يمرُّ العام تاركاً لهُ اسماً تُخلّد من خلالهُ أهم الذكريات ، فكُلٌّ اعتاد أن يُسمي هذا العام أو ذاك بحسب ما يترُكهُ بهِ من أثر ، إلا ان للمثقف العراقي وثقافته طقوساً أُخرى في إطلاق الأسماء على الأعوام فبعضها يرتبط بعطر كتابٍ ما ، وأُخرى ترتبط بموسيقا
يمرُّ العام تاركاً لهُ اسماً تُخلّد من خلالهُ أهم الذكريات ، فكُلٌّ اعتاد أن يُسمي هذا العام أو ذاك بحسب ما يترُكهُ بهِ من أثر ، إلا ان للمثقف العراقي وثقافته طقوساً أُخرى في إطلاق الأسماء على الأعوام فبعضها يرتبط بعطر كتابٍ ما ، وأُخرى ترتبط بموسيقا قصيدة أو مقطوعةٍ نثرية ، وهُنالك أعوام ترتبط بأهم حدثٍ ثقافي يمرّ على المثقف خلال هذا العام أو ذاك. لهذا كان علينا أن نتوّج خاتمة عام 2015 بأهم حدثٍ ثقافي ، أو أهم كتابٍ صدر لذلك العام ، وهذا من خلال استطلاعٍ أجرتهُ المدى ، قد يكون بمثابة وثائقيٍ ثقافيّ يُخلد أهم الأحداث الثقافية لهذا العام .
حيث قال الروائي خضير فليح الزيدي: " كوني متابعا للنشاطات والفعاليات الثقافية العالمية والعربية والعراقية وبفعل انشغالي الروائي، اعتبر انعقاد ملتقى الرواية العراقية الثاني في البصرة من أهم الأحداث الثقافية عراقياً لعام 2015 ، ذلك لأن اتحاد ادباء البصرة استطاع ان يتجاوز كل المعوقات والضيق المالي ليقدم على تقديم هذا الملتقى الرصين ثقافيا. "
وبيّن الزيدي قائلاً "كذلك لا يُمكن التغاضي عن أن اليونسكو اعتبرت بغداد من اهم العواصم الثقافية في العالم. اذ يعتبر هذا الخبر اشادة فعلية بالروح العراقية التي تتطلع الى الثقافة الراقية والرصينة في ظروف أقل ما يقال عنها انها ظروف مأساوية وقاتمة." وبيّن الزيدي "أيضاً من الممكن أن ترتبط أهمية هذا العام ببعض الكتب الصادرة والمقروءة ، حيث أستطيع القول إن الروايات التي حصلت على البوكر هي التي حازت على أكبر نسبة قراءة مثل "المبخوت" عن روايته "الطلياني" ، كذلك الكتب التي فككت تاريخياً تنظيم داعش الإرهابي هي من الكتب التي باتت أكثر تداولاً عراقياً وعربياً وعالمياً . "
وذكر الشاعر العراقي د.سعد ياسين قائلاً :"إن حصول أحمد السعداوي على جائزة البوكر عن روايته " فرنكشتاين في بغداد " يُعد من أكبر وأهم الأحداث العراقية ، لما في هذه الجائزة من أهمية دولياً وعربياً . " وبيّن ياسين قائلاً : "قد تكون الكُتب الفلسفية هي التي حازت على الأهمية الأكبر هذا العام مثل الكتاب الفلسفي المعنون ( المجال الصفري ) للدكتور جبار حسين صبري لما يتضمنه من طروحات فكرية فلسفية لمرحلة ما بعد الحداثة ، كذلك كتاب ( أن تكون نيكول) ، حيث تحولات أسرة أمريكية ، وقامت بتأليف هذا الكتاب الكاتبة الشهيرة "أيمي إيليس نوت " ، كذلك تُعد رواية ( الباب ) لماجده زابو أكثر تداولاً ، ومن أكثر المؤلفين الذين لحظت إقبال القُراء عليهم هم الروائية اليف شافاك والكاتب جبار حسين صبري . "
بينما ذكر المخرج المسرحي والكاتب عقيل مهدي قائلاً :"إن المُنجزات الثقافية لهذا العام كثيرة منها مهرجان المسرح ضد الإرهاب ، واحتفالية المسرح العالمي ، وجائزة بغداد للإبداع ، وتكريم محمد خضير في البصرة ، ومهرجان القمة الثقافي في ميسان ، ومسرحيتي (الحسين في غربته) ، فما حصل في البصرة من منح تاجر عراقي قلادة مقدارها 13 الف دولار لمبدع عراقي تكريماً واحتراماً للثقافة وهذا أمر يحفز الرأسماليين العراقيين لتكريم المثقف والجانب الرمزي للثقافة العراقية ، كذلك فيما يخص جائزة بغداد الإبداعية والتي انطلقت باسم وزارة الثقافة هذه تعتبر استكمالا لنواقص كان يشكو منها المثقف العراقي فتُعد هذه انتقالة في المجال الثقافي لهذا العام . "
وأكد المهدي قائلاً: "لا يُمكن إحصاء أهم الكتب بشكل واضح فكل قارئ لهُ اهتمام أو ميول لنوع معين من الكتب التي تجتذبه وفق اهتماماته ، لكن يُمكن القول إن الكُتب الدينية الحديثة والتي صدرت لعلماء متنورين ووضحت العديد من الاتهامات التي وجهت للدين وبسّطته كانت هي الأكثر قراءة إضافة إلى كُتب المسرح والروايات ."
فيما قال الكاتب رُسلي المالكي ان " أهم حدث ثقافي هو الاقبال المتزايد على دور النشر لغرض طباعة مؤلفات الشباب و ان كان عدد كبير منها ليس بالمستوى المطلوب لكنها تبقى محاولة بالامكان تطويرها في المؤلفات القادمة و اتمنى منهم تكثيف القراءة والاهتمام بالاطلاع لغرض صقل امكانياتهم الكتابية في المستقبل . "
وبيّن المالكي قائلاً : "إن هناك عناوين عديدة صدرت هذا العام اهمها كتاب (عالم داعش) للمحلل الستراتيجي هشام الهاشمي وعدد كبير اخر من الكتب و الروايات الهامة ."
وذكر المالكي : "ليست لدي قائمة بأهم الكتب مبيعا طبعا ، لكن ما اراه هو الاقبال الكبير على الروايات العراقية والعربية بشكل متزايد الى جانب كتب التنمية البشرية العديدة والمؤلفات الاجنبية من الروايات ."
بدوره ، قال الشاعر حبيب السامر: " اذا تناولنا الاحداث الثقافية بصريّا ،فهذا يعني اننا امام اكثر من حدث بارز ومهم في مقدمتها ومايزيدنا بهجة هو تكريم القاص محمد خضير بقلادة الابداع من قبل منظمة البصرة للثقافة في البصرة لمايشكله هذا التكريم من التفاتة مهمة للمبدعين ، لاسيما لشخصية مثابرة ومبدعة مثل محمد خضير ."
وأشار السامر قائلاً :"هناك احداث أخرى مثل اقامة ملتقى السياب الابداعي الذي اقامه اتحاد الادباء والكتاب في البصرة بالاضافة الى انعقاد ملتقى الرواية الثاني في البصرة ، اضافة الى العديد من الاستضافات لمبدعين مميزين من داخل العراق وخارجه لاسيما ادباء الكويت الذين ضيفهم اتحاد ادباء البصرة . "
كما ذكر مدير المركز الثقافي البغدادي طالب عيسى قائلاً " يُعد افتتاح مكتبة العلّامة العراقي أحمد سوسة من أهم الأحداث الثقافية لهذا العام لأنه حدث من نوع فريد ، وتكرار هذه التجربة يحتاج لوقت وكذلك بسبب اهمية الدكتور والعلّامة احمد سوسة في كتابة التاريخ العراقي القديم وتاريخ اليهود في العراق وكذلك تاريخ العرب وهو من اغزر الكتاب في العراق تأليفا وكتابة. "وأكد عيسى " أن اكثر الكتب تداولا هي كتب التصوف لانها تعيدنا الى الحياة التي يرتقي الانسان من خلالها الى عالم آخر ويحلق عاليا مبتعدا عن عالم المادة ومازال كتاب (قواعد العشق الاربعون) للتركية اليف شافاق من اكثر الكتب تداولا. "
وأشار الكاتب والمترجم احمد الزبيدي " كان رحيل الكاتب الالماني غونتر غراس من اهم الاحداث الثقافية لهذا العام لأنه يعتبرعلامة فارقة في تاريخ الادب العالمي ، أما بالنسبة للعراق فلا يوجد حدث ثقافي مميز يمكن اعتباره من اهم احداث العام . "وأكد الزبيدي قائلاً : " ان اهم كتاب صدر عام 2015 بالنسبة لي هو صدور الترجمة الانكليزية لرواية اورهان باموك. كذلك كتاب (لماذا تفشل الدول why Nations fail )،لمؤلفيه دارون اسيموغلو وجيمس روبنسون وهو كتاب مهم يبحث في اسباب فشل بعض الدول ويبحث في سؤال مهم : لماذا تنجح بعض الدول في تحقيق التقدم في حين تغرق اخرى في التخلف. "
كما قال الروائي نزار عبد الستار : "إن اختيار بغداد عاصمة الابداع الادبي من قبل اليونسكو يعد الحدث الابرز والاهم في عام 2015 فقد وقع الاختيار على بغداد من بين 47 مدينة عالمية تمثل 33 دولة وهذا الحدث جاء مفاجأة للعراقيين خاصة اثر الخيبة التي حدثت في اعقاب الاداء المهلهل الذي جرى في فعاليات بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013 . "
وبيّن عبد الستار قائلأ :"يُعد صدور ترجمة كتاب ادوارد سعيد المعنون "عن الاسلوب المتأخر / موسيقى وأدب عكس التيار" هو الحدث الابرز في عالم الطباعة فهذا الكتاب الغني بالمعرفة يعد الاخير الذي ألفه الراحل سعيد وهو موسوعة في الموسيقى والادب فضلا عن القدرة الاسلوبية الفذة التي يتمتع بها سعيد. أما الكتاب الاكثر تداولا في عام 2015 فهو "الحلة عاصمة السخرية العراقية المرة" لنوفل الجنابي . ورغم ان هذا الكتاب صدر عن دار المدى في عام 2014 إلا انه حقق انتشاره العريض عام 2015 في ظاهرة أجدها تستحق الاضاءة وهي في الوقت نفسه مفرحة وصانعة للامل ليس فقط بسبب سعة تداول هذا الكتاب وانما لجماليات اسلوب نوفل الجنابي الذي ادهشنا برشاقته وجذبنا بروعته . "
وقد اختلفت الآراء حول أهم الأحداث الثقافية لعام 2015 إلا ان اختيار بغداد كعاصمة للإبداع الأدبي من قبل اليونسكو يُعد الحدث الأهم بالنسبة للمثقفين الذين يرومون لأن يكون وطنهم الأول في الثقافة والعلم والأدب ، كما اختلفت إحصائيات القُراء لميولهم وتوجهاتهم في اختيار الكُتب إلا ان الرواية بشكل عام حازت على النسبة الأكبر من اهتمام المثقفين.