اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حلاوة في قدر مثقوب!

حلاوة في قدر مثقوب!

نشر في: 25 ديسمبر, 2015: 09:01 م

يتبيّن لنا الآن أن ما فعلته الطبقة السياسية الحاكمة، مذ إعلانها الاستجابة لمطالب الشعب بالإصلاح في الصيف الماضي، لم يتعد كونه عمل حلاوة في قدر مثقوب، كما يقول المثل الشعبي.
 ما جرى وحصل هو عملية تقشف محدودة كانت ستُقدم عليها الحكومة ومجلس النواب، شاء أعضاؤهما أم أبوا، حتى لو لم تكن مئات الآلاف من العراقيين قد نزلت إلى الساحات والشوارع على مدى الأشهر الخمسة الماضية، فانهيار أسعار النفط وخواء الخزينة الذي ورثته الحكومة الحالية عن سابقاتها الفاسدة، كانا سيرغمان الحكومة إرغاماً على التقشف.   
لكن يتبين الآن أيضاً أنه لا يمكن التعويل على إجراءات الحكومة التقشفية في إحداث اختراق أو تغيير لجهة سد العجز الخطير في الموازنة العامة للدولة الناجم عن الانهيار المتواصل لأسعار النفط وللنهب السافر للمال العام في عهد الحكومتين السابقتين.
 المبالغ التي ستتوفر من إلغاء مناصب نواب رئيسي الجمهورية والوزراء ومن التخفيض المحدود في مخصصات كبار المسؤولين في الدولة، لن تزيد قيمتها عن بضعة مليارات من الدولارات سنوياً، فيما الحاجة تمسّ إلى عشرات المليارات، وبخاصة بعدما تبيّن أن التقدير الذي وضعته الحكومة لعائدات النفط وصادق عليه مجلس النواب غير واقعي، فأسعار النفط تنحدر وتقترب من 30 دولاراً للبرميل، أي ثلثا التقدير الذي بُنيت عليه موازنة العام الحالي، وهذا مما يضاعف مقدار العجز الحقيقي في الموازنة. ومن الواضح الآن أن الموازنة الحالية لن تفي بأكثر من احتياجات ومتطلبات ستة أشهر فقط.
الحكومة كان عليها ليس فقط أن تضع موازنة تستند إلى تقدير واقعي لأسعار النفط، بل أن تقترح على البرلمان إجراءات تقشفية أوسع وأكثر عمقاً، تشبه الإجراءات التي أعلنت عنها منذ أيام حكومة اقليم كردستان أو أفضل منها، وأن تستهدف هذه الإجراءات الفئات العليا في الدولة والمجتمع، وليس الفئات الدنيا التي تتشكل من أغلبية الموظفين والعمال والمتقاعدين.     
حكومة الإقليم أعلنت عن إجراءات لتنظيم وتفعيل نظام جمع الضرائب وتخفيض المخصصات للدرجات الخاصة، ومنها التخفيض بنسبة تصل إلى 50 بالمئة في مخصصات مناصب رئيس الإقليم ونائبه ورئيس مجلس الوزراء ونائبه والوزراء ومن هم بدرجة وزير والذين يتسلمون راتب وزير ووكيل وزارة والأشخاص الذين بدرجتهم والمستشارين وأصحاب الدرجات الخاصة في جميع مؤسسات الإقليم بمن فيهم الرؤساء ونوابهم وأعضاء مجلس القضاء ومحكمة التمييز في الإقليم والقضاة وأعضاء الادعاء العام والمدراء العامون، وسوى ذلك من الإجراءات، وكذلك إلغاء أية مخصصات للكثير من أصحاب المناصب في سلطات الإقليم.
مع ذلك فليس من المقدر أن تنجح إجراءات حكومة الإقليم ولا إجراءات الحكومة الاتحادية في الحؤول دون وقوع ما يرتقي الى مستوى الكارثة بعد بضعة أشهر عندما ستصحو الحكومتان ذات صباح لتجدا أنهما غير قادرتين على دفع رواتب موظفيهما.
الكارثة المالية والاقتصادية والاجتماعية المحدقة، كما كارثة احتلال داعش لثلث مساحة البلاد بكل عواقبها المأساوية، يمتدّ أصلهما وفصلهما إلى النظام السياسي الذي لم تزل حكومتا بغداد واربيل تدافعان عن وجوده كما تدافعان عن حدقات العيون. وتجنب الكارثة الوشيكة والخروج من الكارثة القائمة لا يمكن أن يكونا بإجراءات تقشفية فحسب، حتى في صيغتها الكردستانية .. الإصلاح السياسي والإداري والاقتصادي الشامل والعميق هو وحده المنقذ والمنجّي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

دي خيا يثير الغموض حول مستقبله

محكمة مصرية تلزم تامر حسني بغرامة مالية بتهمة "سرقة أغنية"

والدة مبابي تتوعد بمقاضاة باريس سان جيرمان

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

 علي حسين في ملحمته الإلياذة يروي لنا الشاعر الاغريقي هوميروس كيف أن أسوار مدينة طروادة كانت عصيّة على الجيوش الغازية . فما كان من هؤلاء إلا أن لجأوا إلى الحيلة فقرروا أن يبنوا...
علي حسين

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

 لطفية الدليمي غريبٌ هذا الهجومُ الذي يطالُ الراحل (علي الوردي) بعد قرابة الثلاثة عقود على رحيله.يبدو أنّ بعضنا لا يريد للراحلين أن ينعموا بهدوء الرقود الابدي بعد أن عكّر حياتهم وجعلها جحيماً وهُمْ...
لطفية الدليمي

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

طالب عبد العزيز هذا ما كتبه ابو المحن المحسود البصريّ لاِبنهِ ذي الهمّة، الذي واصل الليل بالنهار، متصفحاً خرائط المدن والاسفار، عاقداً وشيعة الامل بالانتظار، شاخصاً بعينه الكليلة النظيفة، متطلعاً الى من يأخذ بيده...
طالب عبد العزيز

ريادة الأعمال.. نحو حاضنة شفافة

ثامر الهيمص مخرجات الشفافية, تمتاز عن غيرها, بأن ردود الفعل تأتي انية في النظر او العمل, مما يجعلها تمضي بوضوحها مستفيدة من هنات وليس عثرات تراكمت اسبابها مسبقا في عالم الا شفافية, اللهم الا...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram