحة ، وثيقة الاصلاح السياسي تضمنت هذا المبدأ باتفاق جميع الاطراف ، لاعتقادها بان المليشيات الوقحة ، واخرى منفلتة وثالثة خارجة عن القانون فضلا عن عصابات الجريمة المنظمة ، تقف وراء تعطيل فرص بناء الدولة.
من مظاهر السلاح المنفلت ، تكرار حوادث الاختطاف والاغتيال والعثور على الجثث مجهولة الهوية ، الحكومة في اكثر من مناسبة اكدت انها حريصة جدا على ملاحقة المارقين والمجانين من حملة السلاح، على الرغم من ذلك ، تكرار حوادث الاختطاف وتسجيلها باسم مجهول، وتشكيل لجان تحقيقية لا تجدي نفعاً لمواجهة اخطر ظاهرة تعطي اشارة واضحة الى عجز الجهات الرسمية عن تنفيذ برامجها المتعلقة بتحسين إدارة الملف الأمني .
في احد شوارع العاصمة بغداد بجانب الكرخ ، علقت الأجهزة الأمنية لافتة تقول:" بشرى سارة للمواطنين الكرام سيتم فتح مدخل جديد للدخول الى الحي ، وبهذه المناسبة ندعو الاخوة المواطنين الكرام الاتصال برقم الهاتف كذا لإخبار ضابط استخبارات اللواء بالتحركات المشبوهة للخارجين عن القانون " الاجهزة الامنية تعتقد بان توفير ارقام الهواتف للاتصال بالمسؤول هو الاسلوب الوحيد لردع عصابات الجريمة المنظمة ، وملاحقة المتورطين بارتكاب جرائم اختطاف مقابل الحصول على فدية مالية .
خطفني واشتكى
[post-views]
نشر في: 19 ديسمبر, 2015: 09:01 م