يعالج الفيلم الوثائقي توتو واخواته ((Toto and His Sisters للمخرج "الكساندر نانو" ) Alexander Nanau) التوازن العائلي واختلالاته التي يدفع نتائجها الاطفال، وانما باظهار قوة الارادة عندهم في تحقيق الذات والنجاح بعيداً عن مؤثرات سلبيات العائل
يعالج الفيلم الوثائقي توتو واخواته ((Toto and His Sisters للمخرج "الكساندر نانو" ) Alexander Nanau) التوازن العائلي واختلالاته التي يدفع نتائجها الاطفال، وانما باظهار قوة الارادة عندهم في تحقيق الذات والنجاح بعيداً عن مؤثرات سلبيات العائلة عليهم التي غالبا ما تكون دافعا انفعاليا وعقلانيا في تجنب مشكلات الاهل وسلبياتهم او بالاحرى في خلق قدوة مضادة لاطفالهم الذين استطاعوا تخطي محنة القدوة السيئة برسم معالم حياتهم بعيدا عن الماضي، وحتى عن ما يحملونه من جينات وراثية صالحة هي جزء من رؤية الفيلم الذي يقدم نموجا لأخوة قادرة على تخطي المحن والوصول الى الاهداف الايجابية في الحياة بعيداً عن التوريث العائلي الاجرامي او حتى ذلك المصبوغ بنزاعات تتىآكل فيها نفسيات الاطفال، لتصبح نفسيا عاجزة عن مقاومة مشكلات الحياة وما تحمله من خير وجمال.
تعبير موسيقي سيكولوجي تكمن في نغماته ايقاعات المعاني التصويرية والمشاهد المحملة بالاسى والحزن والكرب الذي يتسرب الى نفس المشاهد من كل مشهد مقزز، مكملا المخرج " الكساندر نانو "بتقنية النغمة وحيثياتها قوة المشهد في فيلم وثائقي عالج بزواياه الفنية رؤية العدسة، لتكون سردية بحواسها المرئية في ادق الامور المطروحة، ومنها قذارة المكان لايصال الهدف الوثائقي من خلال الكاميرا المخفية حسيا، وكأن المتلقي أمام الحقيقة بنبض تصويري حي لا شك فيه، ويرتبط بالحدث والحبكة والحوارات بشكل واقعي، وبتحليل بصري سلوكي رافض لمصير البنت او اخت توتو التي تتعاطى المخدرات كأمها، ونفور الاخت الاخرى من قذارة تريد الخروج منها بل! والابتعاد او بالاحرى الهروب بقوة نحو الحياة الهادفة التي يتطلع اليها توتو وهو (اسمه توتوبتل، 12 سنة) . ان الطبيعة الدرامية لهذا الفيلم الوثائقي الذي هو بمثابة فيلم درامي اجتماعي من خلال اسلوب معالجته لهذه الآفة الاجتماعية التي تصيب المجتمعات بالتآكل، وبالشروخات العائلية القاتلة . ان شئنا التعبير رغم خروج توتو واخته من دائرة الادمان والتعاطي التي دفعت بالأم والاخت الى السجن، وبقاء توتو واخته خارج هذه الدائرة المملوءة يصعوبات كثيرة واجهت كليهما ، فهل استطاع هذا الفيلم الخروج عن وثائقيته بالتمسك بها مع نفحة درامية اجتماعية هادفة؟
فيلم وثائقي هادف يراعي المخرج فيه اهمية الموضوع بطرح وثائقي متفرد بالتعبير التصويري الذي يؤكد "الكساندر نانو" على اهميته في استخراج مكنون المعنى من خلال المفردة الاخراجية وقوتها في الايحاء للمتلقي بقوة المعاناة التي يصعب على الانسان تحملها في ظل كل الظروف السيئة المحيطة، والتي هي أشد من محنة التشرد او سجن الأم ؟ او الروائح الكريهة امام الصورة بقوة معانيها النفسية والبيئة والاجتماعية، وكل ما من شأنه استخراج الاستنكار، وبأعلى درجات الواقع المحيط بتاتو الذي استطاع تحمل الجوع والوحدة وكسر رتابة العيش وقسوته ، ومدلولاته في المشاهد المبنية على فوضوية لا يمكن تركيبها في ديكور ما لم تكن واقعية في جزء كبير منها، مما ساعد في اظهار طبيعية المشهد وبالتالي حقيقة الوثائقي الدرامي الاجتماعي توتو واخواته.
درجة اقناع عالية التأثير يفرضها الفيلم لمصداقيته الواقعية المؤثرة على المتلقي بتفاصيلها الصامته والمتحركة. ان في شخصية توتو او حتى اخوته او لحظة مداهمة الشرطة للبيت الذي لا يمكن ان يحيا فيه انسان يتطلع الى الحياة بسوية وتعقل، وحتى بابسط مقومات العيش التي يحتاجها هذا الطفل بمعاناته القاسية بكل معانيها في الفيلم ان تصويريا او حسيا او حركيا او تعبيريا ، وتشرذم عائلته والتفسخ الاجتماعي الذي يعاني منه فكيف يمكن ان يصبح الابداع وسيلة للنجاح لطفل عاش في قذارة وسط حي هو عشوائي بكل تفاصيله، وام اصيبت بانحراف اجتماعي وبالسجن ايضا، فهل اللجوء الى دور الرعاية يؤدي الى تقويم الشخصية التي تحتاج الى المأكل والمشرب والمأوى كي تستطيع اثبات وجودها او حتى الحفاظ على حياتها ؟
الانسان ومحيطه الاجتماعي وقوة سبغ الوجود بالمقاومة النفسية القادرة على تخطي الصعاب، وان في حي فقير تفرّد توتو في الخروج منه ووسط كل هذه الاجواء المشحونة بالقذارة بكل معانيها عندما قرر المشاركة بدورات تعلم الرقص ( الهيب هوب)، وباشراف اخصائيين ومهتمات من الشؤون الاجتماعية. لتكون الرعاية واضحة في الفيلم، ويد الخير التي تمتد في مثل هذه المجتمعات او العشوائيات ان صح التعبير، فبينما توتو يثابر على الرقص للفوز وبتشجيع من معلم الرقص المحايد في نظرته الاجتماعية الى تلاميذه كانت اخته متذبذبة في وجودها ضمن اهتمامات لم تتعود عليها. لتعود الى عالمها الفاسد، ومن ثم تتقوقع على ذاتها وتعود وبخصوصيات نفسيه اظهرها "الكسندر نانو" في دخوله الى العمق النفسي عند الاطفال المصابين بحالة انحراف الاهل والعيش بعيدا عنهم والاستفلال بشؤونهم الخاصة.
فيلم نجح فيه المخرج في بسط الموضوع امام المتلقي، واستخراج بذرة الابداع من طفل نما وسط عائلة فاسدة وبيئة قذرة لا تحتوي على ابسط مدلولات العيش التي يحتاجها الانسان لينمو كما ينبغي، ويحصد نجاحات مغنى "هيب هوب " والمشاركة في مسابقة دولية لم تلتفت اليها الاخت الواقعة تحت تاثير غياب الام وفقدان هوية الاب بل رافقها الغضب الذاتي من واقعها الراسخ في داخلها ، بينما تخطى توتو ذلك بموهبته التي فجرها وكانها بمثابة استنكار لواقع يمحوه بالفوز وبالغناء والرقص، كما فاز المخرج "الكساندر نانو " في استخراج المعاني بصمت الكاميرا والممثلين وحتى المشاهد المفتوحة التي تؤكد على ابتعاد الاطفال عن الأم في حال فسادها او انحرافها عن مسار الحياة الطبيعي ، فهل نستطيع الاعتماد على فيلم توتو واخوته في استخراج النسبة الاجتماعية التي يخرج منها اطفال العشوائيات بفكر جيد ونفس مفتوحة على الحياة وقدرة المجتمع على التعاطي معهم كافراد يستحقون الاحترام والحياة؟
فيلم توتو واخواته ((Toto and His Sisters للمخرج) Alexander Nanau) من مهرجان بيروت للافلام.