TOP

جريدة المدى > عام > قصة قصيرة: خطوات الليل.. بابا نوئيل

قصة قصيرة: خطوات الليل.. بابا نوئيل

نشر في: 28 ديسمبر, 2015: 12:01 ص

صفير الريح يصارع اذرع الثلوج المتساقطة على البساط الابيض ... الضباب يحضن شجيرات صغيرة غارقة في صقيع الليل ... تلال من الثلوج تغطي كل الأزقة المؤدية الى منزلنا الطيني ... لا شيء سوى الشتاء ... الريح تكاد ان تخلع بابنا الخشبي ... البرد القارس يتدفق من

صفير الريح يصارع اذرع الثلوج المتساقطة على البساط الابيض ... الضباب يحضن شجيرات صغيرة غارقة في صقيع الليل ... تلال من الثلوج تغطي كل الأزقة المؤدية الى منزلنا الطيني ... لا شيء سوى الشتاء ... الريح تكاد ان تخلع بابنا الخشبي ... البرد القارس يتدفق من النوافذ المسدودة بأقمشة قديمة ... احاول جاهدا ان احتمي بأنفاسي الدافئة ... وبأصابعي الصغيرة المرتجفة كي امنع الريح من ان تطفئ بصيص شمعتي بلهيبها المتراقص كقلب عصفور صغير ينتظر امه في عشه ... انتظرت طويلا ... صدقني لن يأتي ... رأيتها واقفة خلفي ... تعال الى النوم ... هو لن يأتي غادرت الغرفة كعادتها ... للحظات ... نسيت البرد حلمت بقدومه ... بمعطفه الأحمر وقبعته المطرزة بأكاليل الثلج بلحيته البيضاء ... لمست انفاسه ... يداه تداعبان شعري ... لقد انتظرت طويلا يا صغير ... صوته كأجراس الكنائس تعزف لحن الامل ... صرخات الريح ايقظتني من حلمي وعالمه الجميل ... شمعتي تصارع الريح المجنونة تنتظر الفجر حتى تنام ... البرد القاسي يقطع انفاسي ... و نحن لا نملك حتى الحطب لنوقده نارا وندفئ اجسادنا ... وكما كل مرة خرجت امي من غرفتها ... نظراتها كانت تروي روايات لم تدون بعد ... تقدمت ... صمتت ... خلعت معطفها الصوفي ... وضعته على كتفي و خرجت ... لماذا لم تتحدث معي؟؟؟؟ لماذا لم تقل لي ... لقد انتظرنا كثيرا ... صدقني لن يأتي ... صمتها فجرّ في داخلي صرخات نائمة ... لم اعد افكر بـ بابا نوئيل ... تطايرت اجزاء بابنا الخشبي ... دخل ... لم يكن هو ... كان لا يشبه البشر باظافره الطويلة سرق احلامي ... و شمعتي و رحل ، صرخت ... بكيت ... حتى امي لم تسمعني ... دموعي تحولت الى صقيع جامد ... لم اعد احس بالبرد ... خرجت ابحث عن احلامي المسلوبة ... عن شمعتي المغتصبة ... عن بابا نوئيل ... سافرت ... تركت والدتي ... سألت الكثيرين ... البعض استهزأوا البعض لم يفهمني.. بين حين و اخر كنت التقي بأشخاص ... احس من نظراتهم بأنهم يفهمونني و لكن لم اجد من يساعدني ... في صباح باكر وصلتني رسالة بدون عنوان ... فتحتها ... كانت من امي ... تعجبت ... كيف عرفت مكاني .. ؟ انا لا اعرف اين اسكن ... كيف؟؟ .... في اسطر قليلة كتبت ... يا بني لو وجدت احلامك ... شمعتك ... و بابا نوئيل ... لا تنس ... ان تعود الى المنزل ... فانا جالسة في المكان الذي كنت تنتظره فيه.. احمل بيدي شمعة ... الريح تصارع الثلج .... الثلوج تغطي منزلنا واجلس هنا دون قوت او وقود.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابراهيم داود الجنابي

    نص جميل بمعانيه ..النص يشي للمتلقي بانه ازاء طفولة مقموعة وحرمان استشرى حد فقدان ﻻبسط الحقوق..انها معاناة كبيرة دونها صديقنا بلغة شفافة ..

  2. عمران العميري

    قلم سخي وافق لايضمه خيال اجدت في ابحار وصفك واحسنت في انتقاء رصفك للمفردات دمت اسما وقلما ياصديقي تحياتي لك

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

تقاطع فضاء الفلسفة مع فضاء العلم

الذكاء الاصطناعي والتدمير الإبداعي

موسيقى الاحد: "معركة" المغنيات

فيلم "الحائط الرابع": القوة السامية للفن في زمن الحرب

"الشارقة للفنون" تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة

مقالات ذات صلة

"كِينْزُو تَانْغَا"" src="https://almadapaper.net/wp-content/uploads/2025/02/5842-7-2.jpg">
عام

"مُخْتَارَات": <العِمَارَةُ عند "الآخر": تَصْمِيماً وتَعبِيرًاً> "كِينْزُو تَانْغَا"

د. خالد السلطانيمعمار وأكاديميعندما يذكر اسم "كينزو تانغا" (1913 - 2005) Kenzō Tange، تحضر "العمارة اليابانية" مباشرة في الفكر وفي الذاكرة، فهذا المعمار المجدـ استطاع عبر عمل استمر عقوداً من السنين المثمرة ان يمنح العمارة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram