TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الهروب إلى الأولمبية !

الهروب إلى الأولمبية !

نشر في: 28 ديسمبر, 2015: 09:01 م

المؤتمر الاستثنائي الذي عقده ممثلو 148 نادياً لإعلان رفضهم للتعليمات التي أقرّتها وزارة الشباب والرياضة والخاصة بإجراء الانتخابات القادمة للأندية خلال شهر آذار 2016 عكس صورة واضحة عن عمق المعضلة التي تواجهها الرياضة العراقية التي تتمثل بانهيار مفهوم احترام العمل المركزي التي يشكل ركيزة لا بديل لها عندما تتلاشى ديمقراطية الحوار والنقاش الحقيقية خاصة وهي لا زالت تئـنُّ تحت ركام التخلف وعدم النضوج الفكري لدعاة التشبث بها.
ربما سنجد مَن يتعكز على حرية الرأي والاعتراض لكل مَن يجــد ان هناك ضرراً سيصيبه من تلك اللوائح كحق تكفله القوانين النافذة ، وهو أمر يحتاج الى تفسير منطقي يرتدي روح القانون العام ربما هو مَن كان غائباً عن أذهان المعترضين.
أهم ما ميّز المؤتمر المذكور انه استعرض قضيته بغطاء التهديد والتلويح بورقة اعتمادهم على حنكة (خبير قانوني) وكأنها رسالة تعبّر عن صلابة موقفهم وجديتهم في مسعى فرض شروطهم لإجبار الوزير على التراجع عن موقفه بينما اتجه تركيز بعض المتحدثين على إسقاط عامل المنفعة الشخصية في تسويق وجهة نظره برفض تلك التعليمات ومحاولة إظهار حرصه على دفع الضرر العام..إلا أنه تناسى ان سلطة الدولة المتمثلة بوزارة الشباب والرياضة هي المعنية الأولى في رسم سياسة وأُطر الوضع الرياضي الذي يلائـم كل مرحلة ولها الحق في تحديث وتطوير وسائل النهوض بالواقع متى ما وجدت أن هناك ما يعرقل عملية النهوض والتقدم بهذا القطاع المهم.
ولأن الوزارة المذكورة هي صاحبة الامتياز والشرعية في منح موافقة تأسيس الأندية فإن العلاقة بين الطرفين لابد أن تكون محددة ضمن مفهوم المرجعية الإدارية العليا وتعليماتها الملزمة لكل نادٍ وافق أن يكتسب شرعيته ووجوده بكتاب موقع من وزير الشباب والرياضة حصراّ!
وبعد أن خلعت الاندية المعترضة ثوب الوزارة الذي كان لسنوات يستر عورة خزائنها الخاوية ويمدها بأسباب البقاء على الساحة عبر المنح المالية في وقت عجزت إداراتها على إثبات أهليتها بالقيادة وإيجاد منافذ للتمويل الذاتي سارعت الى الهروب والارتماء في حضن اللجنة الاولمبية بعد ان أدركت ان موقف الأخيرة الغامض والغريب ما هو إلا إشارة تشجيع ومؤازرة لها  للمضي في حملة التصدي للاصلاحات التي إن حصلت ستُلقي بظلالها مستقبلاً على كل مفاصل الرياضة العراقية ومن ضمنها انتخابات اللجنة الأولمبية التي ستفضي بالتأكيد الى تهاوي عناوين كثيرة كانت تحكم قبضتها على المناصب وفق لعبة العلاقات والدعم المتبادل .
الحقيقة إن أصل الخلاف ينحصر بفقرتين وردت في التعليمات الجديدة للانتخابات، الأولى في أن يكون المرشح لرئاسة النادي حاصلاً على شهادة البكالوريوس أو أعلى والثانية ألا تتجاوز فترة رئاسته على دورتين فقط ، وبتقييم بسيط لجوهر تلك الفقرتين ستجد ان تطبيقهما  يصبّ في جانب المصلحة العامة وإن نطاق الضرر هو شخصي بحت لمن هو يطمح في البقاء بالمنصب المذكور. ولقد كان أولى بالمعترضين أن يسارعوا الى إعلان صريح بالموافقة على الشرطين بالتحديد لإثبات حُسن نواياهم وصحة ما صرّحوا به وكدليل على حرصهم في تشجيع الحوار والمناقشة للوصول الى رؤية مشتركة لبقية التعليمات بدلاً من لغة التصعيد واستمالة الشارع الكروي عبر التلويح بورقة تدويل القضية وتأثيرها على مشاركة المنتخب الوطني في تصفيات كأس العالم وهي سابقة خطيرة تؤكد أن سمعة البلد وآمال الجماهير أصبحت عُرضة للمساومة في حسم الخلافات الداخلية!
باختصار.. إن وزارة الشباب والرياضة أمام تحدٍّ حقيقي لإثبات سلطة وهيبة وجودها عبر الإصرار  على خيار التغيير والإصلاح والتمسك بموقفها الرافض لتأجيل او إلغاء العمل باللوائج الجديدة والمهم طمأنة المتابعين من  هواجس وجود صراع لقوى مخفية هي مَن باتت تتحكم بالعلاقة بيـن أبنـاء البيت الرياضي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: أين اختفوا؟

العمودالثامن: متى يعتذر العراقيون لنور زهير؟

العمودالثامن: لماذا يكرهون السعادة؟

العمودالثامن: حين يقول لنا نور زهير "خلوها بيناتنه"!!

العمودالثامن: نظرية "كل من هب ودب"

 علي حسين يريد تحالف "قوى الدولة " أن يبدأ مرحلة جديدة في خدمة الوطن والمواطنين مثلما أخبرنا بيانه الأخير الذي قال فيه إن أعضاء التحالف طالبوا بضرورة تشريع تعديلات قانون الأحوال الشخصية، التي...
علي حسين

قناديل: انت ما تفهم سياسة..!!

 لطفية الدليمي كلُّ من عشق الحضارة الرافدينية بكلّ تلاوينها الرائعة لا بدّ أن يتذكّر كتاباً نشرته (دار الرشيد) العراقية أوائل ثمانينيات القرن الماضي. عنوان الكتاب (الفكر السياسي في العراق القديم)، وهو في الاصل...
لطفية الدليمي

قناطر: كنتُ في بغدادَ ولم أكنِ

طالب عبدالعزيز هل أقول بأنَّ بغداد مدينةٌ طاردةً لزائرها؟ كأني بها كذلك اليوم! فالمدينة التي كنتُ أقصدها عاشقاً، متلهفاً لرؤيتها لم تعد، ولا أتبع الاخيلة والاوهام التي كنتُ أحملها عنها، لكنَّ المنعطفَ الخطير والمتغيرَ...
طالب عبد العزيز

الزواج رابطة عقدية تنشأ من دون وسيط كهنوتي

هادي عزيز علي يقول الدكتور جواد علي في مفصله لتاريخ العرب قبل الاسلام ان الزواج قبل الاسلام قائم على: (الخطبة والمهر وعلى الايجاب والقبول وهو زواج منظم رتب الحياة العائلية وعين واجبات الوالدين والبنوة...
هادي عزيز علي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram