حين يعلن ملحن معروف في بلده رغبته في بيع آلته الموسيقية الشخصية ، يجعل جمهوره يطرح التساؤلات لمعرفة الاسباب ، وربما يحث المؤسسات الفنية الرسمية على التحرك السريع نحو الملحن للتخلي عن قراره . في الدول المعروفة بثرائها الثقافي ، يحتل الادباء والفنانون المرتبة الاولى في سلم اهتمام الدولة . الملحن المعروف سرور ماجد، فجر مفاجأة من العيار الثقيل حين عرض "عوده" للبيع، ليس من اجل الحصول على المال ، وانما لادراكه ووصوله الى يقين، بان آلته الموسيقية ما عادت مجدية في الوقت الحاضر لترميم الخراب الشامل .
سرور ،ابن الناصرية، كغيره من زملائه من ابناء مدينته ، منحوا الساحة الغنائية العراقية اعمالا مازالت راسخة في الذاكرة ، عبرت الحدود ، قبل وصول ملحينها ومطربيها الى عواصم عربية واجنبية ، في لقاءات اذاعية وتلفزيونية . لطالما تحدث سرور عن دوره في تقديم اصوات جديدة ، حتى نال لقب مكتشف النجوم ، ملحن بهذا اللقب يبيع عوده ، يبعث برسالة الى من يعنيهم الامر يحذر فيها من مخاطر اندحار الجمال امام انتشار القبح في كل تفاصيل الحياة .
اوتار عود سرور ماجد المعروض للبيع تحتفظ بتاريخ صاحبها الملحن ، منذ بدأ خطواته الاولى مطلع عقد السبعينات من القرن الماضي في مركز شباب الكاظمية ، تعلم العزف من دون الاستعانة بمعلم ، يقضي ساعات طوال في غرفة خالية من مروحية سقفية في درجات حرارة مرتفعة ، يختار المعزوفات الصعبة ليثبت لمن يرغب في سماع عزفه، بأنه لايقل شأنا عن العازفين الكبار ، فضلا عن اجادته الغناء حين يكون مزاجه رائقا.
تحتفظ اوتار عود سرور ايضا انه في بداية مشواره الفني لحن قصيدة للشاعر الفلسطيني الراحل سميح القاسم في مسرحية (الآمر والمأمور) المنشورة في مجلة الاقلام للكاتب يوسف العاني ، اخرجها الممثل جواد الشكرجي وقدمها على مسرح معهد الفنون الجميلة ، في قصر الثقافة والفنون التابع لوزارة الثقافة . لفت سرور انظار اثنين من الملحنين : فاروق هلال وجميل جرجيس ، "مشاكساته الفنية" منحته حضورا بين زملائه ، أهّله للانتقال الى الاذاعة والتلفزيون فأخذ على عاتقه مهمة اكتشاف اصوات شابة من كلا الجنسين فاستحق لقب مكتشف النجوم.
منتصف التسعينات اضطر سرور الى الهجرة مع اسرته . في العاصمة الاردنية عمان لحن اوبريتا غنائيا ، وسع نشاطه ، فقدم الحانا لمطربين عرب ، ثم غادر الاردن ليستقر في كندا ، بعد عام 2003 عاد الى وطنه حاملا مشاريع فنية كبيرة ، لكنه اصطدم بعقبات ادارية، بددت احلامه ، وصل الى قناعة بأن الفن في بلاده مهدد بالانقراض فأعلن بيع "عوده " . حدثٌ من هذا النوع في بلد آخر، يجعل المسؤولين عن الثقافة يقدمون استقالة جماعية ، لا احد يسمعك.
يا سرور إلا أوتارك، شيصبرني؟؟؟
أوتار سرور ماجد
[post-views]
نشر في: 28 ديسمبر, 2015: 09:01 م