ظواهر سلبية عديدة انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير ومن دون محاسب أو رقيـب، سيارات تُركن ولا تُفتش شوارع وأحياء تحوّلت الى مرائب غير نظامية، تُستخدم لكل الأعمال المشروعة وغير المشروعة! فما أن تُركن سيارة في شارع رئيسي أو فرعي حتى يأتيك مَن يحمل ورقة

ظواهر سلبية عديدة انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل كبير ومن دون محاسب أو رقيـب، سيارات تُركن ولا تُفتش شوارع وأحياء تحوّلت الى مرائب غير نظامية، تُستخدم لكل الأعمال المشروعة وغير المشروعة! فما أن تُركن سيارة في شارع رئيسي أو فرعي حتى يأتيك مَن يحمل ورقة صغيرة مكتوباً عليها (أجرة الوقوف 5000 دينار) أو حتى لا يحمل شيئاً وكأنه يملك المكان.
هذه التجاوزات زادت من معاناة الأحياء السكنية التي تقع بالقرب من تلك المرائب التي لا يحتاج العاملون فيها الى رأس مال، بل جماعة مسلحة او عشيرة تجيد استخدام لغـة التهديد والوعيد والتجاوز!

إتخاذ اجراءات صارمة
عدم وجود رقابة أو حتى محاسبة من قبل امانة بغداد والجهات المختصة، أسهم  في انتشارهذه الظاهرة وسط الأحياء السكنية فحسب، بل بالقرب من الدوائر الخدمية المختلفة اضافة الى المراكز التجارية والمولات والمطاعم وحتى المجمعات الطبية. ففي منطقة الكرادة خارج حيث يوجد اكثر من مكان للتسوّق وما ان قمنا بالتوقف بالسيارة حتى جاء رجل في العقد الثالث من العمر، أول سؤال وجهه لنا وقبل النزول من السيارة: تتأخر لو ترجع بسرعة؟ من دون أية مبالاة بما قد تحمله هذه العجلة مما يمكن ان ينفجر في المكان ويخلف عشرات القتلى والجرحى بسبب عدم مسؤولية هؤلاء الذين يستغلون الشارع لتحقيق منفعة شخصية!

التعاون مع القوات الأمنية
باسل ابراهيم يقف قرب احد المجمعات الطبية في منطقة الحارثية قال لـ(المدى) إن المراجعين الذين يأتون الى المجمعات الطبية لا يقبلون دفع حتى ألف دينار ونتركهم برغم تحملنا حماية سياراتهم وآخرون يدفعون  (3) آلاف دينار ومَن يسألنا عن السعر نطلب ألفي دينار ومن دون أي وصل او رخصة. مبينا: ان هناك تعاوناً مع القوات الأمنية المتواجدة بالمكان بهذا الشأن ومع اصحاب المجمعات والعيادات الطبية.
بينما علـَّق احد الواقفين على رصف السيارات في منطقة المنصور: ان الشوارع الفرعية تستقبل العشرات من السيارات التي لا تجد مكاناً لها في بارك  مول المنصور وهو مع اثنين من أصدقائه قاموا بترتيب شارع يقع خلف المول ويسلمون وصولات لأصحابه ولا يحمل جملة مجاز من امانة بغداد. وحقيقة مَن يأتي ويركن سيارته يعلم ان الشارع ليس (كراج) او ما يسمى مرآب لوقوف السيارات بشكل نظامي لكن مطمئن على سيارته من السرقة وإن كان عملنا عشوائياً ولا يوجد فيه فحص لكن اغلب مَن يركُن سيارته هي العوائل .

الناس على باب الله
يبدو أن انتشار المرائب  العشوائية كان مكملا لانتشار معارض بيع وشراء السيارات التي امتدت داخل الأحياء السكنية وفي شتى أرجاء مناطق بغداد. كم إجراءً أمنياً واحترازياً قامت به عمليات بغداد ومنذ اعوام عدة لتجنب انتشار هذه المعرض لكن من دون جدوى وانما امتدت العدوى وشملت أجزاءً كبيرة من الأراضي التي تعود ملكيتها إلى الدولة ومن ضمنها مرآب البياع الرسمي الذي قُطعت أجزاء منه من قبل بعض اصحاب المعارض؟ وتحدث  أبو حيدر لـ(المدى) : لماذا دائما نسمِّي ما يفعله الناس من عمل تجاوزاً، لافتا: استغلال الارض بانشاء معرض او مرآب مبيت للسيارات  أفضل من بقائها فارغة تُستغل لرمي النفايات! مبينا: لا يمكن لمن استغل الارض الحصول على رخصة لكن هناك طرقاً أخرى يمكن ان تساعده على البقاء اطول وقت ولا يحتاج الأمر الى شرحها فليس هناك محاسبة او رقابة و(الناس على باب الله).

ابتزاز ومحاربة رزق
فيما أبدى مالكو هذه المرائب ومعارض بيع السيارات استياءهم للإجراءات التي يمكن ان تتخذها أمانة بغداد او عمليات بغداد لإغلاقها، معتبرين إياه ابتزازاً ومحاربتهم في أرزاقهم، فقرب مرآب البياع تحديداً عشرات من  مرائب ومعارض بيع وشراء السيارات أُنشئت وبشكل حديث وسُيّجت وحُددت مساحتها من قبل الناس. ابو حميد صاحب احد المعارض علق قائلا: معارض الحبيبة يوجد فيها متجاوزون ومنذ سنوات عدة ولم تتم محاسبتهم او إزالتهم. مبينا: انهم قاموا بوضع كاميرات مراقبة وحتى تفتيش السيارات التي تدخل الى المعارض.
 اما في ما يخص ملكية الارض فهي أكيد للحكومة مثلما اوضح ولم نضرَّها ، متابعا: انها كانت فارغة وصرفنا الاموال لتنظيفها وترتيبها. داعيا: من يريد ازالتها عليه تعويضنا وتخصيص اماكن أخرى بديلة. منوِّهاً: ان هذه المعارض تعيل عشرات العوائل ممن يعملون فيها او يتاجرون بالسيارات او ينظمون العمل وغير ذلك.

غير المرخصة
موقف الجهات الرسمية امانة بغداد وقيادة عمليات بغداد الذي كان منذ عام 2013 حيث شرّعت قيادة عمليات بغداد بالتنسيق مع أمانة العاصمة على تنفيذ حملة لرفع التجاوزات الخاصة بانتشار المئات من مرائب ومعارض بيع السيارات، ضمن الخطة الامنية التي بدأت بتنفيذها قوات الأمن في بغداد.
مسؤول العلاقات والإعلام في امانة بغداد في تصريحات لـ (المدى) أوضح : أن أمانة بغداد وبالتنسيق مع قيادة عمليات بغداد بدأت بتنفيذ حملة واسعة لإزالة التجاوزات في بغداد الخاصة بانتشار مرائب ومعارض بيع السيارات غير المرخصة. مشيراً: ان الأمانة منحت أصحاب المرائب ومعارض بيع السيارات مهلة محددة لإزالة التجاوزات او العمل لاستحصال رخص رسمية تجيز عملهم، وبعد انتهاء المهلة ستتخذ الامانة إجراءات بحجز العقارات، والمركبات الموجودة داخلها.

إزالة التجاوزات
اما المتحدث الرسمي لقيادة عمليات بغداد العميد سعد معن فقد اكد لـ(المدى) أن القوات الأمنية ومنها عمليات بغداد تعمل على إزالة كل التجاوزات ورفعها واغلاق المرائب ومعارض السيارات غير النظامية ومحاسبة المتجاوزين على القانون. مبينا: انها اغلقت المئات من هذه المرائب العشوائية.
واضاف معن: مَن تثبت عدم قانونيتها ترفع فوراً، لافتا: هناك مرائب ومعارض بيع وشراء سيارات رسمية لكن أُغلقت لعدم توفر الشروط الامنية او عدم تجديد الاجازة بمزاولة المهنة. موضحا: ان هناك مجموعة من الاجراءات القانونية على اصحاب المرائب اتباعُها، منها وضع لوحات يكتب فيها اسم المرآب واسم الشخص المستغِل للمكان والجهة التي أعطته الموافقة.

عمليات سرقة وسطـو
أم هند موظفة تسكن في شارع فلسطين شكت كثيرا من انتشار ساحات مبيت السيارات ومرائب غسل السيارات واشارات لـ(المدى) ان العديد من البيوت تعرضت الى اعمال سرقة ومنها بيتي. موضحة: ان الكثير ممن يترددون على هذه الساحات والمرائب ليسوا من سكنة المنطقة ولا يربطهم أي عمل بها. مضيفة: ان الخوف تسرّب الى العوائل خوفاً على أولادهم من الخطف والقتل من قبل تلك العصابات التي تتجول في المطقة وتتخذ من هذه الساحات والمرائب مقرات لها، حسب قولها.
اما اكرم الميالي محاسب في احد مكاتب الصيرفة في منطقة الغدير فقد اشار لـ(المدى) الى خطورة تواجد هذه الساحات والمعارض وسط الاحباء السكنية. موضحا: انهم تعرضوا الى عملية سطو اسفرت عن سرقة قرابة 110 آلاف دولار وبعد القبض على العصابة تبين انهم يعملون في احد المرائب الخاصة بمبيت السيارات. لافتاً: أنهم يسكنون منطقة أخرى.

فوضى سقوط النظام
الى ذلك  قال المهندس البلدي محمد سامي لـ(المدى) ان اهم اسباب انتشار مثل هذه المرائب يعود لاستغلال البعض للفوضى التي أعقبت سقوط النظام. مبينا: انهم  وضعوا اليد على بعض المساحات من الاراضي وتم استخدامها كمرائب وقوف ومبيت بسبب كثرة اعداد السيارات التي دخلت البلد عقب سقوط النظام السابق. واسترسل المهندس البلدي: ان من الاسباب الاخرى غياب القانون وعدم متابعة الأمر من قبل الجهات المعنية التي يقع على عاتقها إزالة هكذا تجاوزات او متابعة ما يحدث بداخلها من اعمال.  

مصادر التمويل والقانون
فيما تساءل المدرس احمد خليفة في حديثه لـ(المدى) عن مصادر تمويل وتوسيع هذه المعارض، فمن غير المعقول ان يتحول الشخص بين ليلة وضحاها من مواطن عادي الى ملياردير يملك معرض سيارات فارهة وحديثة؟! مشيرا: الى كم من الفوضى والازعاج الذي تسببه هذه المعارض وسط الأحياء السكنية ناهيك عن المضايقات الاجتماعية.
واضاف خليفة: ان تم القبض على بعض العصابات الخطرة التي تعمل في هذه المعارض والساحات وحتى مرائب مبيت ووقوف السيارات التي اخذت تشكل خطرا على العوائل. مبينا: ان اغلب مرتادي او العاملين في هذه الساحات او المرائب من مناطق سكنية أخرى، ربما تربطهم علاقة باحد ابناء المنطقة، او استغلوا حالة الفوضى وانعدام تطبيق القانون بشكل صارم.