TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > منجمون تحـت الطلـب

منجمون تحـت الطلـب

نشر في: 23 ديسمبر, 2015: 09:01 م

من  حسنات النسخة الديمقراطية العراقية ، أنها ألغت الخطوط الحمر أمام  المنجمين فمنحتهم  حق التعبير عن نبوءاتهم وتوقعاتهم لأحداث العام الجديد بكل حرية وشفافية ، فحين يتوقع احد المنجمين اصحاب النظرة الاستشرافية  للمستقبل  بان يكون نائب بارز في ائتلاف دولة القانون رئيساً لمجلس الوزراء في الحكومة المقبلة ، يصل المنجم  الى نصف الحقيقة ، على ان يتولى  الجمهور مراجعة أعضاء الائتلاف بدءاً من رئيسه نوري المالكي الى عالية نصيف ومحمود الحسن وانتهاءً بكاظم الصيادي وحسن السنيد ، من بين هؤلاء  سيكون احدهم حاملا شرف التصدي للمسؤولية لاستكمال المسيرة وسط تأييد جماهيري واسع .
 شعوب الانظمة الشمولية في المنطقة العربية  تعلق  آمالها على المنجمين ، لعل احدهم يزف لهم بشرى  تحقيق أمنياتهم المؤجلة  برفع مستوى دخل الفرد ، وإصدار عفو عام عن المساجين ، وحظر بث  نشاطات المسؤولين في نشرات الاخبار عبر شاشة الفضائية الرسمية.  المنجمون العرب  يحرصون على الابتعاد عن طرح توقعاتهم السياسية ، لأنها تقع ضمن الخطوط الحمر ، لذلك  تقتصر التوقعات على الجانب الشخصي من حياة المشاهير ،  المطربة فلانة ستزف الى  مدير أعمالها في  الشهر الثاني من العام الجديد لتسجل الزواج السادس خلال مشوارها الفني ، والممثل  الوسيم سيطلق زوجته للارتباط بسيدة أعمال  بعمر والدته مقابل  تسجيل نصف ثروتها باسمه!
التوقعات من هذا النوع هي السائدة والمطلوبة ، لا تُثير  غضب واستياء الأجهزة الأمنية ،  تضمن حياة المنجم ، اما اذا عبر الخطوط الحمر ومسّت بشكل غير مباشر الحزب الحاكم او صاحب الجلالة او السيادة فسيرى المنجم نجوم الظهر،  قد تصل العقوبة الى  أقربائه من الدرجة الرابعة .
في الصراعات الإقليمية اعتمد بعض أنظمة المنطقة المنجمين للنيل من الخصوم ، في اطار توجيه  انظار الرأي العام الى مساوىء دولة معينة ، والعكس صحيح ، تكون الجرائد والمجلات الساحة المفضلة  لتأجيج الصراع عن بُعد على الورق ، بعناوين تحتل الغلاف الاول من المطبوع . في سنوات اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية  تجسّد هذا التوجه ، وبعد غزو الكويت حشدت وسائل إعلام خليجية المنجمين لخدمة أهدافها سرعان ما تحققت بفضل ادارة بوش الابن.
توقعات المنجمين السياسية في جميع دول العالم ليست بريئة إلا باستثناءات  قليلة جدا ، تقف وراءها في بعض الأحيان  جهات مخابراتية ،ترغب في قياس ردود الافعال على احداث مهمة تعتقد ان طرحها عبر التوقعات او التسريبات يمنحها امكانية التنفيذ او التأجيل ، اما باقي التوقعات بالنسبة للأجهزة المخابراتية فتندرج ضمن الخزعبلات  يقولها  منجمون كذابون ويصدقها المغفلون! في ضوء ذلك برزت الحاجة الى خدمات المنجمين ، لانهم على استعداد كامل لطرح توقعاتهم حسب طلب الزبائن ، من الدول والأفراد ، مَن يرغب من العراقيين في ان يكون رئيسا للوزراء ، عليه الاستعانة بأحد المنجمين فهو لا يقل شأناً عن آخرين قفزوا من الهامش الى المتن بدعم (بلدوزرات خارجية)!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram