TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فاتورة السفارة السعودية

فاتورة السفارة السعودية

نشر في: 2 يناير, 2016: 09:01 م

عندما سرب ويكيلكس، الصيف الماضي، وثائق بالغة السرية للخارجية السعودية، اكتشفنا حينها حجم التضليل الذي مارسه عراقيون، ساسة وشيوخ عشائر وضباط سابقون، وإعلاميون، على صانع القرار السعودي.
كان الكثير من العراقيين، بعد سقوط نظام صدام، يتزلفون الى البلاط السعودي عبر قائمة طويلة عريضة من التلفيق السياسي والأمني حول الاضطهاد الطائفي الذي تتعرض له هذه الجماعة وذلك الحزب وتلك الكتلة السياسية.
استغل الكثير من شيوخ الصدفة وساسة ما بعد 2003، الخوف السعودي من اسقاط صدام لاستنزاف الدعم السعودي بشكل متواصل حتى 2010. اثرى هؤلاء المستجدون من سفارات الرياض في عواصم الجوار، واتخموا بالمال السياسي لقاء متاجرتهم المزيفة بقضايا مكوناتهم وأحزابهم. فماذا يفعل السعودي سوى نجدة شخص يدعي المشيخة على هذه القبيلة او تلك العشيرة، ونصرته بسخاء تحت مسميات المقاومة، أيام تواجد الاميركان، او الطائفة بعد ذلك. كان هؤلاء يستجدون باسم الجهاد، والشهداء، ويرفعون شعارات التهميش، والعروبة، مستغلين الخوف السعودي من عراق ما بعد صدام.
لكن سرعان ما اكتشف السعوديون زيف أساليب "النصب والاحتيال" التي مارسها هؤلاء الساسة والشيوخ، وقرروا منع التعامل مع جهات اتضح انها "مقاومة فضائية" لا وجود لها على الارض.
فقد كشفت وثائق ويكليكس حجم التشويه الذي مارسه المتقربون للرياض، او من تعتبرهم محط ثقتها، ممن كان أغلبهم إما مطلوبا للجهات الامنية والقضائية، او له علاقة بجماعات مسلحة تقتل على الهوية الطائفية في بغداد وديالى والموصل.
ما فعله هؤلاء "المخبرون الدوليون"، خلال الاعوام التي اعقبت 2003، أثر بشكل واضح على الميديا العربية التي باتت تردد الحديث عن احتلال ايراني لبغداد، والتشكيك بعروبة مكونات عراقية أصيلة، كما دأبت على الصاق التهم الطائفية والعنصرية بالجيش العراقي ومؤسسات الدولة. فأصبح من الطبيعي ان يُسأل العراقي، عندما يزور اي بلد عربي، عن تداول العملة الايرانية في البصرة، او استخدام اللغة الفارسية بالمخاطبات الرسمية، او ان يقدم الجزية لشيخ صفوي إحتل مضيف عشريته!
بعيداً عن الجدل السياسي الذي أثارته ويكليكس السعودية، آنذاك، وبعيدا عن التخوين والتخوين المضاد الذي وِجه لقادة سياسيين وأحزاب مختلفة على علاقة متفاوتة بالرياض، طالبت حينها بضرورة تسريع افتتاح السفارة السعودية في بغداد لانهاء التشويش الذي تعاني منه القيادة السعودية في مقاربتها للملف العراقي.
اليوم وتزامنا مع عودة السفارة السعودية الى بغداد، ووصول السفير الجديد، ثامر السبهان، كشف الاخير لوكالة انباء المملكة عن "ثمن" هذه الصفقة الدبلوماسية التي تفضل بغداد التكتم على تفاصيلها.
وقال السبهان ما نصه "ان السعوديين المفرج عنهم أخيراً من السجون العراقية سيصلون الى المملكة قريبا". واللافت ان تصريح السفير السعودي يتحدث عن صفقة مبرمة باحكام، افضت الى الافراج عن محكومين سعوديين، لم يكشف عن عددهم، وانهم في طريقهم الى بلادهم. وكان السبهان أكد مرارا بانه سيضع ملف المعتقلين السعوديين على رأس اولويات عمله في بغداد.
وللتذكير فان الخطاب الرسمي السعودي لا يعترف بوجود "معتقلين سعوديين" في السجون العراقية، بل يستخدم، وبقصد، مصطلح "الاسرى" للحديث عن محكومين بقضايا ارهاب بعد اعتقالهم داخل الاراضي العراقي وهم يمارسون القتل والتفخيخ وزعزعة الأمن بحجة الجهاد.
شخصيا لا اعترض على تسوية هكذا ملفات بين الدول، ولكن وفق أساس عادل وفي إطار صفقة متكاملة تضمن بموجبها السعودية للجانب العراقي تسوية سياسية وأمنية.
على حكومة العبادي ان لا تقبل بفاتورة متواضعة، كافتتاح سفارة مقرها الخضراء، لقاء الافراج عن مئات الارهابيين الذين يتحملون مسؤولية دماء آلاف العراقيين.
فاي صفقة بين بغداد – الرياض، يجب ألا تتغافل عن المطالبة باستعادة الانبوب العراقي الذي صادرته السعودية بعد حرب الخليج الثانية، وان لا تنسى ديون صدام التي لازالت الرياض تطالب بها،  وان تأخذ بنظر الاعتبار الدور السعودي بهبوط أسعار النفط، والازمة الاقتصادية التي نعيشها, فضلاً عن عشرات المعتقلين  العراقيين  في سجون السعودية.
المعتقلون السعوديون، ورقة تفاوضية مهمة لا يسمح أبدا التفريط بها تحت اي ذريعة او ضغط اقليمي او دولي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

«الإطار» يطالب بانسحاب السوداني والمالكي.. وخطة قريبة لـ«دمج الحشد»

تراجع معدلات الانتحار في ذي قار بنسبة 27% خلال عام 2025

عراقيان يفوزان ضمن أفضل مئة فنان كاريكاتير في العالم

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

بغداد تصغي للكريسمس… الفن مساحة مشتركة للفرح

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram