TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > 4 ملايين متظاهر

4 ملايين متظاهر

نشر في: 2 يناير, 2016: 09:01 م

أذهلني عدد المحتفلين في بغداد بأعياد رأس السنة حتى كدت لا اصدّقه. العدد بحسب أمانة العاصمة وصل قرابة 4 ملايين محتفل. اظنها أكبر مظاهرة تلقائية للفرح في تاريخ العراق كله. وحتى على صعيد العالم كلّه لا أظن ان شعباً احتفل بهذا العدد الكبير رغم مآسيه وأحزانه وجروحه. أربعة ملايين يتحدّون الخوف والموت والفقر لكي يحتفلوا قطعا يستحقون جائزة نوبل للفرح.
أن يصوت للفرح 4 ملايين عراقي وفي بغداد لوحدها، فتلك رسالة للذين زوروا نتائج الانتخابات ليفوز بها دعاة الهم والنكد والكدر. من يختار الفرح قطعا يريد العيش في دولة مدنية لا مكان فيها للظلاميين وأغبياء العصر الذين يظنون ان العراقي خلق فقط ليبكي وليكون مشروعا للموت بذريعة قيم الاستشهاد وما شابهها.
عندما يطرق العراقيون باب الفرح في زمن الحزن بهذه الأعداد المليونية فتلك لا يفعلها الا الشعب الحي. وهذه هي الرسالة العراقية الجديدة: صفعة على رأس من ظنّ انه قد نجح في اللعب على العراقيين وضحك عليهم لثماني سنوات سود ليسرق أموالهم وآمالهم باسم المذهب وثارات الحسين.
وانها رسالة للمتظاهرين كي يهزموا الفساد والمفسدين بالفرح. لكن عليهم ان يدركوا انه ليس كل فرح فرحا. ففرح المسروقين والمنهوبين والمقتولين والذين بيعت ثلث اراضي بلدهم للإرهاب له لون وطعم مختلفين. انه احتجاج الوعي على التخلف، والنور على الظلام، والصدق على الكذب، والنزاهة على الفساد.
في اول صور وصلتني من بغداد لشباب وصبايا يرقصون ويغنون للعام الجديد كانت تلوح لي تحت اقدامهم الفرحة رؤوس تسحق. كان أحدهم يقفز كما الطير في الهواء فتخيلته يبني جسرا تحت قدميه ليعبر به على همومه التي ابتلاها به حاكم أرعن وآخر جاهل أهوج.  
وقد تكون المشاركة في أغلب المناسبات الدينية وغير الدينية عرضة للنفاق والمتاجرة، لكن الفرح لا مجال للرياء فيه. والدليل؟ أنك ما دامت تفرح فلم ولن تجد وجها من تلك الوجوه التي سلطها عليك الزمن الغبي ستشاركك الفرحة او تحاول سرقة مظاهراتك.
تسلحوا بالفرح لتنتصروا على الإرهاب وعلى الذي جاء لكم به.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

كيف يمكننا الاستفادة من تجارب الشعوب في مجال التعليم؟

العمودالثامن: الغرق في الشعارات

العمودالثامن: رواتب نواب جزر القمر

العمودالثامن: ألف نكتة ونكتة عن النزاهة!!

قانون الأحوال الشخصية.. في مواجهة الامتثال إلى الماضي

العمودالثامن: مثقفون مزيفون

 علي حسين في هذا المكان كتبت عن ظاهرة مركز الرافدين وعن صاحبه زيد الطالقاني .. وقد كنت أشاهد مجموعة أطلق عليهم زوراً لقب مثقف يشاركون في فعاليات مركز الرافدين ، والبعض منهم أصبح...
علي حسين

قناديل: لحافٌ يا مجلس المحافظة؟

 لطفية الدليمي أحسبُ أنّ معظمنا رأى المشهد الهزيل عبر الصور المنشورة في وسائل التواصل الاجتماعي: رئيس وأعضاء مجلس محافظة المثنى يقدّمون لطالبة متفوقة في السادس الاعدادي هدية تفوقها وهي (لحاف)، لحاف وحسب. ترى...
لطفية الدليمي

قناطر: الواقع الصحي بين البصرة والكويت وأيمن حسين

طالب عبد العزيز صورة القطاع الصحي في العراق لا تسر، وسمعة الطبيب العراقي على علميته وكفاءته مشوشة في ذهن المريض والمتابع والمواطن السليم أيضاً، وحال المستشفيات في البصرة وغيرها من المحافظات لا ترقى الى...
طالب عبد العزيز

السينما بين الفن والسياسة:فيلم "حياة الماعز" أنموذجاً

د. طلال ناظم الزهيري تاريخ السينما هو مسيرة حافلة تعكس التقدم التكنولوجي والإبداعي في صناعة الأفلام. حيث بدأت السينما في أواخر القرن التاسع عشر تزامنا مع اختراع آلات العرض الأولى مثل جهاز "الماسكوب" الذي...
د. طلال ناظم الزهيري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram