يوم كان العراق في الشهر الواحد يعقد عشرات المؤتمرات العربية لتحقيق التنمية عبر الاستعانة بخبرات الأشقاء العرب ، توصل الى حقيقة ان الاعتماد على الخبراء المحليين أقصر الطرق في الوصول الى الاهداف ، مع تبني برامج وستراتيجية واضحة لإقامة مشاريع عملاقة تندرج ضمن ما يُعرف ببناء قاعدة تحتية تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية باقامة مشاريع صناعية كبيرة ، ومد شبكة الطرق السريعة ، فضلا عن انشاء موانىء ومد انابيب نقل النفط الخام الى دول الجوار لزيادة موارد الدولة على الرغم من ان سعر نفط البرميل الواحد في ذلك الوقت لا يتجاوز عشرة دولارات .
اندلاع الحرب العراقية - الايرانية جعل النظام السابق يتجه نحو التصنيع العسكري، فتعطل تنفيذ عشرات المشاريع ، لكن النظام واصل عقد الاجتماعات لإعطاء صورة الى الرأي العام تفيد بان الرغبة في تحقيق التنمية تتواصل على قدم وساق ، فكان شعار "نحارب بيد ونبني بيد أخرى" يختزل التوجه الرسمي لأغراض الدعاية فحسب ، حين انتهت الحرب تكبد العراق خسائر مادية وبشرية فضلا عن ديون بمليارات الدولارت لصالح دول خليجية .
في سنوات فرض العقوبات الاقتصادية على العراق وتدمير بنيته التحتية جراء حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت ، رفع النظام شعار " يعمِّر الأخيار ما خرّبهُ الأشرار" كانت الاجتماعات تتواصل بشكل يومي لإعادة الخدمات الأساسية في العاصمة بغداد ، فيما بقيت محافظات الجنوب والوسط محرومة من التيار الكهربائي !
اجتماعات كبار المسؤولين مع مديري وخبراء الجهات الرسمية المختصة بتوفير الخدمات اخذت تعقد بشكل شبه يومي ، يحرص التلفزيون الرسمي على نقلها مباشرة ، لامتصاص الاستياء الشعبي من انعدام الخدمات. في أحد الاجتماعات المنقولة على الهواء مباشرة اظهرت الصورة احد المسؤولين مستغرقاً في نوم عميق ، يبدو ان المسؤول كان يطلق شخيرا سمعه جميع الحاضرين ، بعد دقائق من انتهاء بث الاجتماع ظهر المذيع ليبث خبر إقالة مسؤول بدرجة مدير عام من منصبه ، تبين في ما بعد أن الإقالة طالت المسؤول النائم ، فجرِّد من منصبه الرسمي والحزبي لتعطيله مشاريع التنمية بشخير وصل الى دول الجوار!
في اجتماع آخر صدرت عقوبة جماعية بحق الحاضرين لان احدهم استسلم لغفوة ثم ايقظه زميله بضربة عسكية ، شاهدها من يدير الاجتماع فخرج غاضبا وأمر ان يبقى الجميع في القاعة حتى ساعة متاخرة من الليل.
الشخير كان جريمة تهدد الأمن القومي ، من يرتكبها يفقد منصبه بقرار عاجل تتخذه القيادة الحكيمة ، ثم يبث عبر جميع وسائل الإعلام ، لغرض ايصال رسالة تحذير الى المسؤولين الآخرين تفيد بان الشخير في العراق قد يكون سبباً في فقدان مناصبهم، في ضوء السجال الجاري حاليا بين وزارتي الصناعة والدفاع حول انتاج "البساطيل" والدروع ضد الرصاص والاتهامات المتبادلة بين الطرفين ، ستنتهي المشكلة بإبعاد مسؤول من منصبه بتهمة اطلاق الشخير وعرقلة الخطوات التنموية ! نـأيــم المـدلـول .
الشخير لأغراض التنمية
[post-views]
نشر في: 27 ديسمبر, 2015: 09:01 م