TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عندما يتحوّل الإنسان إلى طنطل

عندما يتحوّل الإنسان إلى طنطل

نشر في: 21 ديسمبر, 2015: 09:01 م

لا شبيه للطائفي في رداءة عقله ونتانة نفسه وتنازله عن انسانيته غير المؤدلج، كلاهما مغسول دماغه طوعا او قسرا. بعضهم وربما كلهم قد لا تهزه الغيرة لو شتمته لكنك ان انتقدت رمزه الطائفي او الأيديولوجي ينقلب الى طنطل لا يُميز ان كنت تضحك عليه او تخافه. هذا الصنف من المخلوقات تجده يكسر القلب كما العصفور المبلل لو جابهه انسان عاقل. أكثر الناس كسرانا للقلب من يصير يخوط ويخربط لو صدمته بإبرة عاقلة.
من نعم المنافي عليّ انني وعلى مدى أكثر من ربع قرن لم يصادفني انسان واحد ولا انسانة واحدة من البريطانيين من هذا الصنف. مثلما لا يتدخل الأوروبي بينك وبين ربك فانه لا يتدخل بينك وبين الحاكم او السياسي. على العكس من جماعتنا الذين حشروا عقولهم وخلاياهم بكم لا يعد من المقتنيات المقدسة.
الحاكم في أوروبا العقل ليس أكثر من موظف بدرجة عالية مهمته ان يدير شؤون الدولة نيابة عن الناس لينعموا بالراحة والصفاء وليشيل هو عنهم الهم مقابل راتبٍ مجزٍ وامتيازات عالية. همّه الأول ان أرضى عنه انا المواطن الذي ارتضيته حاكما. أما انا فلست مطالبا بغير ان احترم القانون. وهو كحاكم وسياسي عليه رغما عن أنفه ان يفتح صدره لانتقاداتي وشتائمي إن تطلب الإمر. اذهب وانتقد سياسيا بريطانيا من الرأس الى الذيل فإن وجدت بريطانيا يعترض عليك ولو برفة عين عاتبني.
لا يقرفني شيء مثل عراقي أجده بلا وطن او في بلاده بلا امان او عيش رغيد بسبب رعونة من حكموه سابقا او لاحقا، ومع هذا يستل لسانه البذيء ليهاجم مَن ينتقد حاكما من حزبه او طائفته او قوميته.
وان كانت عبادة الحاكم سجية او فطرة عند الكثير من العرب، لكن هذه الفطرة تتحول الى غريزة عدوانية عند أغلب العراقيين. فالمصري مثلا لو انتقدت حاكمه قد يعترض عليك بأدب ويحاورك. اما العراقي فسيناصبك العداء ولا يبالي حتى ان هددك بالقتل أو العذاب المبين.
بلد فيه الحاكم او الرمز الحزبي او الطائفي خط أحمر أشكُّ في خلاصه من البؤس والخراب والظلام.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram