في خبر عابر على (الفيسبوك) عرفنا ان الكاتب المسرحي المبدع (نور الدين فارس) قد رحل عنا الى عالم الخالدين من الأدباء والفنانين . وللأسف لم يحظ هذا الخبر المؤلم بأي اهتمام لا في صحافتنا ولا من الجهات الأدبية او الثقافية وكأن الجميع قد نسوا ما تركه ذلك المبدع من اعمال مهمة في حركة المسرح العراقي.
ولد (نور الدين) في مدينة (شهربان) بمحافظة ديالى وذهب الى (روما) لدراسة النحت ولكن الحنين الى الوطن دفعه للعودة الى العراق ليدخل (دار المعلمين العالية) وتخرج فيها عام 1961 وعمل مدرساً في المدارس الثانوية ودرّس في معهد الفنون الجميلة. واضطر لمغادرة الوطن الى احدى دول اوروبا الشرقية اواخر عام 1963 تخلصاً من مطاردة ازلام السلطة، وهناك في بلغاريا ،على ما اظن، نال شهادة الدكتوراه ثم التحق بجامعة وهران في الجزائر ليعمل مدرساً في احدى كلياتها وذلك عام 1984 وبقي هناك حتى اواخر ايام حياته.
نُشر لنور الدين فارس عدد من النصوص المسرحية انتج البعض منها من قبل الفرق المسرحية العراقية وخاصة فرقة (اتحاد الفنانين). كانت مسريحة (اشجار الطاعون) أولى مسرحية له انتجتها (فرقة المسرح الشعبي) اواخر الستينات من القرن الماضي، وتتحدث المسرحية عن اضطهاد رجال الاقطاع للفلاحين الذين غالباً ما يثورون او يتمردون من اجل استرداد حقوقهم. وتحت عنوان (طريق آخر) نُشرت له سبع مسرحيات قصيرة عام 1966. وفي مقدمته لتلك المسرحيات كتب (نور الدين) يقول: "يخطئ من يعتقد ان واقعية المسرح تقليد وانعكاس لما هو موجود في الواقع المألوف بشكل حرفي دون خلق وابداع لأن مثل هذا يعني بالضرورة تجريد المسرح من ابرز مهماته في المساهمة بتشييد الحضارة وازدهارها فالمسرح خصب وعطاء يثري التجارب الانسانية ويفسح مجالاتها بانطلاق الأخيلة وإيقاد (الإدراك) كما يصقل ويهذب الطاقة والاحساس".
انتجت له (فرقة اتحاد الفنانين) ومن اخراج (عبد الوهاب الدايني) . وعن المسرحة كتب الاستاذ الاديب والناقد الراحل (الدكتور علي جواد الطاهر) في مقدمتها يقول: جمع نور الدين فارس بين دراسة اللغة العربية في دار المعلمين العالية (يُذكر ان كلا من الشعراء السياب والبياتي والملائكة ولميعة قد تخرجوا فيها) والتمثيل في معهد الفنون الجميلة ونجح في الاثنين" واستطرد (الطاهر) قائلاً عن المسرحية: مكتملة متدرجة في حبكة ودهاء ووعي كأنه اللاوعي وجهد كأنه السهولة، تجمع بين الفن والفكرة وتدل على نضج التجريد الفنية واختبار التجربة الفكرية.. انها خطوة مهمة في تاريخ المسرحية العراقية." تتطرق المسرحية في موضوعتها الى المشاكل الاجتماعية لعائلة فقيرة الحال مكونة من زوج وزوجة وابنة واربعة نزلاء يسكنون الدار نفسها وتتعقد العلاقات بين الشخصيات الرئيسية والثانوية وتنتهي المسرحية ببقاء الزوجة لوحدها في البيت حيث يتركها الزوج وابنتها مع النزيل (عامل البناء) وقد اختارته ليكون زوجاً لها من بين اولئك الذين عملوا المستحيل من اجل ان يحظوا بها وفي اختيار (عامل البناء) زوجاً انما انتصار للطبقة العاملة الشريفة.
قال الاستاذ الراحل الدكتور (صلاح خالص) عن المسرحية: "(البيت الجديد) صورة مكثفة تتغلغل في النفس عن طريق الرمز والايحاء والانطباع هيأت المجال للمخرج ان يزيد افكارها عمقا وشخصياتها اصالة بابداعه وفنه.." وقال عنها الناقد (محمد الجزائري): "(البيت الجديد) اضافة حضارية في المسرح العراقي ومرحلة تكامل فكري وتقني في مسرحنا الهادف وهي حالة عبور فعلاً الى الافضل والاروع". وقال المؤرخ المسرحي (احمد فياض المفرجي) عن المسرحية: "في (البيت الجديد) انتصار للانسان الجديد ، انسان المستقبل وانسان البحث عن الخصب والرفاه والعلم".
ومع هذا فقد كتب اغلب مسرحياته باللغة العامية – اللهجة لاعتقاده ايضا انها تناسب الشخصيات التي اختارها من الاوساط الشعبية.
رَحَلَ الكاتب المسرحي (نور الدين فارس) مغترباً منسياً
[post-views]
نشر في: 4 يناير, 2016: 09:01 م
يحدث الآن
مجلة بريطانية تدعو للتحرك ضد قانون الأحوال الشخصية: خطوة كبيرة الى الوراء
استشهاد مدير مستشفى دار الأمل الجامعي في بعلبك شرقي لبنان
استنفار أمني والحكومة العراقية تتحرك لتجنيب البلاد للهجمات "الإسرائيلية"
الـ"F16" تستهدف ارهابيين اثنين في وادي زغيتون بكركوك
التخطيط تحدد موعد إعلان النتائج الأولية للتعداد السكاني
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...