TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > في ذكرى ميلاده السبعين أمل دنقل آخر الشعراء الجاهليين

في ذكرى ميلاده السبعين أمل دنقل آخر الشعراء الجاهليين

نشر في: 15 يناير, 2010: 05:05 م

احتفل مركز الفنون بمكتبة الإسكندرية بعيد ميلاد الشاعر الراحل أمل دنقل الذي كما كشفت زوجته الكاتبة عبلة الرويني أنه لم يعرف الاحتفال به في حياته، وأن المرة الوحيدة هي تلك التي أصر فيها جابر عصفور على اصطحاب أمل من الغرفة رقم "8" التي كان يعالج بها من مرض السرطان بمعهد الأورام، ويأخذه في جولة بسيارته في شوارع القاهرة،
 وأن الاحتفال الوحيد الذي كان يعرفه الشاعر الراحل كان لحظة كتابة "القصيدة". وأمل الذي رحل عن دنيانا منذ ما يقرب من ربع قرن، يعد واحدا من أبرز شعراء الستينيات، كان مشروعا شعريا استطاع أن يجعل من قصيدته صوتا خاصا في رؤيتها ومضمونها، فحملتها النخبة والعامة، خاصة تلك القصيدة التي شكلت هموم الواقع المصري وقتئذ في الستينيات والسبعينيات، حتى ليذكر أن قصيدته الكعكة الحجرية هتفت بها جمع المتظاهرين لسنوات. احتضنت احتفال عيد ميلاد أمل دنقل السبعين أحاديث ذات شجون وهموم حول تجربته وحول التجربة الشعرية المصرية في عقد السبعينيات وفي اللحظة الراهنة، بدأت بالشاعر فؤاد طمان الذي أكد نضالية أمل دنقل مذكرا بمواقفه المشتعلة بالفروسية والولاء الحميم ، وقال" من منا ينسى قصائد "زرقاء اليمامة"، "الكعكة الحجرية"، " لاتصالح". ليتحدث بعد ذلك المايسترو شريف محيي الدين، مدير مركز الفنون بالمكتبة مؤكدا على أن أمل كان أستاذا لأجيال من الشعراء الشباب بعده، "لكنه كان تلميذا للشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي، هذا الأستاذ الذي أعلن أن أمل هو تلميذه الوحيد؛ بينما كان أمل في بدايته شديد التأثر به: شعرًا وفكرًا وروحًا للدرجة التي جعلته يهدي ديوانه الأول لأستاذه حجازي معترفًا له بأنه الذي علّمَه لون الحرف، وهذا اعتراف يندر أن يعترف به شاعر لشاعر؛ وهو يجلو لنا جانبًا إنسانيًّا مهمًّا لأمل، وجانبًا جديدًا لمعنى الريادة الشعرية الحقيقية التي كان شاعرنا حجازي أحد أهم أركانها في الشعر العربي الحديث. وعن علاقته بأمل دنقل قال شريف محيي الدين: منذ كنت في الرابعة عشرة من العمر حتى رحيل أمل، سعدت بصداقته بعد أن قدمني إليه النحات الراحل عوني هيكل صديقه المقرب، وأصبحت ألتقي به على مقاهي وسط البلد، وتأثرت به، واستمعت إليه وهو يلقي شعره، وبعد رحيله ظلت الصداقة الرائعة مع إبداعه الخالد". وأكد المايسترو أن الفن الحقيقي لا يتجزأ، بل يتكامل ويجدد شبابه الدائم بالفرار من قالبه التقليدي متخذًا لنفسه تجليات وأبعادًا فنية أكثر تنوعًا؛ وذلك بالاتكاء على ما هو جوهري في التجربة الفنية من النفوذ الثاقب إلى عمق التجربة الإنسانية في مستوياتها الشاملة ومنتجها الفكري والثقافي قديمًا وحديثًا، مما يسمح لها باقتحام مناطق ومساحات فنية متنوعة. وأضاف: كنت شاهدًا على ما حققته تجربة أمل في هذا الصدد عندما قمت بتلحين بعض قصائده التي لم يمنعها عمقها الفكري ولا رصانة لغتها من الانصياع للغة موسيقية ذات طبيعة فنية مغايرة؛ والآن تتوالى على خاطري الذكريات الحميمة لهذه التجربة فيطرب لها قلبي.. فحين قررت خوض هذه التجربة عام ألف وتسعمائة وتسعة وثمانين اندهش كثير من أصدقائي الفنانين، وتساءلوا: هل يمكن أن يخضع هذا الجبروت الشعري بعرامة لغته وعنفوان صوره وحواره العميق مع التاريخ؛ هل يمكن أن يخضع للتلحين ويترقرق غناء عذبًا؟!" واستطرد"كانت المفاجأة أنني وجدت الشعر محتويًا على لحنه ومتدفقًا بموسيقاه؛ خلافا لما توقعه الجميع، وانطلقت في رحلة التلحين حتى اكتملت النصوص الملحنة أحد عشر نصا استمتعت غاية الاستمتاع باكتشاف طاقاتها الموسيقية الثرية الصافية، وذلك بقدر سعادتي بالحفاوة الجماهيرية الكبيرة التي كانت تنالها تلك الأعمال في مصر وفي أوروبا أيضا حيث كانت تُعرض مع ترجمة القصائد إلى اللغات الأوروبية، وكان تفاعل الجمهور الأوروبي معها مدهشا؛ وصارت ذكرياتي الحميمة معها أجمل وأكبر؛ وتحضرني من هذه الذكريات ذكرى مؤثرة أحب أن أشارككم دفئها: كان ذلك بألمانيا في أوبرا ساركرن وتم غناء بعض قصائد أمل مع عرض ترجمتها الألمانية، وكانت منها قصيدة "ضد من" التي كتبها أمل عن معاناته مع المرض اللعين حين اشتدت وطأته عليه، وإذا بالجمهور الألماني يحتفي بالعمل احتفاء مؤثرا حتى جاءتني بعد الحفل مجموعة من الممرضات الألمانيات، واعترفن لي بأنهن اكتشفن بعد هذا الحفل معاني جديدة لمعاناة الناس من المرض. وبدأ الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي حديثه نافيا أستاذيته لأمل، وقال: لم أكن تلميذا لأمل ولا لهذا الجيل من الشعراء الذين كانوا يقرأونني كما أقرأهم، كانوا يتعلمون من تجربتي، وأتعلم من تجربتهم، وتجربة أي شاعر ليست تجربة فردية وإنما هي بلورة لكل ما قرأ وتعلم في تراث الفن الذي يشتغل فيه، شك أنني تعلمت من شوقي وحافظ وأبو شبيكة ومحمود حسن إسماعيل وإبراهيم ناجي، ومن البكائيات الشعبية التي كانت هي غناء أمي في ظهائر الصيف عندما كانت تفقد عزيزا، تعلمت من لغة القرآن ولغة طه حسين وتوفيق الحكيم. وأنا بالفعل أجد في صيغ أمل ما يذكرني بالصيغ التي استخدمتها نحوية وإيقاعية، وهذا طبيعي لأننا أبناء نفس اللغة، وكذلك اهتم بالموضوعات التي اهتممت بها، لكنه أبدع فيها إبداعا خاصا مث

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram