TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شعب مسكوف

شعب مسكوف

نشر في: 29 ديسمبر, 2015: 09:01 م

مع بدء العد التنازلي لاستقبال السنة الجديدة ،  تستعد جميع شعوب الكرة الارضية للاحتفاء بالحدث ، فيما تكثف الاجهزة الامنية جهودها لتوفير ظروف ملائمة للاحتفال ، عبر تفعيل الجهد الاستخباري لاحباط تنفيذ  هجمات ارهابية تشنها جماعات متطرفة ،لمنع  تكرار مأساة باريس.
الاحتفال العراقي بالعام الجديد سيقتصر على  "البطرانين " على حد وصف جهات وأحزاب بعضها مشارك في الحكومة الحالية ، ترفض المظاهر الغربية ، بمزاعم ان المرحلة بحاجة الى تضافر الجهود للقضاء على الارهاب ، وتحرم ممارسة تقاليد مستوردة ، على الرغم من ان  معظم العراقيين كانوا  يحتفلون بالعام الجديد قبل عشرات السنين  للمشاركة مع شعوب العالم في فرحهم ،  في محاولة لتجاوز احزانهم المتكلسة في نفوسهم ، حتى أصبح العراقي منذ ولادته يحمل هما كبيرا ، لايمتلك سوى التمنيات لتبديد أحزانه المتراكمة ، جراء نشوب صراع سياسي على السلطة ، ثم خوض حروب خاسرة خلفت ملايين الارامل واليتامى والمعاقين،مع تكرار النكبات والازمات  وانحطاط الدولة حوّل العراقيين الى "شعب مسكوف " على نيران السلطة.
 في سنوات الحرب العراقية الايرانية  اعتاد التفزيون الرسمي على إعداد برامج خاصة لاحتفال في العام الجديد ، المزاج الشعبي في ذلك الوقت لم يكن متعاطفا مع  الحدث ، باستثناء ارتفاع اصوات الامهات بان تشهد  السنة الجديدة نهاية  الحرب ، في تلك الليلة عرض التلفزيون تقريرا  يسلط الضوء على تجاوز المشاة  خطوط  عبور الشوارع العامة ، مقابل كراج علاوي الحلة كاميرا البرنامج رصدت المخالفين ،  حين وجه مقدم البرنامج سؤاله الى من تجاهل خطوط العبور ،  سمع إجابة واحدة من الجميع  "ياعمي والله دايخ " ، بعد دقائق من بث البرنامج  إستدعى مدير التلفزيون وقتذاك المعد والمقدم ، وابلغهما   بعقوبة الانتقال الى قسم الارشيف ،  لانهما لم يلتزما بالرسالة الاعلامية الحقيقية التي تعكس  إقبال فرح العراقيين باستقبال العام الجديد متحدين ظروف الحرب ، يبدو ان جواب" ياعمي والله  دايخ " ازعجت احد المسؤولين الكبار ، فاتصل بادارة التلفزيون لاتخاذ  القرار الرادع بحق من بعث برسالة الى الرأي العام  تكشف عن خيبة العراقيين ودوختهم المزمنة .
الجهات والقوى السياسية المعترضة على اقامة احتفالات  لاستقبال العام الجديد  لم  تنقذ العراقي من الدوخة المزمنة فتحولت الى أمراض مستعصية لدى كبار السن ، من متابعي الفضائيات الباحثين عن اخبار جديدة ، فخاب ظنهم حين شهدوا الساسة وزعماء الاحزاب مالكي الفضائيات يطلون على  الشاشة ليقدموا التهاني والتبريكات لشعوب العالم لمناسبة حلول العام الجديد ، لكنهم جعلوا العراقيين  يحملون صفة "الشعب المسكوف "  على نار هادئة .
باسثناء جميع شعوب  الكرة الارضية  الشعب  العراقي الوحيد في العالم    تتلخص أمنياته  بالخلاص من الحرب ،  جيلاً بعد جيل كرر الأمنية ، لعلها تصل الى من إرتدى البدلة المرقطة لاغراض الاستعراض ، ياعمي والله دايخ .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram