هل الاحتفال بالجمال والحُسن والفرح في هذا الزمن الداعشي ، نوع من البطر واساءة لملايين المهجرين ، كان هذا ما سألته لبعض الزملاء وأنا أسمع ان عددا من النواب والسياسيين إعتذروا عن حضور حفل تتويج ملكة جمال العراق ، خوفا من ان يحسب حضورهم ، بانه نوع من الترف وإساءة لارواح الشهداء كما قال أحدهم ، او أن تنفض الناس عنهم في الانتخابات القادمة كما تخوّف نائب
لله في خلقه شؤون - كما يقولون - البعض يعشق السياسة وآخرون يحبون الحزن ، وأنا من المخلوقات التي تكتب عن السياسة والثقافة والفن ، كما أنني لست من المخلوقات التي تؤمن بشعار " الفرح ليس مهنتي " لصاحبه الراحل الكبير محمد الماغوط الذي حول حزنه وأساه الى قصائد جميلة تحكي قصة وطن استبدل المفكرين بالسجانين ، والكفاءات باصحاب الثقة والولاء ، فقد عاش حياته يندد بالذل والخوف وسقوط الساسة في بئر الانتهازية ، لكنه حول الحزن الى ملحمة شعرية جميلة ، ظل فيها يلاحق سراق مستقبل الناس .
وأعود لخوف الساسة وشططهم من الفرح ، ومحاولاتهم المستمرة لتذكيرنا بالبؤس الذي تتسع رقعته في بلاد الرافدين، يوما بعد آخر بفضل مسؤول فاشل يريد الانتقام من الناس لأنهم لايصدقون انه زاهد في المنصب، ، لكن إياكم والاقتراب منه والا سيحولكم جميعا الى أبطال لرواية المرحوم فكتور هيجو " البؤساء " .
أمضى علي الوردي سنوات كثيرة في رفقة الناس يراقب حركتهم يسجل ما يقولونه يصغي الى معاناتهم ،. ورأى كيف يتآلف الناس في أوقات الفرح . فيكتب "الناس تسعى الى البهجة لكن حياة الضنك هي أشبه بعدو متوحش ضاري يغزو أيامهم ويسرق بهجتهم ويُضعف فيهم الرغبة في السعادة "
في زمن مضى تنافست بغداد على إقامة المهرجانات وتعميم الثقافة والفنون . فيما المعممون والرهبان واليهود والأفندية، تنافسوا على إشاعة روح الجمال والخير ولم يتنافسوا على القتل، والطائفية والعودة بالمدينة الى القرون الوسطى.
ايها السادة الخائفون من جمال العراقيات مازال فينا رمق حياة، نثور نغضب ، نرضى ، ننخدع لكننا سنرفض الموت، سنُصر على ثقافة الحياة لا ثقافة الحزن، ثقافة الحياة هي التي قدمت الاوربيين إلى العالم رسل علم وفكر وتقدم، الشعوب التي لا تفرح لا تستطيع العيش، والشعوب التي لا تسعد هي شعوب لا تبالي بمصائرها .
أحلم لبغداد بالخروج من عصور الظلمة والتخلف والحزن ، هذا أمر يحققه مسؤول يحب الخير لشعبه ، اكثر من عشقة لشعوب البلدان المجاورة ، ، لكن للاسف المسؤول عندنا، لايطيق ان يرى الفرح ينمو حول بغداد والبصرة والانبار ، لانه مصر ان نعيش في ظل " منجزاته " بصحراء قاحلة من التخلف والانتهازية .
بلاد لا تنتظر " خبر مفرح "
[post-views]
نشر في: 20 ديسمبر, 2015: 09:01 م