TOP

جريدة المدى > تحقيقات > القبول المركزي في الجامعات الأهلية..ينصِف مسيرة التعليم العالي ويُخذِل طموحات الأهالي

القبول المركزي في الجامعات الأهلية..ينصِف مسيرة التعليم العالي ويُخذِل طموحات الأهالي

نشر في: 4 يناير, 2016: 12:01 ص

تراجعت مسيرة التعليم العالي في العراق في الآونة الأخيرة وتفاوتت الآراء حول أسباب هذا التراجع فالبعض علق الأسباب على قرارات الوزارة الضعيفة وغير المدروسة وآخرون علقوا الأسباب على وجود عدد كبير من الكليات الأهلية التي باتت تعمل كسوق لبيع الشهادات لمن ي

تراجعت مسيرة التعليم العالي في العراق في الآونة الأخيرة وتفاوتت الآراء حول أسباب هذا التراجع فالبعض علق الأسباب على قرارات الوزارة الضعيفة وغير المدروسة وآخرون علقوا الأسباب على وجود عدد كبير من الكليات الأهلية التي باتت تعمل كسوق لبيع الشهادات لمن يدفع أكثر وبغض النظر عن المستوى العلمي للطالب، ونتيجةً لذلك لجأت الوزارة لحل تلك الأزمة من خلال تفعيل قرار القبول المركزي في الكليات الأهلية وتحديد نسبة الطلبة المقبولين في هذه الكليات وفقاً للطاقة الإستيعابية للطالب نسبةً إلى عدد الطلاب داخل القاعة الدراسية  بعد أن كان القبول بأعداد ضخمة وعشوائية  ، ويبدو أن هذا القرار الذي كان يهدف إلى النهضة بالواقع العلمي والتدريسي في العراق لم يُلقِ قبول الطلاب وذويهم الذين اعترضوا لأسباب تفاوتت بين المبالغ المدفوعة أثناء التقديم ومن أجل تفعيل الكليات التي يقدم لها الطالب وبين عدد الطُلاب المقبولين في كلية ما ، أو قيم الأقساط الدراسية السنوية المدفوعة لهذه الكلية او تلك.

 

قتل الطموح العلمي
محمد كاظم والد إحدى الطالبات المُتقدمات الى الكلية الأهلية تحدث لـ(المدى): إن ابنتي أكملت الدراسة الإعدادية بمعدل (85%) وهذا المعدل كافياً لإدخالها كلية طب اسنان او صيدلة في الجامعات الأهلية.مضيفا: بعد تفعيل وملء استمارة القبول لخمس كليات مقابل 50 الف دينار لكل استمارة، جاءني اشعار بقبوب ابنتي في احدى كليات طب الأسنان وبعد دفع القسط الاول حسبما طلبوا اخبروني بعد شهر ان المنافسة والمعدلات العالية كانت سبباً بإقصاء ابنتك.
واضاف كاظم: نتيجةً لمحدودية القبولات التي حددتها وزارة التعليم العالي اذ فرضت قبول (200) طالب بدل (400) مثلما كان معمولاً في السنوات الماضية. مبينا: ان ما يُعانيه أبناؤنا من تحطيم طموحاتهم سيدفعهم للمغادرة إلى خارج العراق لإكمال دراستهم كالأردن وماليزيا وغيرهما وهذا بدوره سيعمل على قتل ولاء الفرد لوطنه الذي لم يُلبِ لهُ حتى طموحه.

العودة الى الحكومية
وسن سامي إحدى الطالبات من ذوات التقديم الجديد قالت لـ(المدى) قمت بالتقديم الى خمس كليات أهلية وكان تقديمي محدداً على كلية طب اسنان أو صيدلة. مبينة: انها ملأت استمارة التقديم لكل كلية ترغب الدخول فيها بمبلغ (50) الف دينار. مضيفة: حين ظهرت القبولات كانت مُقتصرة على قبول (200) اسم من ذوي معدلات الـ(92) فما فوق وتم رفض قبولي في هذه المجالات ذلك لأن معدلي دون الـ(90%).
وأضافت الطالبة وسن: وعدتنا الوزارة بإعادة التقديم للكليات الأهلية ضمن حدود معدلاتنا من جديد مثل كليات العلوم او الهندسة وذلك بعد عدم قبولنا في كليات الطب والصيدلة. منوهة: وهذا ما دفعني للرجوع إلى الكلية الحكومية لأكون طالبة في كلية العلوم قسم الكيمياء جامعة النهرين.

بيع الشهادات !
بدوره قال أحد طلاب الكليات الأهلية سيف علي قاسم لـ(المدى): المُتعارف عليه ان الكليات الأهلية إنها تهتم بالمردود المادي ولا تُراعي أهمية حضور الطالب أو غيابه. مبينا: فإذا تأخر الطالب عن دفع أقساط الكلية سيتم محاسبته بالأنذارات، أما اذا دفع الطالب الاقساط وتغيب عن الدوام لن تتم محاسبته على أسباب وساعات الغياب.
وأضاف قاسم: إن الجامعات الأهلية لا تهتم بطاقة استيعاب الطالب في القاعة الواحدة مع تناسبها مع عدد الطلاب داخل القاعة فتكون القاعة الدراسية ممتلئة بالطلاب. مسترسلا: وهذا سيؤدي إلى تشتيت إمكانية استيعاب الطالب اثناء إعطاء المحاضرة. مشددا: باتت الجامعات الأهلية اسواقاً لبيع الشهادات بغض النظر عن المستوى التعليمي للطالب والمستوى الأدائي للهيئة التدريسية!

كليات خارج الضوابط
المسؤول الإعلامي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي حيدر العبودي تحدث لـ(المدى) بهذا الشان: ما يتعلق بالقبول في الكليات والجامعات الأهلية سابقا كانت قبولات مباشرة وكان الطالب يقصد الكلية الفلانية ويقدم أوراقه بشكل مباشر. مبينا: ما أفرز بالسنوات الماضية حالات تورط الكثير من الطلبة بكليات أهلية غير معترف بها ويتفاجأ الطالب بعد مرور سنوات بهكذا كليات ! موضحا: ان هذه الكليات خارج المعايير العلمية التي تفرضها الوزارة، الامر الذي سبب الكثير من الاشكالات للطلاب والوزارة.
واضاف العبودي: نتيجة ذلك دعت الوزارة إلى أن يكون قبول الكليات الأهلية بإشراف مباشر  من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي عن طريق ملء استمارة ألكترونية مشابهة للاستمارة التي يتم ملؤها في أثناء التقديم للكليات الحكومية. مشيراً: إلى ان الطالب الذي يتقدم لهذه الكليات سيجد فقط الكليات الأهلية المعترف بها وبهذا سنجنب الطالب عمليات التضليل التي يستخدمها أصحاب رؤوس الأموال الذين يضعون شعارات تُغري الطالب من خلال افتتاحهم كليات غير معترف بها، مستدركا: كل هذا الإداء من أجل الطالب أولاً ومن أجل تعشيق ملف التعليم الأهلي مع ملف التعليم  الحكومي وهذا إجراء علمي يخدم العملية التعليمية في العراق ويتحكم بمدخلات التعليم العالي وبذلك نضمن مخرجات جيدة.

خرق الطاقة الاستيعابية
وفي ما يخص تقليص عدد الطلاب في الكلية الواحدة ذكر العبودي: عملنا على هذا التقليص بعد دراسة علمية وحقيقية ووضعنا في كل بناية عدداً من الطلاب في ما يتناسب مع الطاقة الإستيعابية العلمية والمختبرية، ومدى تجاوب الطلاب مع المحاضر أثناء إلقاء المحاضرة داخل القاعة الواحدة وبذلك كان يتوجب علينا أن نقوم بهذا التقليص، مستطردا: فالعملية ليست زج العديد من الطلاب داخل بناية واحدة فقط من أجل الحصول على ارقام مالية مغرية لأصحاب رؤوس الأموال المسؤولين عن هذه الكليات ولم نعمل بالتقليص إلا بعد مخاطبة الكلية رسمياً لدراسة مدى الطاقة الاستيعابية لكل بناية.
وأوضح العبودي: وجدنا إن بعض الكليات الأهلية تسجل مقدار طاقتها الأستيعابية بأنها (400) طالب في حين إنها تقبل (1000) طالب من أجل الفائدة المادية لا غير، مؤكدا: ان هذا سيكون على حساب الطالب وعلى حساب  التعليم، لافتا: نعمل اليوم على التحكم والتقنين لمسار التعليم الأهلي من اجل مصلحة الطالب والعراق، نعم قد يتضرر اصحاب رؤوس الأموال الذين يقفون خلف تلك الكليات لكن هذا لا يعنينا بقدر ما يعنينا الطالب ومستوى التعليم.

التنافس حسب المعدل
وبشأن أجور استمارة القبول أوضح المسؤول الإعلامي لوزارة التعليم العالي: بالنسبة لأجور تفعيل استمارات القبول بمبلغ (50) دينار لكل كلية يرغب الطالب بالدخول هذا الأمر كان منذ السنين السابقة ولا زال حتى اليوم ، وبالنسبة للوزارة لا تستطيع التدخل في المعطيات المالية للجامعات الأهلية أو تغيير ذلك ،لأن الجامعة الأهلية تملك استقلالا مالياً. مشددا: لقد وضعنا حداً أدنى للمسموح لهم بالتقديم مثلا كليات طب الاسنان والصيدلة وضعنا الحد الأدنى لها نسبة (80%) من المعدلات وهنا سيتم تقديم العديد من الطلاب ذوي معدلات أعلى من (80%) وسيكون التنافس في ما بينهم. مؤكدا: ان هذا التنافس خارج سيطرة الوزارة لأن واجب الوزارة ليس التدخل بالتنافس وإنما في تحديد نسبة الحـد الأدنى للتنافس.

مشاكل مادية وصرفيات
التدريسية سهام العزاوي أوضحت لـ(المدى): للجامعة الأهلية سياستها الخاصة فهي تعمل للطالب الذي لم يستطع تحقيق طموحه بسبب عدم تناسب معدله مع القبولات الحكومية على منح طموحه. مستدركة: إلا إن هذا العام قامت الوزارة بتحديد عدد مقاعد الطلاب المقبولين وذلك من أجل الطاقة الاستيعابية التي تصب بالنهاية في مصلحة الطالب نفسه برغم المشاكل المادية التي ستواجهها الكلية والتي ستؤثر بدورها على صرفيات الكلية وتلبية إحتياجاتها وإحتياجات أساتذتها من رواتب وصرفيات أخرى.
وأضافت العزاوي: لا يُمكن نُكران إن بعض الكليات الأهلية تعاملت بشكل تجاري مع التعليم. مشيرة: إلا أن بالرغم من ذلك ما زالت هنالك كليات رصينة هدفها الأساس تفعيل ودعم التعليم في العراق وتطويره .

سياسة الكلية والتدريس
وبخصوص مبالغ الاقساط الكبيرة التي تستحصل من الطلاب قالت التدريسية سهاد العزواي: هذا أمر يعود للسياسة الإدارية والرئاسية للكليات فنحن هنا تدريسيون نُعنى بالجانب التعليمي فقط ونحاول تقديم أفضل ما لدينا بغض النظر عن سياسة الكلية التي تتعارض معنا في كثير من الأحيان. مشددة: على إعتبارنا نحاول جاهدين التعامل مع جيل جاد يملك رصانة علمية مُهيأ بشكل جيد لقيادة المجتمع بعيداً عن العمليات التجارية التي تتستر بالعلم في بعض الكليات والجامعات.

الطب والصيدلة والهندسة
هذا ولا تزال الوزارة تحاول جاهدة من أجل خلق حالة علمية رصينة داخل الجامعات بالرغم من وجود مافيات الجامعات الأهلية، وقد أيـد العديد من الطلاب والأهالي وشدوا على يد الوزارة بسبب قرار تفعيل القبول المركزي في الجامعات الأهلية مُنتظرين بذلك قرارات أكثر صرامة تهتم بتقنين الجانب المالي للكليات الأهلية، في حين يقف البعض ضد الوزارة بهذا القرار مُدعين بأن هذا القرار سيقتل الكثير من المطامح الشابة في قبولها ضمن كليات المستوى الأول (الطب والصيدلة والهندسة) بعد أن كان أملهم مرتبطاً بالقبولات الأهلية وهذا الأمر سيؤدي إلى تصدير الطاقات الشابة إلى خارج العراق وبذلك لن تُفيـد وطنها .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram