عبدالله السكوتي يحكى ان رجلا توفي والده ، وجلس يتقبل التعازي فيه ، فحضر الناس لتعزيته، وصادف ان جلس بجانبه رجل اعور، استثقل صاحب المصيبة من جلوس الاعور بجانبه، فاستفزه ببعض الاسئلة فقال له: هل ذهبت عينك في الحصبة ام بالجدري؟ فرد عليه:
في طفولتي اصبت بحادث، وبعد فترة قال له: هل تتألم من هذه العين العوراء عندما تنام؟ فاجابه بغيظ لاتؤلمني وبعدها قال له: هل تؤثر عينك في العين الاخرى ، فاجابه بغيظ كبير لاتؤثر ثم اردف: اذا اردت ان تبكي فهل تبكي هذه العين ، فاجابه وهو يتميز غيظا نافد الصبر وصرخ به وسط مجلس العزاء:(جزت من محروك الصفحه ، ولزكت بعيني).الاخوة في مجلس النواب اصبحت هذه الحكاية منارا لهم في عملهم، فقد "لزكوا" بالامور البسيطة وتركوا المصيبة الكبرى، هناك الكثير مما يفعلوه ام انها حجة لاطالة فترتهم التشريعية؟ اقرار الموازنة الاتحادية صار مشكلة هو الاخر وسببا لتسقيط البعض بعد ان انتهينا من مشكلة اقرار قانون الانتخابات ومتعلقاته ، تركوا هذا الامر الحيوي الذي يمثل حياة الشعب بادق تفاصيلها وذهبوا لمناقشة التعريفة الكمركية ورواتب القضاة ومخصصات حماياتهم ورواتبهم التقاعدية ، مع العلم ان الشهرين المقبلين من اصعب ماسيمر به العراق تشريعيا وتنفيذيا، والاجدر ان نعمل بجد لاقرار جميع القوانين المتعلقة بالدورة الانتخابية الحالية كي يتمكن النواب القادمون بالدورة المقبلة من العمل بحرية اكثر، اما ان نترك الحبل على الغارب ونترك المتعلقات المهمة التي يمكن تركها او التغاضي عن اقرارها او ان نطيل فترتنا التشريعية فهذا امر غير مقبول. نحن مشغولون بامورنا الثانوية تاركين مهمتنا الرئيسة فمجلس النواب هو نسغ العراق الذي كان من الممكن ان يقدم الكثير ويبت في امور مهمة كي يضع العربة في محلها الصحيح وكي تسير بلا تلكؤ او تعطيل.تقريبا انتهت الدورة الانتخابية ونحن في مراحلها الاخيرة والواجب علينا ان نتصدى للقوانين المهمة تاركين التشرذم والاختلاف ، الشعب أعطى صوته على امل ان يرتاح من تعبه المستمر وهو الذي البس النواب تيجانهم وفي هذا يحكى ان الملك فيصل الاول في احدى زياراته لمنطقة الفرات الاوسط استقبله "المهوال" في منطقة آل فتلة في المشخاب قائلاً :(هالتاج العندك من ذولهْ) اشارة الى ان عرش الملك انما اوصلك اليه هؤلاء الذين تراهم امامك وفي ذلك تلميح وتصريح الى فضل العشائر في ثورة العشرين ، اذن الشعب هو صاحب الفضل وعلى النائب والوزير وجميع المسؤولين ان يردوا الدين ويقدّروا ان الشعب ضحّى بنفسه حين كانت المفخخات تسير بقرب الناخبين وهم يهزجون أملا في برلمان ينصف الفقير ويعطي الحق لصاحبه ولكن كما قال فيلسوف شفع في اناس حتى هبط على قدميْ الملك يقبلهما فقال له الشعب بعد أن شُفِّع فيهم: لقد اذللت الفلسفة بانحنائك على قدم الملك فقال: (ويحكم كيف اصنع وقد جعل الملك اذنيه في قدميه) لا نريد ان يضع النواب آذانهم في بطونهم ويعودون لمناقشة منافعهم الشخصية او منافع اعوانهم ونحن امام محطات مهمة واحدة اكثر اهمية من الاخرى فليكن العمل الجاد هاجسنا وهي فرصة كي نظهر امام الشعب بمظهر البطل الذي غلّب مصالح الآخرين على مصالحه الشخصية، وهو امتحان كما ورد في قول الشاعر من الأبوذية:خلوف النيب حنّت يمته حنّهودم هذا البديّه يمته حنّه؟اظن ربنا بمرامه يمتحنّهْصبر أيوب ويزيده عليّه
هواء في شبك: (جزت من محروك الصفحه ، ولزكت بعيني)
نشر في: 13 يناير, 2010: 07:47 م