اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > أمل دنقل: حياته وشعره

أمل دنقل: حياته وشعره

نشر في: 15 يناير, 2010: 04:57 م

لم يكن الشاعر فيه منفصلا عن الوطن ولم يكن الشعر عنده مقصودا لذاته، بل لما يمكن ان يتم بواسطته من نتائج في عملية التغيير الاجتماعي ، كان شعره جميلا مستكملا لكافة المستلزمات الفنية ولكن عين الشاعر كانت على المجتمع و الأرض والناس والفرح والحرية والحاضر والمستقبل
ومع ان شعره نما في مرحلة هزيمة وفي جو هزيمة فقد كان عنوان قصيدته لا تصالح شعارا لحياته في رفض الامر الواقع وشعارا من شعارات الامة العربية في مرحلة مظلمة من مراحل تاريخها الحديث.واذا كان شعر امل دنقل فد لقي رواجا وتجاوبا لدى الناس في سنواته الاخيرة فقد كان قبل كل شيء  تعبيرا صادقا عن نفس انسان صعيدي كان لا يعرف في حياته سوى لغة واحدة لا باطنية فيها ولا حيرة وكانت سيرته الشخصية سيرة في النبل والكبر ولا شك ان حياته ستكون بالنسبة الى الباحثين والى الاجيال المقبلة هامة كشعره.وعندما سألته في القاهرة قبل وفاته باشهر قليلة عن الفرق بين جيله وجيل صلاح عبد الصبور واحمد عبد المعطي حجازي اجاب بان جيل عبد الصبور وحجازي كان جيل الانتصارات على المستوى الوطني كما على المستوى القومي في حين ان جيله هو كان جيل الهزائم أي الجيل الذي بدأ احتكاكه الفعلي في الواقع بمشاهدة المفكرين والشعراء والمثقفين في المعتقلات عام 1959 وبداية انهيار المد الوطني في ذلك الوقت بالانفصال المصري – السوري عام 1961 واضاف ان جيل عبد الصبور وحجازي كان جيل الشعارات التي لم تطبق بينما نشأ هو وقد بدأت الاشتراكية العربية تطبق وبدأت آثارها السلبية تظهر في المجتمع وكانت اشتراكية بلا اشتراكيين كما ان العالم يومها لم يعد ينقسم الى معسكرين ، معسكر الاستعمار ومعسكر الشعوب لقد تداخل الاستعمار في الستينات ولم يعد احتلالا عسكريا فقط وانما اصبح احتلالا اقتصاديا وثقافيا ايضا.ويبدو ان الذي صنع امل دنقل هو هذه الصلة السرية بينه وبين الناس وبين عصره في بداية حياته الشعرية تاثر امل دنقل بالتراث الاغريقي وكتب قصائد شتى استلهم فيها التراث الفرعوني ولكن تواصله الحي مع الناس لم يبدأ الا عندما استخدم رموزا من التراث العربي في مثل مجموعته (اقوال جديدة عن حرب البسوس ) وعندما سار السادات في طريق كامب ديفيد كانت قصيدة امل (لا تصالح) قصيدة العرب من الخليج الى المحيط وذكرت الناس بما كانت تفعله قصيدة وطنية واحدة لاحمد شوقي في العشرينات فعندما كانت تنشر في الاهرام كانت تحفظ غيبا في دمشق وبغداد والقدس وطرابلس وفي كل عاصمة ومدينة عربية.والسر في هذه الصلة السحرية التي عقدت بين امل دنقل وبين الناس هو ان القصيدة في نظرة يجب ان تحمل رؤية اجتماعية سياسية كانت القصيدة عنده صورة لاحساس الشاعر بمجتمعه في لحظة ما لم يكن يهمه الابهار بل الصدق ولم تكن الحداثة الشعرية عنده حداثة في الشكل او صرعة فنية على غرار بعض شعراء الحداثة في المشرق العربي بل كانت الحداثة المرادفة عنده للمعاصرة تنبع عنده اساسا من احساس الشاعر بنبض الشعر الحقيقي ولم يكن هذا يتأتى الا عن طريق معايشة كاملة مع تثقيف الذات بكل جديد في المعرفة وكانت المعرفة التي لا تساهم في اكتشاف الشاعر للمناطق المجهولة في وجدانه هي معرفة عقيمة.وكان يعتقد ان العودة الى التراث جزء هام من تثوير القصيدة العربية وهذا الاستلهام للتراث يلعب دورا هاما في الحفاظ على انتماء الشعب لتاريخه.ولكن الاستلهام للتراث لم يكن لديه اعتقالا او اقامة فيه بل اختراقا للماضي كي يصل الشاعر الى الحاضر من اجل استشراق المستقبل.ولد امل دنقل سنة 1940 في قرية من صعيد مصر تدعى القلعة وكان ينتمي من حيث النسب الى قبيلة عربية دخلت مصر اثناء الفتح الاسلامي ولا تختلف تربيته عن تربية امثاله فابوه كان عالما من علماء الازهر وكان شاعرا وقد اكمل دراسته الثانوية في الصعيد ثم انتقل الى القاهرة حيث التحق بكلية الاداب.وعمل في بداية حياته في الاسكندرية في مصلحة الجمارك ولكنه بعدما ترك الوظيفة الحكومية سنة 1966 تنقل بين العمل في الصحافة وفي (هيئة الكتاب والثقافة الجماهيرية ) وكان يعمل قبل موته بفترة مديرا لقسم النشر في منظمة تضامن الشعوب الافريقية – الآسيوية.وظل امل دنقل بسبب تربيته التقليدية يشعر بانه في صراع دائم ضد نفسه فالتربية التقليدية لا بد من ان تخلق حول الانسان غابة من الاسوار عليه ان يتجاوزها ليصل الى العصر ، لقد وقف ضد مفاهيم اسرته التقليدية واختار ان يترك العمل المستقر المنتظم الذي يوفر راتبا مضمونا في اخرالشهر كي يغرق في المغامرة واختار الوقوف ضد الاطار السياسي الذي كان سائدا انذاك لانه اعتقد ان الحرية هي اثمن شيء يحصل عليه الانسان ولقد طورد وتشرد ولكنه لم يفقد القدرة على مواصلة الابتسام والشعر ووقف ضد اصدقائه الشعراء الذين كانوا يسعون وراء بريق الشهرة اكثر من سعيهم وراء نار المعرفة .واستطاع ان يكون تفردا في صداقاته وفي خصوماته وكشاعر اعتبر نفسه مقاتلا في صفوف المدافعين عن الحرية والباحثين في جوهرة الحقيقة.كانت البدايات الشعرية لامل دنقل مثل أي البدايات الشعرية لاي شاعر في سن الصبا ، في الخامسة عشرة او السادسة عشرة يجيش الوجدان بمشاعر كثيرة ومتضاربة وغير مفهومة فيلجأ الى الكت

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ليفربول يخسر وديا أمام بريستون

مجلس الخدمة ينشر توزيع حملة الشهادات والاوائل المعينين حديثا

البرلمان يشكل لجنة إثر التجاوزات على اقتصاد العراق وأراضيه

بايدن يرفض دعوات الانسحاب من الانتخابات الامريكية : انتظروني الأسبوع المقبل

وفاة محافظ نينوى الأسبق دريد كشمولة

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram