أنهت الرياضة العراقية عاماً آخر مُثقلة بتركةٍ من خصومات بعض أبنائها وتدافعهم عند أبوابها بحثاً عن منافع لم يكتفوا منها ومطامع مؤجلة يتحيّنون إطلالة العام الجديد علّه يأتيهم بها بعدما أحالوا واقعها الى ساحة لتصفية الحساب وضرب الأكفاء والاستحواذ على مقاعد لم يَعِدوا يليقون لها، فقد سَئِمت سطوتهم عليها ونَفرت وجوههم المتلونة وأبَت إلا أن تخبىء لهم هدية عيد الميلاد "ساعة موقوتة بالعد التنازلي" فرحيلهم اقترب.
عام يشبه كل الأعوام باستثناء العلامة الفارقة فيه إنه رفع أوراق التوت عن عورات عهودهم بإصلاح ثوب الرياضة المرقّع بفضائحهم واسترجاع كرامتها المهدورة على ابواب الاشقاء والغرباء وإذا بهم يستلون الخناجر والعصيّ ، يلوحون بمعارك شرسة لكل من يهدد مواقعهم بورقة القانون، كإنهم الورثة الشرعيون لأجداد الرياضة التي لم تَعرف طوال حُقبها الماضية نفوساً يستلذون بمعاناتها ويتفاخرون بتسوّلها ولا ينتفضون لأهوالها مهما أدمت قلوب الجماهير، فمن أية فصائل الضمير أنتم ؟!
في كل مرة تتساقط البيانات الحماسية لمسؤولين كبار في الرياضة على رؤوس جمهورها مستبشرين بأن العام المقبل أكثر تفاؤلاً من سابقه ، لكن أياً من العقلاء لم يصدقهم، فداخل كل مؤسسة ممن يقودها هؤلاء الكبار بسلطاتهم الإدارية والمالية صِراع قِوى قطبين أو ثلاثة يسعى كل منهم الى اسقاط الآخر ولا يكلف ذلك سوى تصريح مُغرض لا يتفق مع تطلعات المحسوبين على لعبة ما أو مؤسسة أو اتحاد ، يؤجج المعارضين ويثير غضبهم الى حدّ مطالبتهم بإزاحة الشخص المعني، وهكذا تتوالى الأزمات وتنسج الهيئات العمومية مواقف متشددة بسبب معلومة غير بريئة !
كثيرون تحدثوا عن ملفات رفع الحظر واستكمال ملعب البصرة وفتح أبواب فرانسو حريري استثنائياً وستراتيجية صوتنا الانتخابي دولياً، لكن لم يسأل أحد من المهتمين بهذه الملفات لماذا تهربون من اللقاء حول طاولة القرار السيادي وتلجأون للتفرّد بمساعٍ أقل ما يقال عنها تخفي أغراضاً خاصة ولا نقول مشبوهة، فاللاهثون وراء صوت العراق لم يحترموا تعهداتهم له بدعمه عملياً لأنهم اعلنوها لمجاملة ضيوفهم (سوالِف سَمر) ليس أكثر من ذلك، فلابد ان تلتقي جميع الجهات ذات العلاقة بالملفات السيادية وتتواءَم طروحاتها مع رأي الحكومة ورؤاها، فلا حلّ يُرتقب من دون مشورتها وطلب دعمها ليكون الطرف المقابل مسؤولاً أمام حكومته ايضاً ولا يستفرِد بموقفه بذريعة استقلالية الرياضة، فالجهد الدبلوماسي يلعب دوراً مؤثراً لإصدار قرارات ايجابية لكثير من الأحداث الرياضية من دون أن يمس القواعد والنظم المحرّكة لمواقف الأشخاص.
إن رياضة العراق باتت تقف على وادٍ سحيق ما لم يهرع ابناؤها لإيقاف المشاحنات والمآرب الهادفة لإعلاء شأن فلان وإسقاط علان، وللأسف اصبحت بعض وسائل الإعلام طيّعة بأيدي المتنفذين حسب العلاقات لدفع التهمة عن المقصّر مسؤولاً كان أم إدارياً أم مدرباً أم لاعباً ، بينما الجميع يعلم أن ما يُطرح في هذه الصحيفة أو تلك القناة لا يمت للحقيقة بشيء إلا بما يخدم مصلحة المتنفذ والزميل المطيع!
نتمنى في العام الجديد أن نرى صورةً مغايرةً لعلاقة الرياضة والإعلام في بعض الأزمات ، وأن تتغلب المبادىء على العواطف وتتحكم الأخلاقيات أولاً في ضبط ردة الفعل للتعبير عن حق شخصي أو جماعي بلا تهور وتهديد فارغين!
العـد التنازلي لتغربوا عنا
[post-views]
نشر في: 30 ديسمبر, 2015: 09:01 م